بعد نحو 25 عامًا، تعود مصر لقيادة إفريقيا، بترؤسها الدورة الحادية والثلاثين للاتحاد الإفريقي لعام 2019 خلفًا لرواندا التي تسلم القاهرة الرئاسة خلال القمة الإفريقية المرتقبة نهاية يناير الجاري بأديس أبابا.
وقد نجحت مصر في استعادة مكانتها التاريخية بين دول القارة في وقت قياسي، لا سيما في ظل العلاقات التاريخية والمصالح الحيوية التي تربطها بالدول الإفريقية.
ويأتي ترؤس مصر للاتحاد بعد نحو أربع سنوات من العمل الدؤوب والاستعدادات، ووضع إفريقيا في مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية؛ حيث أولت الدولة المصرية اهتمامًا واضحًا بإفريقيا، ولم تنقطع الزيارات المتبادلة على كافة المستويات، كما استضافت المدن المصرية العديد من الفعاليات من أجل القارة، وأعلنت تنظيم برامج تدريبية للشباب الإفريقي، وسهلت السفر إلى القاهرة لمواطني دول الاتحاد، في إطار المعاملة التفضيلية للأشقاء الأفارقة، وتعبيرًا عن قيم التضامن الإفريقي.
وتحمل مصر على عاتقها هذا العام -من خلال ترؤسها للاتحاد- مشاكل القارة وقضاياها، وكذلك العديد من الملفات، وفي مقدمتها الأمن والتنمية من أجل تحقيق مستقبل أفضل لإفريقيا، التي تعد إحدى دوائر الأمن القومي المصري.
وتسعى مصر خلال هذا العام إلى تأكيد مواقفها الثابتة والتاريخية بدعم القارة الإفريقية والدفاع عن مصالحها، لا سيما أن مصر إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وترأست مصر المنظمة عامي 1986-1987، و1993-1994، قبل أن يحل محلها الاتحاد الإفريقي عام 2002.
وأكد السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق ومبعوث جامعة الدول العربية إلى السودان السابق -في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي تكتسب أهمية كبرى، لا سيما أن هناك آمالًا معقودة على دور القاهرة في ملفات عديدة: أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، موضحًا أن مصر ستركز على عدد من الملفات، وعلى رأسها مشروعات البنية التحتية، خاصة فيما يتعلق ببناء القدرات والاهتمام بمجالي الصحة والتعليم في القارة الإفريقية.
وأشار إلى المشروع الكبير الذي توليه مصر أهمية، وهو الربط ما بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وكذلك مشروعات الربط الكهربائي والسكك الحديدية والطرق البرية والنهرية وغيرها من الطرق الخاصة بالبنية التحتية، مشددًا على أن الاستثمار في هذا المجال سيشجع ليس فقط الاستثمار في حد ذاته، إنما سيشجع أيضًا التجارة البينية بين الدول الإفريقية، خاصة أن مصر سيكون لها دور كبير في إدماج الثلاث مناطق الحرة في القارة الإفريقية في منطقة قارية واحدة وسوق إفريقية واحدة.
ونبَّه السفير صلاح حليمة إلى أن مصر لها دور تاريخي معروف في القارة الإفريقية، لا سيما في فترة التحرر والاستقلال التي كان فيها جمال عبد الناصر رئيسًا لمصر، لافتًا إلى أن الفترة الحالية -وفي ظل رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي- تتجه مصر إلى قيادة عملية التنمية المستدامة في القارة الإفريقية، وهو ما يُعد استكمالًا لدورها السياسي والاقتصادي.
وأشار إلى مبادرة مصر -قبل توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي- باستضافة سلسلة من المؤتمرات والندوات والاجتماعات التي حققت نجاحًا كبيرًا، وكان أبرزها المنتدى الاقتصادي “إفريقيا 2018” بشرم الشيخ، ثم مؤتمر وزراء التجارة الأفارقة، وكذلك المعرض الإفريقي الأول للتجارة البينية الذي عُقد بالقاهرة، مبينًا أن أبرز ما في هذه المؤتمرات هو تحفيز المستثمرين المصريين على الدخول إلى القارة السمراء بمشروعات كبيرة، وإنشاء صندوق ضمان المخاطر، وذلك حتى يشجع الاستثمار المصري في القارة الإفريقية.
ورأى السفير صلاح حليمة أن مصر ستولي اهتمامًا كبيرًا خلال ترؤسها الاتحاد الإفريقي للأمن في القارة الإفريقية وفي منطقة البحر الأحمر؛ لكونها منطقة عربية إفريقية، متوقعًا أن تسفر القمة العربية الإفريقية المرتقبة في الرياض عن تعاون وثيق، سواء فيما يتعلق بموضوعات الأمن أو الموضوعات الاقتصادية، وأن يكون لمصر دور إيجابي كبير في هذا الشأن بحكم انتمائها للجامعة العربية ودورها البارز فيها، وكذلك في ظل رئاستها للقارة الإفريقية.
ونوَّه بأن ملف مكافحة الإرهاب يُعد من أولويات مصر خلال سنة رئاستها للاتحاد، وذلك لتجربتها الرائدة في هذا الصدد، متوقعًا أن يكون هناك تعاون وثيق بين مصر ودول إفريقية عديدة، بينها مجموعة الدول الخمس في الساحل لمكافحة الإرهاب، التي تُعد نموذجًا يمكن أن يُحتذى به.
وفيما يتعلق بالقضايا السياسية، أشار السفير صلاح حليمة إلى أن مصر لديها مسئولية كبيرة نحو إيجاد حلول سلمية لقضايا إفريقية عديدة، لعل من أبرزها قضية ليبيا، وقضية الصومال، وقضية جنوب السودان.
وحول النواحي الإنسانية، قال إن مصر لها دور كبير أيضًا في دعم الأوضاع الإنسانية في القارة، خاصة التي تتعلق باللاجئين والنازحين، والتي تُعالج في إطار سياسي عالمي وأوروبي، وكذلك في إطار اقتصادي بغية العمل على حل مشكلة اللاجئين بمفهوم تنموي وسياسي.
ومن جانبه، أكد السفير وائل نصر -الذي شارك في ملف التحضير لترؤس مصر للاتحاد الإفريقي حيث كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية حتى نهاية العام الماضي- أن وزارة الخارجية اتخذت كافة الاستعدادات التي يمكن القيام بها، بالتعاون مع كافة الوزارات الأخرى، من أجل إنجاح فترة رئاسة مصر وتيسير كافة الأمور.
وشدد على أهمية ترؤس مصر للاتحاد الإفريقي في هذا التوقيت، وما سيحققه ذلك من مكاسب، لا سيما للقوة الناعمة لمصر، مبينًا أن ترؤس الاتحاد سيُظهر قدرتها على إدارة الأزمات وكيفية إيجاد حلول لها، مؤكدًا كذلك المصداقية التي تتمتع بها مصر لدى الدول الإفريقية، التي تعلم تمامًا أنه عندما تذهب مصر لإفريقيا، فهو من أجل التنمية والمصير المشترك، وليس لكي تأخذ منها خيراتها من معادن أو ماس أو بترول مثل ما تفعله دول أخرى تستنزف المواد الخام والمنتجات الزراعية في دول إفريقية وتحتكرها.
وأوضح أنه في حين يتعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية أو الزراعية في القارة، فمصر حاضرة ومستعدة بكفاءتها على المشاركة وتقديم الدعم دون أن تكون لها أطماع في المشاريع التي تشارك في إقامتها، مشيرًا في هذا الصدد إلى السد الذي تبنيه مصر اليوم في تنزانيا على نهر روفيجي.
ووصف السفير وائل نصر فترة رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي بأنها بوابة دخول الخير والتنمية والاستثمار إلى إفريقيا، مضيفًا أن الدول الإفريقية ستستعين بإمكانيات وقدرات مصر خلال هذه الفترة.
ولفت إلى قيام الدول الإفريقية بدفع عشرات الأضعاف في منتجات خرجت في الأساس من القارة، في الوقت الذي تستطيع تصنيعها بسعر أفضل، مشددًا على أهمية تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة، وعلى إيلاء مصر أهمية قصوى لتنمية إفريقيا؛ لما تمثله من سوق واعدة للمنتجات والاستثمارات المصرية.
وألمح السفير وائل نصر إلى أن القارة السمراء لديها من الإمكانيات والمواد الخام والعناصر والقدرات ما يستطيع أن يجعلها أقوى وأغنى قارة في العالم، موضحًا أن هذا الرأي هو رأي عملي وعلمي وبالأرقام، إذ أن أكبر مساحة أرض خصبة وأكبر كمية مياه عذبة موجودة في إفريقيا، فعلى سبيل المثال، كل المياه التي تجري في نهر النيل من أوله لآخره تُقدر بـ84 مليار متر مكعب في السنة، بينما الأمطار التي تسقط خلال عام واحد على منطقة البحيرات العظمى التي تغذي نهر النيل تبلغ ألفًا و670 مليار متر مكعب؛ مما يعني أن مياه نهر النيل لا تشكل 4% من كمية الأمطار التي تنزل في هذه المنطقة، وكذلك نهر الكونغو الذي يُلقي في المحيط الأطلنطي كل سنة ألفًا و640 مليار متر مكعب، أي أكثر من كمية مياه نهر النيل 20 مرة، فليس هناك أزمة مياه عذبة في القارة، ويمكن استغلالها خير استغلال، حيث تحتاج فقط إلى الإدارة العلمية الصحيحة لتحقق التقدم والتنمية المنشودة.
وفيما يتعلق بملف الإرهاب بالقارة، قال السفير وائل نصر -الذي يحمل خبرة لأكثر من 30 عامًا في الشأن الإفريقي وعمل في العديد من البعثات المصرية بالقارة- إن “القارة الإفريقية الموجودة منذ آلاف السنين لم يكن بها إرهاب، ولم نسمع عنه من قبل، حيث جمعت القارة كل الأديان في سلام، ولكن هناك قوى زرعت هذه البدعة في أراضينا”.
وأضاف أن “الجماعات الإرهابية تمتلك دبابات وأسلحة وذخيرة ومدافع متطورة، في حين أن الجميع يعلم أن هؤلاء الجهلة ليسوا هم من يستطيعوا عقد صفقات لاستيراد السلاح ونقله في البحر أو في الجو وإدخاله لدول، بل إنها منظومة كبيرة جدًا تقوم بها دول وأجهزة مخابرات عالمية لتغذية الإرهاب وتمويله بالمال والذخيرة والمعلومات، فالإرهاب هو صناعة قوى الشر التي تود أن تجعلنا دائمًا نعيش في أزمات ولا نتقدم”.
ورأى السفير وائل نصر أن “إحكام السيطرة على منافذ دخول الأسلحة والذخيرة سيؤدي إلى القضاء على الإرهابيين، ولكن نظرًا لأنه من الصعب إغلاق حدود إفريقيا الشاسعة والسيطرة عليها بشكل كامل، فعلى كل دولة أن تحمي حدودها بالتنسيق والتعاون المشترك بيننا”، مشيرًا إلى أن “مصر قد ضبطت حدودها ونجحت في جمع الأسلحة واعتقال الإرهابيين الذين دخلوا إلى أراضينا في فترة حكم الإخوان”، مبرزًا عزم مصر على اقتلاع الإرهاب من جذوره، وعلى أن هذه المسألة ليست سوى مسألة وقت.
ومن ناحيته، توقع السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية السابق -في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن تُحقق رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عددًا من المكاسب، تتوج جهود مبذولة على امتداد السنوات الأربع السابقة، كما أنها ستتيح البناء على ما تحقق خلال فترة رئاسة مصر بعد انتهائها، موضحًا أن هذه المكاسب يمكن إيجازها في التأكيد على الانتماء الإفريقي لمصر، ومصداقية سياستها الإفريقية، وتعزيز دورها ووزنها في القارة الإفريقية.
وقال إنه في هذا الإطار، يتعين الإشارة إلى ما استقر في أذهان الزعامات الإفريقية والمسئولين في مختلف الفعاليات الإفريقية، من حيث أن مصر حريصة على تناول الشأن الإفريقي بشكل أعمق يعكس إدراكًا لطبيعة الشواغل والتحديات في إفريقيا.
وأضاف السفير علي الحفني أن هناك إدراكًا متزايدًا للنهج الجديد الذي تتبعه مصر في تناول القضايا الإفريقية، والتركيز على ما يمثل أولوية للمواطن والشعوب الإفريقية، خاصة في مجالات الإصلاح الاقتصادي والبنية التحتية والشباب وخلق فرص العمل وتمكين المرأة والرعايا الصحية والتعليم.
وتابع أنه بلا شك، تنظر الدول والشعوب الإفريقية إلى مصر على أنها إحدى أكبر الدول في القارة، التي طالما لعبت أدوارًا مهمة على المستوى الإقليمي والدولي، وتتبع سياسات رشيدة تجعل صوتها مسموعًا في مختلف المحافل الدولية، ومن قبل أهم الزعامات الدولية.
وأشار السفير علي الحفني إلى إدراك مصر لما شهدته القارة في السنوات الأخيرة من انتشار لموجة الإرهاب ونشاط للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وما تم رصده من نفاذ الفكر المتطرف وتأثيره على عقول عدد من الشباب الإفريقي الذي يقع فريسة لهذه التنظيمات بفعل أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المتردية.
وأكد أن مصر واجهت هذا الخطر وتقاومه وتعمل على محاصرته بكافة الوسائل الممكنة، وهو ما يجعلها تسعى وبكل اهتمام للتنسيق مع تلك الدول التي تعاني من هذه الظواهر، خاصة دول الصحراء الإفريقية ومناطق شمال وغرب ووسط إفريقيا، حيث توفر مصر خبرتها الأمنية والعسكرية لجهات الاختصاص والكوادر الإفريقية؛ لتمكينها -ومن خلال جهد إفريقي مشترك- من احتواء هذه الآفة، وهو الأمر الذي ينعكس على حالة السلم والأمن ويحقق الاستقرار، ويسمح بالمضي في جهود التنمية في دول هذه المناطق، مضيفًا أن “لمصر إمكانيات عديدة، زادت عليها خبرات تراكمت مؤخرًا في عدد من المجالات؛ مما يمكّن تعزيز توفيره لأشقائنا في الدول الإفريقية”.
وأبرز السفير علي الحفني “سعي مصر لتحقيق مزيد من التكامل الإقليمي لمد شبكات الكهرباء والطرق، وتحقيق الربط من خلال الأنهار، وتعزيز الاتصالات بزعامات الدول الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي بالشكل الذي يسمح بتدبير التمويل اللازم لمشروعات التكامل التي -إن تحققت أو جانب مهم منها- ستؤدي إلى خلق واقع جديد يسمح بمزيد من التجارة البينية، ويقربنا من حلم إنشاء منطقة التجارة الحرة والسوق الإفريقية الموحدة”.
وأوضح أن مصر -ومنذ اتخاذ قرار بالإجماع لرئاستها الاتحاد الإفريقي في القمة الإفريقية التي عُقدت في يناير 2018- حددت وبنظرة ثاقبة خارطة طريق لما قبل الرئاسة وخلال الرئاسة، وهناك العديد من الفعاليات التي أقامتها مصر، ومبادرات عدة اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤسسات الدولة المختلفة، بحيث تأتي رئاسة مصر للاتحاد كتتويج لهذه الخطة، ولتمثل انطلاقة لها بالشكل الذي يمكن البناء عليه بعد انتهاء فترة رئاستها للاتحاد.
وذكَّر السفير علي الحفني بما شهدته عدد من المدن المصرية من الفعاليات الدولية والإفريقية ذات الصِّلة بالشباب الإفريقي وريادة الأعمال والاتصالات والتدريب والتأهيل لتولي القيادة، وربط مجتمعات الأعمال خاصة الشباب من رجال الأعمال ومجالات الاستثمار والتجارة البينية وغيرها من المجالات التي يمكن أن تشهد مزيدًا من التفاعل، وانطلاقة حقيقية في عملية الربط المُشار إليها التي تحتاجها مصر في إفريقيا بشدة.
وقال إن هناك العديد من الموضوعات المستجدة إفريقيًا، التي تمثل أولوية للسياسة المصرية، سواء على المستوى المحلي أو الإفريقي، مثل موضوعات رقمنة المجتمعات والاقتصاديات والشمول المالي وغيرها من الموضوعات التي سعت مصر لتحقيق انتشارها على المستوى الإفريقي نظرًا للحاجة إليها في إفريقيا.
كما توقع السفير علي الحفني أن تمثل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي فرصة لمزيد من الدفع في هذا الاتجاه، خاصة من خلال التعاون مع شركاء إفريقيا وشركاء مصر على المستوى الدولي، مذكّرًا بأن مصر ستمثل إفريقيا في العديد من المحافل الإقليمية والدولية خلال سنة الرئاسة، سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية المقبلة، أو غيرها من المحافل ذات الطابع الدولي، أو القمة العربية-الإفريقية المزمع عقدها في الرياض، أو في قمة “منتدى الحزام والطريق” التي ستستضيفها الصين، أو غيرها من المحافل التي ستتحدث فيها مصر باسم القارة والدول والشعوب الإفريقية، مضيفًا أن مصر سوف توظف علاقاتها الوثيقة بمختلف المؤسسات الدولية والتجمعات الدولية في الدول الأجنبية لتقديم كل ما من شأنه أن يحقق التكامل الإفريقي (البنية التحتية)، ويدعم من جهود التنمية المستدامة في ربوع إفريقيا.
ورأى أن أي محلل محايد ومتابع جيد لسياسة مصر الإفريقية في السنوات الأخيرة سيدرك أن المحور الإفريقي في السياسة الخارجية المصرية أصبح في صدارة اهتمامات مصر، في ظل إدراك القيادة والمؤسسات المصرية لأهمية علاقات مصر الإفريقية، ودورها في القارة؛ لارتباط ذلك بأمنها القومي ومصالحها الحيوية الحالية والمستقبلية، إذ أن استعادة الاستقرار والأمن في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر تمثل أهمية قصوى للقاهرة، كما أن مشروعات التكامل الاقتصادي وتعزيز البنية التحتية للقارة مع توافر سوق كبيرة للمنتجات والصادرات المصرية تصب في مصلحة مصر وشعبها، ومن هنا فإن ذلك الإدراك العميق والمتزايد أدى إلى اتخاذ العديد من المبادرات واستضافة العديد من المؤتمرات التي نجحت مصر من خلالها في تعزيز الروابط المصرية-الإفريقية والإفريقية-الإفريقية.
واختتم نائب وزير الخارجية السابق السفير علي الحفني تصريحات -لوكالة أنباء الشرق الأوسط- مؤكدًا أن الزعامة المصرية الحالية تكتسب يومًا بعد الآخر مزيدًا من الاحترام والتقدير والمصداقية، وهو الأمر الذي تجلى خلال مشاركة الكثير من القيادات الإفريقية في المؤتمرات التي استضافتها مصر، ومشاهدتها على أرض الواقع التطور المذهل الذي يحدث في العديد من المجالات في مصر، وهو الأمر الذي تنظر له تلك الزعامات الإفريقية على أنه نهضة شاملة تتمنى لو امتد آثارها إلى دولها واقتصادياتها.
المصدر : أ ش أ