اذا كنت حتى الآن لم تعطِ قوة اليوجا حق قدرها، فإنك بعد قراءة هذا المقال للكاتبة الأميركية، جوردين كورميير، ستكون على وشك تغيير موقفك.
فلا يمكن اختزال اليوجا في مجرد الإنقاص التدريجي للخصر، ولا الحصول على قوام ممشوق. كما أنها لا يمكن أن تختزل في مجرد انتقاء الزي الغالي الثمن، أو البساط المصمم لتلك الرياضة. بل إن اليوغا، في جوهرها المتواضع، عبارة عن ممارسة تحدث تحسناً غير مسبوق في صحة الجسم والعقل، مثلما يكون عليه الحال عند اتباع نظام_غذائي متوازن وبرنامج لياقة بدنية.
في الواقع، إن اليوجا تعمل بالفعل على المستوى الجيني، لتجعلك أكثر شبابا وسعادة وصحة، وكذلك أقل توتراً.
وقد خلصت الأبحاث الأخيرة إلى أن التدخلات في الجسم والعقل مثل اليوغا والتأمل وتنظيم التنفس وتدريبات “تاي تشي tai chi” تغير وتؤخر الالتهابات الجينية الناجمة عن الإجهاد.
واستعرض العلماء 18 دراسة تناولت التأمل واليوجا وممارسات الذهن، والتي شملت 836 مشاركاً على مدى 11 عاماً. وعند معالجة البيانات، توصلوا إلى أن التغيرات الجزيئية تحدث عندما تمارس التدخلات المتعلقة بالعقل والجسم معا، وهذه التغيرات لها تأثير قوي على الإجهاد المزمن وصحتنا الجسدية والعقلية.
وفي حالة الشعور بالإجهاد، ينتج الجهاز العصبي جزيئا يسمى (NF-kB) الذي ينظم طريقة تعبير الجينات.
وفي أوقات التوتر، يزيد هذا الجزيء من إنتاج البروتينات الالتهابية المعروفة باسم الـ”سيتوكينات cytokines” لإعطاء دفعة سريعة لجهاز المناعة.
وهذه العملية قد تكون مفيدة في مواقف معينة (خاصة المواقف الصعبة)، إلا أنها قد تؤدي للخلل عند تكرارها باستمرار.
ويتعرض الإنسان في عصرنا الحالي لمستويات من الضغط النفسي باستمرار، ولسوء الحظ فإن إفراز هذه البروتينات الالتهابية باستمرار على المدى الطويل يسبب ضرراً كبيراً للجسم.
وإذا ما استمر هذا الالتهاب فإنه مع مرور الوقت، يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان، وتسارع الشيخوخة وزيادة الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.
ولكن، عندما يحدث التدخل في الذهن، ووفقاً للبحث العلمي، فإن التدخلات في العقل والجسم مثل اليوجا، والـ”تاي تشي tai chi” والتأمل، فإنها تؤخر هذه التعبيرات الجينية في الجسم، وبالتالي تعمل على تحسين رفاهيتنا على المدى الطويل.
وتقول إيفانا بوريك، الباحثة الرئيسية في معمل المخ والمعتقد والسلوك بجامعة كوفنتري: “إن الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم يتمتعون بالفعل بالفوائد الصحية للتدخلات في العقل والجسم مثل اليوغا أو التأمل، ولكن ربما إنهم لا يدركون أن هذه الفوائد تبدأ على المستوى الجزيئي، ويمكن تغيير الطريقة التي تعمل بها شفرتنا الوراثية”.
فعن طريق الحد من إنتاج جزيء “NF-kB”، فإن الممارسة بانتظام لأنشطة الذهن تؤثر على خلايانا، مما يقلل من ردود فعل الإجهاد الالتهابي ويحسن رفاهيتنا العامة. ومع مرور الوقت، يمكن للممارسات البسيطة، التي تعيد التوازن إلى عقلك وتهدئ جسمك، أن تؤثر في الواقع بشكل عميق على كيفية تعامل جسمك مع الإجهاد.
ولذا فإن عليك أن تواظب على حضور فصول اليوغا. إن الجلوس لمدة 15 دقيقة من التأمل والتنفس بعمق عدة مرات ليست مضيعة للوقت، بل إنها استثمار في الصحة على المدى الطويل. وفي عصرنا الحالي حيث تعج الحياة بكل أنواع الضغوط والإجهاد، لا ينبغي التقليل من شأن قوة الشفاء عن طريق الممارسات الذهنية.
المصدر: وكالات أنباء