مع غياب الرقابة وانتشار قرصنة الملكية الفكرية، تستقبل ساحات المحاكم كالعادة في كل عام عشرات الدعاوي التي تتهم صناع أعمال فنية في رمضان بسرقة النصوص والأفكار الأدبية والموسيقية وإلحاق الأذى والضرر بالغير ، لينتقل عرض بعض الأعمال من الشاشة الصغيرة إلى هذه الساحات .
وكانت الفنانة ليلى علوي والفنان خالد الصاوي أول الضحايا إذ طالب كاتب بوقف مسلسلهما “هي ودافنش” بعد الادعاء بأن أسرة المسلسل قامت بسرقة روايته.
وأكد الكاتب سعدني السلاموني أنه سيقوم برفع دعوى قضائية، لأن المسلسل منقول نصا عن روايته الشعرية “دافنشي” التي صدرت من المجلس الأعلى للثقافة،مشيرا إلى أن روايته “دافنشي “تباع بالأسواق الآن، وبمكتبة المجلس الأعلى للثقافة.
ولفت إلى أن كل شخصيات الرواية الشعرية “دافنشي”موجودة في المسلسل ، مشيرا إلى أن روايته تمت كتابتها في عام 2004، وكانت بذرة مشروعه العلمي الشهير محو الأمية البصري.
وحدث نفس الشيء مع مسلسل “صد رد” حيث رفض النائب هاني مرجان، عضو مجلس النواب عن دائرة “منشأة ناصر والجمالية” ما جاء في المسلسل، من إهانة شديدة لأهالي دائرته، وقال إنه سيقاضي أسرة المسلسل على هذه المخالفات القانونية إضافة إلى التقدم ببيان عاجل ضد رئيس الوزراء ورئيس الهيئة العامة للاستثمار.
وقال مرجان إنه دار خلال حلقات المسلسل حوار بين الممثلين فيه ومن بينهم علي ربيع، يشيرون فيه إلى أن منشأة ناصر تعد وكرا لإعداد جوازات السفر المزورة، مشيرا إلى أن مثل تلك الإشارات تؤثر سلبيا على أهالي المنطقة، وتترك انطباعا عنهم لدى الآخرين، بأن أهالي المنطقة يخالفون القانون.
كما قرر المنتج محسن جابر، صاحب شركة مزيكا، مقاضاة القائمين على مسلسل “ونوس” و”ليالي الحلمية 6″ لاستخدامهم أغان تراثية دون وجه حق.
وأوضح جابر أنه بصدد ملاحقة القائمين على المسلسلين “ونوس” بطولة الفنان يحيى الفخراني، و”ليالي الحلمية” بسبب استخدامهم لعدد من الأغاني التراثية خلال عرض المسلسلين، لافتا إلى أن الأول استخدم أغنية “هو صحيح الهوى غلاب”، و”ليلى الحلمية” استخدم في الحلقة الرابعة أغنيتي “يا وابور رايح على فين” و”كله يرقص” للفنان حكيم، مؤكدا أنه لن يرحم أحد من استخدام التراث المصري دون تصريح بذلك وسيقوم بملاحقتهم قضائيا.
وأضاف أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كافة القنوات الفضائية وكذلك شركات الإعلان التي أنتجت أعمالا موسيقية وغنائية خاصة بأعمال فنية قديمة دون أخذ التصريحات اللازمة لذلك.
وقال إنه في الأيام الأولى من رمضان عرضت أغنيات وألحان لكبار المطربين ضمن الإعلانات التي تم تقديمها خلال الشهر الكريم، وكذلك الأعمال الفنية من مسلسلات تم استخدام عدد من الأغنيات، وأنه قانونا يجب الموافقة على ذلك وأخذ تصاريح للعرض.
وأعرب جابر عن أسفه في أن يستخف البعض بكلمات تم تقديمها وأثرت في مصر، مشيرا إلى أنه تم تكليف الشؤون القانونية لاتخاذ كافة الإجراءات وتقديم المجهودات والمستندات ضد القنوات والشركات والقائمين على الإعلان والبنك والذين بدورهم أرسلوا خطابات موجهة لهم بكافة الإجراءات القانونية ضدهم.
ولم يسلم كذلك برنامج “رامز بيلعب بالنار”، من المشاكل القانونية إذ أقامت سيدة من ضحايا الحروق، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تطالب بوقف البرنامج، وذلك لما سببه لها من أضرار نفسية جسيمة.
كما طالبت الدعوى الفنان رامز جلال بتعويض مادي عن جملته (أنا بستمتع بمنظر الناس وهي بتتحرق) التي جعلتها تعيش حالة من الصراع النفسي بين الوجود وعدم الوجود.
وأكدت الناقدة ماجدة موريس أن من حق أي مؤلف أن يختار الفكرة التي يتناولها طالما أنها جزء من واقع ملموس لدى كثير من المواطنين ومن المنطقي أن يكون هناك متضررون وبالتالي ليس كل شخص متضرر من مسلسل علشان سلط الضوء على مشكلة أو قضية تخصه يسمح له برفع قضية ووقف العمل.
وعزت السبب في انتشار ظاهرة قضايا سرقة النصوص إلى غياب الرقابة وعدم وجود مكان محدد للفصل في مثل هذه القضايا، الأمر الذي وضع الدراما الرمضانية في مأزق سواء مع الشخصيات التي تحاكيها أو الهيئات المتضررة من تسليط الضوء عليها.
من جانبه، أكد الناقد طارق الشناوي أنه لا حل لأزمة حقوق الملكية الفكرية إلا مع اعتراف الدولة بأن القرصنة نوع من السرقة، وقال إن الدولة حتى الآن ليس لديها قناعة بأن القرصنة ، نوع من السرقة ولذلك ليس هناك جدية من الدولة لمكافحتها.
وحذر الشناوي من التأثير السلبي لانتشار هذه الظاهرة وتهديدها للمنظومة الفنية في مصر، مطالبا المؤسسات المدنية والحكومية والأشخاص وهيئة الرقابة على المصنفات بالتدخل لوضع تشريعات وقوانين لمراقبة وتتبع المشكلة ومحاربتها بكل الطرق.
المصدر – أ ش أ