بتغريدات التضامن باللغة الفارسية وباستخدام أدوات تكنولوجية للتحايل على حجب الإنترنت ربما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وشك استنفاد خياراته في دعم المحتجين الإيرانيين الثائرين على حكامهم.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن الإدارة بحاجة لتحاشي اتخاذ أي خطوات من شأنها إثارة اتهامات بالتدخل في شؤون دول أجنبية، مثل التمويل المباشر، وزيادة فرص اتخاذ تدابير عنيفة بحق المحتجين الذين تريد دعمهم.
وبعد يوم من تفجر الاحتجاجات في طهران ومدن أخرى عقب اعتراف إيران يوم السبت أنها أسقطت طائرة أوكرانية مما أسفر عن مقتل 176 شخصا على متنها، نشر ترامب تغريدة باللغة الفارسية موجهة لقيادات إيران فحواها ”لا تقتلوا المحتجين من مواطنيكم“. وأعيد نشر التغريدة نحو 80 ألف مرة.
وكانت إيران ظلت تنفي لأيام إسقاط الطائرة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الغرض من تغريدة ترامب وأصوات الدعم الأخرى المنطلقة من داخل الإدارة هو تعزيز رسالة مفادها أن واشنطن تتضامن مع الشعب الإيراني وفي الوقت نفسه تسلط الضوء على دافع المحتجين ولكي تعلم الحكومة في طهران ”أننا نهتم“.
وواجه المتظاهرون ردا عنيفا من جانب الشرطة في عدة مواقع خلال الاحتجاجات على مدى أربعة أيام. وفي نوفمبر أدى الرد العنيف على احتجاجات شعبية على ارتفاع أسعار الوقود إلى مقتل المئات.
وكانت الدفاعات الجوية الإيرانية قد أسقطت الطائرة التابعة لشركة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في رحلتها من طهران إلى كييف عندما كانت القوات المسلحة في حالة استنفار قصوى تحسبا لرد أمريكي بعد ساعات من إطلاق إيران صواريخ على أهداف أمريكية في العراق ردا على ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني في الثالث من يناير .
وكان أغلب ركاب الطائرة إيرانيين أو إيرانيين يحملون جنسيات أخرى.
وقال مسؤول أمريكي ”نحن لا نتطلع إلى تغيير نظام الحكم أو حرب شاملة … نحن نقول لكم فقط لا يمكنكم امتلاك السلاح النووي ولا تطلقوا النار على المحتجين“.
وقال برايان هوك الممثل الأمريكي الخاص المختص بالشأن الإيراني إن الولايات المتحدة تعاونت مع شركات في مجال التكنولوجيا للمساعدة في تطوير أدوات تتيح للشعب الإيراني الالتفاف على القيود التي تفرضها إيران على الإنترنت.
وأضاف أن عشرات الآلاف استخدموا تلك الأدوات في التواصل خلال الاحتجاجات التي شهدها شهر نوفمبر .
وردا على سؤال عن الجهود الملموسة التي يمكن أن تبذلها واشنطن لمساعدة المحتجين قال هوك لرويترز ”سنواصل البحث عن أدوات تكنولوجية لمساعدة الشعب الإيراني في الالتفاف على رقابة نظام الحكم وإغلاق الانترنت“.
يرى البعض رياء في إبداء ترامب لاهتمامه بالاحتجاجات.
ويقول خبراء إنه في الوقت الذي تؤكد فيه إدارته أنها تقف إلى جانب الشعب الإيراني أعاد ترامب فرض عقوبات قاسية عجلت بتدهور الاقتصاد والأوضاع الاقتصادية لأفراد الشعب العاديين.
وقال آرون ديفيد ميلر الزميل الباحث بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ”كلماته لا تحمل أي مصداقية تقريبا لدى الشعب الإيراني الذي رآه يفرض في نفس الوقت المزيد من العقوبات“.
وأضاف ”ولذلك إذا سألتني إن كان لدى ترامب استراتيجية علاقات عامة فيما يتعلق بدعم هذه الاحتجاجات فالإجابة لا. فكل شيء يتحرك وفق أهوائه واحتياجاته السياسية ورغباته في تمييز نفسه عن سلفه“.
وفي حين تقول الولايات المتحدة إن عقوباتها موجهة بدقة لإيلام القيادات الإيرانية فإن بنوكا وشركات أجنبية كثيرة تخشى إبرام أي تعاملات مع الجمهورية الإسلامية حتى فيما يتعلق بصفقات المواد الغذائية والأدوية المعفاة من العقوبات.
ويقول ديمقراطيون إن بوسع البيت الأبيض أن يرسل رسالة إلى الشعب الإيراني مثل رفع الحظر على سفر الإيرانيين إلى الولايات المتحدة. وكانت إيران أُدرجت ضمن الدول التي شملها حظر سفر فرضه ترامب في أوائل رئاسته بهدف وقف تصدير ما تصفه واشنطن بإلإرهاب الذي ترعاه دول.
ولا يوجد ما يشير إلى أن ترامب يفكر في ذلك.
ورغم أن بعض المحللين يعتقدون أن الولايات المتحدة لن تشعر بارتياح كامل إزاء تغيير نظام الحكم فإن واشنطن لديها من الأسباب ما يدعوها للحذر من المبالغة في أفعالها.
وشهد الأسبوع الماضي أحدث مثال على المواقف الصعبة التي قد يجد فيها الدبلوماسيون الأجانب أنفسهم في إيران عندما تم احتجاز السفير البريطاني لدى طهران لفترة وجيزة بتهمة المشاركة في احتجاج.
وقال هوك ”نحن نترك مستقبل إيران للشعب الإيراني. فلن تقرره حكومة الولايات المتحدة وهذه سياستنا منذ ثلاث سنوات تقريبا“.
وسئل هوك إن كان ترامب سينشر المزيد من التغريدات فيما يتعلق بالمحتجين فقال ”لن يدهشني ذلك. أعتقد أن بإمكانكم توقع أن يواصل الرئيس التواصل مباشرة مع الشعب الإيراني“.
المصدر: رويترز