أكد الدكتور أحمد صالح باحث المصريات أن التاريخ يسجل بمداد الفخر والاعتزاز الكفاح الأسطوري لأهل أسوان في مواجهة اليهود، حيث لم يرض أهل جزيرة اليفانتين بأسوان أن تضم جزيرتهم من ينضم للاحتلال الفارسي لمصر، فنجحوا في إزاحة اليهود على أرضهم وتدمير معبدهم.
وقال صالح إنه في آواخر القرن التاسع عشر عثر علي 85 بردية مكتوبة باللغة الآرامية فى جزيرة اليفانتين بأسوان، والتي أسماها المصريون القدماء “آبو”، وكانوا يعتبرونها المقر الرئيسي للإله خنوم، حيث تشير تلك الوثائق إلي وجود جالية يهودية في الجزيرة كان لها معبدا شيدوه من اجل إلههم “يهوه” ، ولم يكن هؤلاء اليهود يعرفوا التوراة التي كتبها الأحبار اليهود في بابل.
وأضاف أن تلك الوثائق ترجع إلي مابين أوائل القرن الخامس وأوائل القرن الرابع ق . م، وتتضمن وثائق قانونية تخص إحدى العائلات (عقود بيع وشراء بيوت وعقارات)، ووثائق طلاق ووثائق تتعلق بالعبيد، وتلقى الضوء علي معلومات تتعلق بالقوانين والمجتمع والديانة واللغة .. مشيرا إلى أن تلك الوثائق تعرضت للسرقة من مصر في القرن التاسع عشر وتتوزع هذه الوثائق المهمة بين متاحف القاهرة وبرلين و بروكلن وبادوا وستراسبورج.
واستعرض صالح المعلومات التى تتضمنها تلك الوثائق ، مشيرا الى انها توضح ان الحاكم البابلي نبوخذ نصر قام بتدمير أورشليم والمعبد اليهودي وسبي أهلها ،و استطاع بعضهم الهرب إلي مصر ، وفتح لهم الملك المصري واح ايب رع ( ابريس ) ، واستقبلهم وسمح لهم بالعيش في مصر ، وأنزلهم في تل دفنة غرب القنطرة.
وقال إن بعض اليهود توجهوا للسكن في تانيس و منف وبعض مناطق في صعيد مصر ومنها جزيرة اليفانتين بأسوان واشتغل هؤلاء بالتجارة ، لافتا الى انه سمح لليهود في الجزيرة بممارسة شعائرهم وأقاموا معبدا ” ليهوه” بجوار معبد الإله خنوم ، وكانت مساكن اليهود تتجمع حول معبدهم ، ويبدو أن معبد يهوه أقيم قبل الغزو الفارسي لمصر عام 525 ق . م ، ويبدو أن ملوك الاسرة 26 سمحوا لهم بالحرية الدينية ولم يحدث بينهم وبين المصريين صدام .
واوضح انه في العصر الفارسي حدث بين المصريين واليهود صدام كبير يرجع الى أن اليهود كانوا يذبحون الخراف في عيد الفصح من اجل تقديم القربان ليهوه وكانت الخراف رمزا مقدسا للإله خنوم ، الامر الذى اعتبره المصريون إهانة لإلههم ، ولكن يبدو أن السبب الحقيقي لم يكن ذلك إنما ولاء اليهود للمحتلين الفرس وإعلانهم الولاء للملك فورش الثاني (559 – 530 ق. م ).
واكد صالح ان الوثائق الآرامية ترجح خيانة اليهود حيث تكشف ان الحاكم الفارسي “قمبيز” قام بتدمير المعابد المصرية ولم يمس معابد اليهود بضرر ، مشيرا الى انها أظهرت كذلك أمرين ، الأول عندما ثار المصريون ضد “دارا الثاني” عقب توليه العرش عام 424 ق .م واظهر اليهود ولاء له ، والثاني عام 410 ق.م عندما استدعي الوالي الفارسي لمصر لمقابلة الملك الفارسي في فارس ، وتآمر الكهنة المصريين للإله خنوم مع حاكم إقليم أسوان الفارسي ويدعي ” ويدرانج ” ورشوه والحقوا الاذي باليهود وعطلوا حفر بئر لليهود وأعاقوهم عن عبادة” يهوه”.
واشار الى ان هناك وثيقة أخري تشير الى ان الحاكم “ويدرانج ” أمر ابنه ميغيان وهو قائد فرقة عسكرية بحصن أسوان شرق النيل ، بتدمير معبد يهوه في اليفانتين ، موضحا ان أحبار معبد يهوه باليفانتين ارسلوا التماسا إلي الحبر الأعظم في أورشليم للتوسط لدي الفرس لإعادة بناء المعبد ، ولكنه آثر الصمت ، ثم أرسلوا إلي الحكام الفرس في أورشليم و السامرة للتوسط ، والغريب أنهم لم يطلبوا ذلك من الحاكم الفارسي لمصر.
واضاف ان هناك وثيقة تعرف تجاوزا باسم ” استجداء إلي باجواس ” وهي ضمن مجموعة سايس كاولي وهي عبارة عن خطاب كتب عام 407 ق .م من يهود جزيرة اليفانتين إلي باجواس الحاكم الفارسي لمملكة يهودا ويطلبون منه المساعدة في إعادة بناء معبد يهوه في جزيرة اليفانتين والذي دمره أهل اليفانتين.
واشار الى ان الوثائق أكدت تجدد الصدام بين المصريين واليهود وراح يهود كثيرين نتيجة هذا الصدام والذي يبدو انه حدث في عهد الملك المصري نفريتس الأول (نايف -عاورود ) وهو من أنصار عبادة الكبش في تل الربع بالمنصورة ، ويبدو أن الجالية اليهودية اختفت بعد ذلك من اليفانتين.
وأكد ان هناك دليلا من حفائر اليفانتين يكشف أنه تم إعادة بناء وتوسيع معبد خنوم فوق المعبد اليهودي بجزيرة اليفانتين وكانت في عصر الملك نقطانبو الثاني (360 -343 ق م ).
المصدر: أ ش أ