تبدأ اليوم السبت فى نيجيريا انتخابات رئاسية تعد الأهم فى أكبر بلدان إفريقيا تعدادًا بالسكان ، حيث سيختار النيجيريون رئيسًا ونائبًا للرئيس خلال الأعوام الأربعة القادمة .
وتعد الانتخابات النيجيرية بداية لسلسلة من الاستحقاقات الانتخابية التى ستشهدها قارة إفريقيا على مدار العام الجارى، وهي استحقاقات تتنوع ما بين عامة ورئاسية ومحلية تضع القارة على مسار أعمق للتطور الديمقراطى بما يعزز من حالة الاستقرار والسلم الأهلى من خلال تعزيز المشاركة السياسية للانسان الافريقي .
وتسعى الدول الأفريقية الى تطوير نظمها الانتخابية بما يجعلها مسايرة لأفضل الممارسات الديمقراطية المعمول بها فى النظم الديمقراطية حول العالم ، ويقول المراقبون ان استعراض المشهد العام للانتخابات الرئاسية والتشريعية فى بلدان افريقيا خلال حقبة التسعينيات تكشف عن تحسن اوضاع الانتخابات على مستوى القارة فى الوقت الراهن عما كان الحال عليه فى التسعينيات .
وبحسب دراسة صادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للاتحاد الافريقى فإن التحسن فى أوضاع الانتخابات على مستوى أفريقيا لا يشمل الجانب الكمى فقط والذي يعبر عنه ارتفاع أعداد الأفارقة المشاركين فى عمليات التصويت ، بل ويتعداه الى تحسن على المستوى الكيفي والذى يتمثل فى ارتفاع مستوى ضمانات الحيدة والنزاهة فى تنظيم العمليات الانتخابية على مستوى القارة .
وتؤكد الدراسة أن مزيدا من تحسين معدلات المشاركة العددية للمواطنين الافارقة فى عمليات التصويت وكذلك تحسين ضمانات النزاهة والتدقيق فى الكيفية التى تتم بها العمليات الانتخابية فى إفريقيا باتا يشكلان ضمانة مطلوبة بصورة اكبر لتعزيز الحالة الديمقراطية على مستوى القارة واسباغ الشرعية النافية للطعن والتشكيك فى نتائج الانتخابات بما يحول دون تفشى خلافات سياسية سرعان ما تتحول الى صراعات مسلحة فى كثير من بلدان افريقيا .
وبحسب الدراسة الصادرة عن مفوضية الاتحاد الافريقى ، ترجع نصف الصراعات المسلحة الحالية على مستوى القارة الافريقية بشكل او بآخر الى خلافات حول نتائج انتخابية فى هذا البلد او ذاك .
ويتنافس فى الانتخابات النيجيرية التى بدأت اليوم على منصب رئيس الدولى الجنرال محمد بوهارى الرئيس الحالى للبلاد مرشحا عن حزب مؤتمر كل شعب نيجيريا وعتيق الله ابوبكر نائب رئيس البلاد السابق مرشحا عن حزب الشعب الديمقراطى الذى سبق له ان خرج منه رؤساء نيجيريا بدءا من العام 1999 وحتى العام 2015 .
وتتم الانتخابات النيجيرية وسط اجراءات أمنية مشددة تحسبا لهجمات حركة “بوكو حرام” الارهابية المتشددة وأنشطة الجماعات المسلحة فى منطقة دلتا النيجر جنوب البلاد وكان من المقرر لها ان تبدأ السبت الماضى وتأجلت الى اليوم .
وتشهد السنغال أيضا فى الرابع والعشرين من الشهر الجارى انتخابات رئاسية يخوضها رئيس البلاد ماكى سال وينافسه فيها أربعة مرشحين من قوى المعارضة .
ويعتبر المراقبون ان الانتخابات السنغالية والنيجيرية عاملان أساسيان فى حفظ أمن واستقرار منطقة غرب افريقيا أمنيا وسياسيا ، وبشكل خاص فى السنغال التى لم يعرف تاريخها انقلابات عسكرية كتلك التى كانت السمة السائدة فى بلدان إفريقيا فى ستينيات القرن الماضى بعد حقبة التحرر من الاستعمار .
وقد شهدت السنغال تداول السلطة بين الحكم والمعارضة فى العام 2000 ، ولذلك فستكون انتخاباتها فى العام 2019 خطوة كبيرة صوب تعزيز الحالة الديمقراطية فى البلاد اذا توافرت لها اعتبارات النزاهة والمشاركة الشعبية الواسعة .
وتشهد بوركينا فاسو فى الرابع والعشرين من شهر مارس القادم استفتاءا شعبيا على تعديلات فى دستورها بما يعطى رئيس الدولة حق الترشح لفترتين حيث يتولى رئيسها مارك كابورى رئاستها حاليا منذ العام 2015 بعد الاطاحة برئيس البلاد السابق بليز كومباورى فى العام 2014 بعد سبعة وعشرين عاما قضاها في الحكم .
وستحظى عملية الاستفتاء فى بوركينا فاسو باهتمام واسع النطاق على المستويين الاقليمى والدولى بالنظر الى تصاعد عدد حوادث العنف الناتج عن التنظيمات الدينية المتشددة والتى نفذت 136 هجوما خلال العام الماضى وحده وهو عدد يعادل اربع امثال عدد عمليات العنف التى شهدتها البلاد فى العام 2017 ، وقد دفع ارتفاع وتيرة العنف فى بوركينا فاسو رئيسها الى اعلان حالة الطوارىء فى الحادى والثلاثين من ديسمبر 2018 فى ستة اقاليم من اصل 13 اقليما تتكون منها البلاد .
وتشهد جمهورية جزر القمر البالغ عدد سكانها 800 ألف نسمة فى الرابع والعشرين من شهر مارس القادم انتخابات محلية فى أعقاب فوز رئيس البلاد عزالى اسومانى فى الانتخابات الرئاسية التى شهدها يوليو من العام 2018 وقاطعتها أحزاب المعارضة .
ويعول المراقبون كثيرًا على نتائج الانتخابات المحلية بما يرضى المعارضة ويحقق الاستقرار فى جزر القمر التى شهدت عشرين انقلابا عسكريا منذ استقلالها عن فرنسا فى العام 1975 .
وفى الثامن عشر من ابريل القادم ، ستشهد الجزائر انتخابات رئاسية تقرر ان يخوضها رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة (81 عاما) والذي نجح في تحقيق التنمية والاستقرار والتصالح الوطنى فى بلاده منذ توليه الحكم فى العام 1999 .
وتشهد جنوب افريقيا فى الثامن من مايو القادم انتخابات عامة وبرلمانية ستتمخض فى نهايتها عن اختيار رئيس للبلاد التى لا يزال حزب المؤتمر الوطنى الافريقى يلعب دورا قائدا فى مسيرة نهضتها .
وبرغم ذلك مني الحزب نفسه بأسوأ هزيمة انتخابية فى العام 2016 بخسارته فى الانتخابات البلدية التى كانت الاولى منذ انتهاء نظام الفصل العنصرى فى جنوب افريقيا ليجد نفسه فاقدا للسيطرة على مدن كبرى فى جنوب افريقيا من بينها بريتوريا وجوهانسبرج اللتان تمثلان العاصمة السياسية والاقتصادية للبلاد ، وكيب تاون التى تعد العاصمة التشريعية للبلاد ،وبورت اليزابيث التى يطلق عليها عاصمة الصناعة فى جنوب افريقيا.
وبحسب المراقبين فقد كانت تلك الخسارة السياسية درسا قاسيا لقيادات الحزب تم على خلفيتها تنفيذ عمليات تطهير واعادة بناء لقواعد الحزب فى الشارع الجنوب افريقى ، ويعتبر المراقبون ان الانتخابات العامة والبرلمانية القادمة ستكون مقياسا لنجاح تلك الاجراءات التصحيحية لمسار الحزب .
وتشهد مالاوى فى الحادى والعشرين من شهر مايو القادم انتخابات تشريعية عامة سيختار عبرها المالاويون رئيس برلمانهم وقيادات الحكم المحلى وهى الانتخابات التى تقوم على التحضير لها وضمان نزاهتها مفوضية الانتخابات الوطنية فى مالاوى .
كما تشهد موريتانيا فى الفترة من ابريل وحتى يونيو القادمين انتخابات رئاسية مهمة ويعتبرها المراقبون علامة فارقة ما بين ماض قريب شهدت فيه البلاد انقلابات مسلحة كان اخرها فى عام 2005 و 2008 وانتهت بتولى رئيس البلاد الحالى محمد ولد عبد العزيز منصب الرئيس فى انتخابات ديمقراطية جرت فى العام 2009 ، كما عزز ولد عبد العزيز مكانته فى انتخابات اخرى شهدتها البلاد على منصب رئيس الدولة فى العام 2014 .
وتشهد موزمبيق فى منتصف أكتوبر القادم انتخابات رئاسية وبرلمانية يرى المراقبون انها ستتم وسط مناخ سياسى معقد وتعد أول ممارسة سياسية ديمقراطية سلمية تشهدها البلاد منذ التوصل لاتفاق السلام ووقف اطلاق النار المبرم فى العام 2016 بين حزب فريليمو الحاكم منذ العام 1992 وتحالف الحركات المسلحة المتمردة رينامو التى دخلت فى مسار الجلوس على طاولات التفاوض على حساب خفض وتيرة العمل العسكرى منذ العام 2013 فى مقابل مكاسب سياسية وضمانات ديمقراطية للمشاركة بمرشحين فى الانتخابات القادمة .
ويعتبر المراقبون أن سير انتخابات اكتوبر القادم فى موزمبيق سيؤشر على مدى نجاح والتزام حزب فريليمو الحاكم وقياداته فى الوفاء بتعهداتهم للغرب ببناء نظام ديمقراطى يقوم على توسيع نطاق المشاركة السياسية للاحزاب والقوى الفصائلية المختلفة فى البلاد وانخراطها فى العمل السياسي السلمى كبديل عن الاحتكام للبنادق .
وتنطلق في بتسوانا فى اكتوبر القادم انتخابات عامة لاختيار رئيس للبلاد وهى الانتخابات التى سيخوضها الرئيس الحالي ماساسى موكوجويتسى كمرشح للحزب الديمقراطى البوتسوانى الحاكم منذ العام 1969 وهو الحزب الذى فاز بأغلبية كاسحة فى انتخابات جرت فى هذا العام بعد الاستقلال .
وتواجه بتسوانا اختباراً مهما فى الانتخابات القادمة لدحض المزاعم الغربية لها بالافتقاد على معايير الشفافية وانتشار الفساد الاقتصادى برغم ما حققته قيادتها الحالية من نجاحات على صعيد تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد المالى .
ويسيطر الحزب الديمقراطى البتسوانى حاليا على 37 مقعدًا من اصل 57 مقعدًا يتشكل منها برلمان البلاد المنتخب فى العام 2014 .
وفى نوفمبر 2019 تشهد ناميبيا انتخابات رئاسية وتشريعية هامة لتجديد الثقة او سحبها من حزب ” منظمة شعوب جنوب غرب افريقيا – سوابو ” والذى يعد المنظمة السياسية الاكثر قوة منذ استقلال ناميبيا عن جنوب افريقيا فى العام 1990 .
ويسيطر النواب المنتمون الى منظمة سوابو على 77 مقعدا من اصل 96 مقعدا يتشكل منها المجلس الوطنى التشريعى لناميبيا ، وينتمي الى هذا الحزب رئيس ناميبيا الحالى هاج جينكوب الذى فاز باكتساح نسبته 87 فى المائة فى انتخابات الرئاسة التى جرت فى العام 2014 لولاية قدرها خمسة أعوام ويستعد لخوض انتخابات رئاسية المقرر نهاية العام الجارى والتى سينافسه فيها 15 من ساسة ناميبيا .
كما تشهد تونس فى أكتوبر القادم انتخابات تشريعية تعقبها انتخابات رئاسية تقرر عقدها فى ديسمبر القادم ، وسيتم عقد تلك الانتخابات استكمالا لمسيرة التقدم الديمقراطي التى بدأتها تونس قبل عدة أعوام ، لكن المراقبين يحذرون من انشطة الجماعات الارهابية ومن بينها داعش وكذلك التيارات السياسية المتأسلمة للعمل على افساد اجواء الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة فى تونس على غرار ما قامت به تلك المنظمات الارهابية فى العام 2015 عندما استهدفت متحف باردو التونسى بمدينة سوسة فى هجوم رفع عدد قتلى العمليات الارهابية فى تونس لهذا العام الى 154 قتيلاً ووجه ضربة فى الصميم الى الاقتصاد التونسى المعتمد على السياحة مما اوجد ازمة معيشية لقطاعات واسعة من التونسيين .
وقد واجهت السلطات التونسية تلك التداعيات الاقتصادية لانشطة الارهاب بتبنى خطة تقشف محكمة واللجوء الى اقتراض 2.8مليار دولار أمريكى من صندوق النقد الدولى وهما تحركان شكلًا معًا محور الجدل السياسى التونسى السابق على اجراء انتخابات نهاية العام الجارى .
المصدر: أ ش أ