انعكس التصعيد بين روسيا والغرب على الأزمة السورية، وطالت تداعياته اللجنة الدستورية التي ألغت جولتها التاسعة المقرر عقدها في نهاية الشهر الجاري، الأمر الذي أثار مخاوفا حول مصير الأزمة السورية، لا سيما أن كتابة الدستور تعد خطوة نحو حلحلة الأزمة التي تجاوز عمرها الـ11 عاما.
وأعلن المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون، عدم إمكانية عقد الجولة الـ9 من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف السويسرية، مطالبا جميع أطراف الصراع السوري بحماية العملية السياسية.
وجاء إعلان بيدرسون عقب تلقيه تأكيدا من رئيس وفد الحكومة السورية أحمد الكزبري، بشأن استعداد وفده المشاركة في المباحثات في حال تنفيذ الشروط الروسية.
وتوافق موقف الحكومة السورية مع الجانب الروسي، وفي منتصف يونيو الماضي، اقترحت موسكو نقل مقر اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف، وأشار المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، إلى حاجة بلاده لنقل الاجتماعات إلى منصة أكثر حيادية، مشيرا إلى أن استمرار العمل في جنيف أصبح صعبا لروسيا نتيجة لمواقف سويسرا الأخيرة العدائية.
وتسبب مطلب روسيا في إثارة قلق الولايات المتحدة، في حين لم تفلح محاولات الأمم المتحدة في إقناع روسيا بإقامة الاجتماعات بموعدها، رغم تأكيدها على حيادية سويسرا كمنبر لاستقبال تلك الاجتماعات، دون طرح أي منصة بديلة عن جنيف لإجراء المباحثات حول الدستور السوري خلال هذه الفترة.
ومع اندلاع الحرب الأوكرانية، تبنت جنيف معظم عقوبات بروكسل ضد موسكو رغم أنها ليست عضوا بالتكتل الأوروبي، وشملت العقوبات حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وبعض الوزراء المقربين مع حظر بضائع روسية مثل الفحم ومواد البناء.
وعن احتمالية تغيير موسكو موقفها، أوضح مراقبون، أن تماشي سويسرا مع عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا يعني خروجها عن الحياد الذي تبنته منذ عام 1815، لذا أصبحت جنيف من وجهة نظر موسكو لا تصلح مقرا لاجتماعات المتخاصمين.
وتريد الدولة السورية إحياء دستور 2012 من جديد بإجراء تعديلات حول موضوعات سيادة الدولة والقانون ومحاربة الإرهاب، بينما ترفض المعارضة هذا المقترح وتطالب بكتابة دستور جديد يهدف إلى تأسيس اللامركزية في الحكم.
وخلال اجتماعات اللجنة الدستورية في شهري مارس ومايو الماضيين، ساهمت تداعيات الحرب الأوكرانية، باتساع الفجوة بين وجهات نظر أطراف الأزمة بشأن هوية الدولة وتعديل النشيد والعلم وآليات تداول السلطة، نظرا لتباعد الرؤى بين الأطراف الدولية المتداخلة في سوريا بالأساس.
جدير بالذكر أن فكرة اللجنة الدستورية قد ظهرت من مؤتمر الحوار الوطني السوري، في سوتشي، نهاية يناير عام 2018، وتأسست بعدها بعام كإحدى السلاسل الأربع لقرار مجلس الأمن رقم 2254 لحل الأزمة السورية، بعد اتفاق الدول الضامنة لمسار أستانة “روسيا وإيران وتركيا” لإعادة كتابة الدستور بمشاركة أطراف الحكومة والمعارضة.
المصدر: وكالات