مع زيادة عدد حالات “جدري القرود” خارج أفريقيا، عقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً، الجمعة الماضية ، ناقش فيه الخبراء احتمالات انتشار ذلك النوع من العدوى الفيروسية، ما يعيد إلى الواجهة تحذيرات بيل جيتس وغيره خلال أزمة وباء كورونا في العامين الماضيين من أن “العالم ليس مستعداً بما يكفي لمواجهة أزمة وباء واسع النطاق”.
و”جدري القرود” موجود في بعض دول أفريقيا كوباء محلي، وتتضمن أعراضه الإصابة بالحمى وتضخم العقد الليمفاوية وظهور بثرات كبيرة على الجلد. وظهرت أول حالة خارج أفريقيا قبل أيام في بريطانيا، وسرعان ما ظهرت حالات أخرى هناك. كما سجلت حالات إصابة في دول أوروبية وفي أستراليا وكندا والولايات المتحدة.
في العام الماضي، أجرت “مبادرة الخطر النووي”، وهي منظمة غير حكومية ممولة من “المشروع الخيري المفتوح” ومؤسسة “بيل وميليندا جيتس”، بالتعاون مع مؤتمر “ميونيخ للأمن” تجربة محاكاة لما يمكن أن يحدث في حال حدوث وباء جديد. وتضمنت التجربة نموذجاً لانتشار (متحور بالطفرة) من فيروس جدري القرود مهندس بيولوجيا ويطلقه إرهابيون حول العالم.
تم تلخيص تجربة المحاكاة تلك في تقرير فيديو متخيل في مارس 2021، ويقول فيه المراسل إن “هذا النوع من فيروسات جدري القرود تمت هندسته وتحويره.
ومع محدودية مضادات الفيروسات المتوافرة حالياً، وعدم التوصل إلى علاج فعال للمرض الناتج من الإصابة به، فإن دول العالم تكافح لمحاولة السيطرة على الوباء الجديد الذي أدى بالفعل إلى نتائج كارثية”.
ويبلغ عدد حالات “جدري القرود” التي تم تسجيلها حتى الآن في أوروبا وبريطانيا وأميركا الشمالية وأستراليا 86 حالة مثبتة و57 حالة مشتبه فيها. ولم تسجل أية وفيات بالمرض حتى الآن.
يتحدث التقرير الذي يلخص تجربة المحاكاة عن “مليارات حالات الإصابة” وعن “مئات الملايين من الوفيات”، ويخلص إلى أن “نظم الرقابة الصحية الضعيفة والفجوات في الإدارة العالمية تترك البشرية عرضة لتهديدات بيولوجية كارثية”
ويكرر التقرير بعض ما شهدناه خلال أزمة وباء كورونا، مضيفاً، “نرى عدداً أقل من حالات الإصابة في الدول التي اتخذت حكوماتها إجراءات مبكرة وحاسمة. ويحث خبراء دوليون منظمة الصحة العالمية على تبني سبل مرحلية للتحذيرات”. وينتهي التقرير بالتحذير التالي، “حان وقت الاستعداد للوباء العالمي التالي”
ملخص التجربة منشور على الموقع الرسمي لمبادرة “التهديد النووي”. وفيه أن “سيناريو التجربة يكشف عن أن الوباء بدأ بهجوم إرهابي باستخدام جرثومة تمت هندستها وراثياً في معمل أبحاث يفتقر لمعايير السلامة الحيوية الكافية وشروط الأمان البيولوجي وضعف الإشراف عليه. وبنهاية سيناريو الوباء المتخيل سيبلغ عدد الإصابات حول العالم ثلاثة مليارات إصابة والوفيات 270 مليوناً”. ويقول الموقع إن التجربة التي أجريت بنماذج كمبيوترية استندت إلى مدخلات العلماء المختلفة مع تحميل عوامل توقعات متباينة
وتضمن السيناريو المصمم آلياً أن يبدأ الوباء في 15 مايو (أيار) 2022. وبحلول يناير (كانون الثاني) 2023 يكون قد انتشر في 83 بلداً حول العالم ويصل عدد وفياته إلى 1.3 مليون حالة مع إصابة حوالى 70 مليوناً. وبنهاية فترة النموذج، أي في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تكون تلك الأرقام للإصابات والوفيات ارتفعت بشكل هائل
كان الهدف من تلك التجربة والجهد المشترك للمبادرة مع “مؤتمر ميونيخ” التحذير من عدم استعداد العالم لمواجهة أزمة وباء مثل كورونا، والتنبيه إلى ضرورة وضع الاستعدادات من الآن، وضمان تشديد عوامل الأمان البيولوجي التي تحمي من أخطار التكنولوجيا الحيوية
أصدر المشاركون في تلك المشاورات، العام الماضي، تقريراً من 36 صفحة يتضمن مقترحات بتطوير “آلية تقييم مشتركة” تعمل بالتوازي مع الآليات الموجودة حالياً، مثل إمكانات التحقيق من الأوبئة لدى منظمة الصحة العالمية، والآلية التابعة للأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في الاستخدام المتعمد للأسلحة البيولوجية
وتبدأ منظمة الصحة العالمية، الأسبوع المقبل، مشاورات حول “المعاهدة الدولية للأوبئة” التي تستهدف تعزيز القدرات العالمية لمواجهة الأوبئة في ضوء ما حدث مع وباء كورونا. ويشمل ذلك أنظمة إنذار مبكر وتعزيز التعاون في إجراءات الوقاية ومواجهة الوباء بالحد من الانتشار وسبل التحصين والعلاج
وبدأت حملة من أصحاب نظريات المؤامرة ضد المعاهدة يتهمونها بأنها تزيد من تدخل الحكومات والمنظمات الدولية في حياة الناس، كما قال المذيع اليميني في شبكة “فوكس نيوز” الأميركية تكر كارلسون. وكارلسون معروف بآرائه المتطرفة خلال أزمة وباء كورونا. وتتضمن المعاهدة بنداً يوصي “بالجهد الوطني والدولي المنسق لمواجهة الدس المعلوماتي والتضليل ونظريات التجهيل التي تضر بالصحة العامة”.
المصدر : أ ش أ