أعرب الكاتب السياسي دويل ماكمانوس، عن أن الهدنة في سوريا لن تعرف طريقاً إلى الصمود بسبب عدة عوامل أخذها بالاعتبار.
ورأى ماكمانوس، في صحيفة لوس أنجلوس تايمس الأمريكية التي كان يعمل مراسلاً لها في الشرق الأوسط، أنّ الهدنة ستفشل، على الرغم مما أسماه المثابرة والحماسة اللذين أبداهما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
ولفت إلى أنّ جهات عديدة، بدءاً من الرئيس السوري بشار الأسد وصولاً إلى تنظيم القاعدة، لا تريد هدنة حقاً، “وليس واضحاً أنّ أي أحد قادر على إيقافها عن تفجير” تلك الهدنة. وأعاد الكاتب التذكير بسيرورة المراحل الأساسية لاتفاق جون كيري وسيرغي لافروف:
تبدأ القوى الحكومية والقوى المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة بالتوقف عن إطلاق النار على بعضهما البعض. وعلى نقيض هذه القوى “الملتزمة” بالهدنة، يشير ماكمانوس إلى أن لا أحد يتوقع من مقاتلي النصرة (سابقاً – فتح الشام حالياً) وداعش التعاون لكونهما غير مدرجين ضمن الاتفاق. وإذا صمدت الهدنة لسبعة أيام، تنشئ أمريكا وروسيا مركزاً مشتركاً لتنسيق طلعاتهما الجوية ضدّ داعش وفتح الشام. عند هذه النقطة، يكون واجباً على القوات الجوية السورية التي ألقت آلافاً من من “البراميل البدائية المتفجرة على مواطنيها”، التوقف عن مهاجمة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وتُفتح الطرق لإيصال قوافل المساعدات إلى المناطق التي يحاصرها النظام. بعدها، إذا جرت الأمور كما هو مخطط لها، ستبدأ الحكومة السورية والمعارضة بإجراء مفاوضات لإنهاء الحرب.
ويعتقد الكاتب أنّ القوتين الكبريين، أمريكا وروسيا، تريدان كلتاهما هدنة، لكنّ أهدافهما الأساسية ما زالت متباعدة. ويرى أنّ كيري يريد دفع جميع الأطراف إلى المفاوضات للوصول إلى حكومة سورية جديدة تبعد الأسد عن السلطة. أمّا الروس الذين أرسلوا القوات والطائرات إلى سوريا السنة الماضية لتعزيز موقف الأسد، “يريدون بطريقة رئيسية أن يحافظوا على استقرار الحكومة”.
ماكمانوس لفت إلى أن الأسد لا يريد الاحتفاظ بالسلطة وحسب، لكنه يريد أيضاً إستخدام وقف إطلاق النار لتحسين وضعه العسكري والسياسي. وذكر بأن هذا الأمر هو ما فعله الأسد بمساعدة من الروس أنفسهم خلال وقف قصير لإطلاق النار تمّ الاتّفاق عليه سابقاً خلال هذه السنة. ويشير الكاتب إلى أنّ قادة المعارضة يأملون في أن تنهي الهدنة حصار النظام لحلب، لكنّهم يخافون في نفس الوقت، من أن يكون التأثير الأوسع لهذه الهدنة، إضعاف مقاتليهم وتعزيز موقع الأسد.
وينتقل الصحافي للكتابة عن المشاكل العمليّة لتلك الهدنة التي تبدأ بالسؤال عن الجهة الضامنة لتنفيذها. هذا السؤال أجاب عنه السفير السابق إلى سوريا روبرت فورد بالتحدّث عن ضرورة وجود فريق مراقب على الأرض، الأمر غير المتوفّر حالياً، كما قال لصحيفة لوس انجليس تايمس. أمّا عن الحالة التي يخرق فيها الأسد هذا الاتفاق، يقول مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي فريديريك هوف للصحيفة نفسها، إنّه “من دون خطّة باء، لا يوجد “وإلّا” مفيدة”. (بالنسبة إلى هوف تكون خطة باء بشنّ ضربات أمريكية ضدّ الطيران السوري، الأمر الذي استبعده أوباما).
وينقل الصحافي عن هوف إشارته إلى مخاطر أخرى على المدى الأبعد، تتمثل في غياب أيّ حاجز أمام الأسد يمنعه من استهداف القوى المعارضة الصغيرة والضعيفة في حال نجاح أمريكا وروسيا في إلحاق الهزيمة بجبهة فتح الشام.
ماكمانوس سلّط الضوء أيضاً على غياب طريق واضح للنجاح في مفاوضات السلام التي يريد كيري البدء بها. ونقل عن فورد تحذيره: “القول إنّنا سنجلب الجميع إلى طاولة المفاوضات ليس استراتيجية حقاً. سيتطلب الأمر وقتاً أطول بكثير وستحتاج المعارضة إلى دعم أكبر بكثير”. ويؤكد ماكمانوس على أهمية الهدنة، حتى ولو كانت هشّة، لأنّها تبقى أفضل من استمرار الحروب.
يشير الكاتب إلى أنّ صمود الهدنة ووصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، قد تجعل أوباما يتحاشى مغادرة مكتبه وهو مثقل بالفشل في سياسته السورية. لكن ماكمانوس يعاود الكتابة عن أنّ نجاح الهدنة غير مرجح، لأن خطة السلام تعتمد على “حكمة الفصائل السورية المسلحة وعلى حسن نية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وأضاف أن هنالك قاعدة قديمة في الشرق الأوسط مفادها أنّه من الصعب أن يتحطّم الإنسان نفسياً إذا راهن على التشاؤم.
المصدر: وكالات