عقد مجلس الوزراء الفلسطيني اليوم جلسة طارئة برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، أكد خلالها أن اغتيال الشهيد القائد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير زياد أبوعين لن يثني الشعب عن مواصلة مسيرته النضالية للدفاع عن هذه الأرض بإصرار أكبر وعزيمة أشد، حتى نيل حقوقه الوطنية المشروعة وفاء لدماء الشهداء الأبرار الذين ضحوا بحياتهم لينال الشعب حريته واستقلاله، وإنجاز إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وقال الحمد الله، في كلمته خلال الجلسة، إن قوات الاحتلال اغتالت أبوعين بدم بارد أثناء تأديته واجبه الوطني في الدفاع عن أرض فلسطين ووقوفه في وجه إرهاب الاحتلال واستيطانه الزاحف وجداره العنصري.
وأكد الحمد الله، القرارات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية في اجتماعها مساء أمس برئاسة الرئيس محمود عباس، بتحميل الحكومة الإسرائيلية المسئولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء، والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في استشهاد الوزير زياد أبوعين، وتجديد مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وكان الشهيد أبوعين قد تعرض لاعتداء من قبل جنود الاحتلال خلال قيامه ونشطاء فلسطينيين بزراعة أشجار زيتون في ترمسعيا، كما استنشق الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى دخوله في حالة غيبوبة، حيث جرى تحويله إلى مستشفى رام الله الحكومي، وهناك أعلنت المصادر الطبية استشهاده.
وبدأت في مقر المقاطعة في رام الله مراسم جنازة رسمية للوزير زياد أبو عين، الذي استشهد يوم أمس على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي. ويحضر الجنازة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، ومسؤولون آخرون.
وفي وقت سابق قال وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ إن نتائج التشريح الذي أجري أمس الأربعاء بحضور أطباء من فلسطين والأردن وإسرائيل أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الاحتلال يتحمل المسؤولية كاملة عن استشهاد أبو عين.
وأضاف أن الوفاة نتجت عن ما تعرض له من ضرب واختناق بالغاز الذي أطلقه جنود الاحتلال على المسيرة في بلدة ترمسعيا شمالي رام الله بالضفة الغربية، ومن ثم إعاقة وصول أبو عين للمستشفى.
وأكد الشيخ أن الطبيب الإسرائيلي الذي حضر التشريح وافق على النتائج، لكنه لم يوقع بعد على التقرير بينما وقعه الأطباء الفلسطينيون والأردنيون.
وعن سبب وجود طبيب إسرائيلي في عملية التشريح، أوضح الشيخ أنه تمت الموافقة على وجوده كي لا تشكك إسرائيل بنتائج التشريح، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية رفضت تشريح أبو عين في معهد “أبو كبير” الإسرائيلي، وأصرت على تشريحه في مركز الطب العدلي بجامعة القدس في أبو ديس شرقي المدينة المقدسة.
استشهد أبو عين خلال تظاهرة احتجاجية في قرية في الضفة الغربية المحتلة. وأدان كل من الرئيس محمود عباس والفصائل الفلسطينية والاردن هذا الاعتداء الوحشي، فيما تواصلت الاستنكارات الاقليمية والدولية، وطالب الاتحاد الاوروبي بتحقيق «فوري ومستقل»، فيما خيمت أجواء من التوتر في الضفة الغربية التي شهدت مواجهات بين شبان فلسطينيين والجيش الاسرائيلي أسفرت عن إصابة فتى.
وكان أبو عين (55 عاماً) وهو عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» ورئيس «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، يشارك في تظاهرة مع أهالي قرية ترمسعيا، شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية، احتجاجاً على نشاط استيطاني على اراضيهم، حمل خلالها المتظاهرون، ومنهم اجانب، اشتال زيتون من أجل زراعتها على الحدود مع مستوطنة «عيد عاد» الملاصقة لقرية ترمسعيا.
وأكد أحمد البيتاوي، مدير مجمع رام الله الطبي ان «أبو عين استشهد نتيجة تعرضه للضرب على صدره ونتيجة للغاز المسيل للدموع»، مشدداً على ان «ما يؤكد سبب استشهاد أبو عين هو الطب العدلي».
ونقلت جثة أبو عين الى معهد أبو ديس للتشريح.
وقال البيتاوي: «نتيجة الفحص السريري الاولية استشهد أبو عين بعد اصابة عضلات التنفس بالارتخاء الامر الذي ادى الى اصابته بحالة من الاختناق ادت الى استشهاده». واضاف ان «90 في المئة من التقديرات الاولية تشير الى ان سبب الوفاة هو الغاز المسيل للدموع».
وأكد ان «أبو عين وصل الى المستشفى في حالة الخطر الشديد، نتيجة اصابته بالصدر، وادخل غرفة العناية المكثفة، وبعد دقائق استشهد».
غير ان مصدراً أمنياً فلسطينياً قال ان أبو عين تعرض للضرب بأعقاب بنادق جنود من الجيش الاسرائيلي وبخوذة عسكرية على الرأس. وقال كمال سكافنة الذي كان قريباً من ابو عين في الموقع ان «الوزير ابو عين تعرض لضربة مباشرة في الصدر من احد الجنود الاسرائيليين». واضاف: «كان هناك جدل بين ابو عين وأحد الضباط الاسرائيليين. وبعد لحظات اطلقت كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع باتجاهنا، ثم تقدم جندي واعتدى على ابو عين بكعب البندقية على صدره».
وقبيل الاعتداء عليه، قال زياد ابو عين للصحافيين امام كاميرات التلفزيونات ان «جيش الاحتلال يمارس الارهاب على شعبنا الفلسطيني. جئنا الى ارضنا الفلسطينية لنزرع الشجر. هم يعتدون علينا منذ وصولنا. لا أحد ضرب حجراً او قام بالاعتداء. هذا جيش الارهاب والاحتلال ويمارس القمع على شعبنا الفلسطيني».
وتقلد ابو عين عدة مناصب في السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها منها وكيل وزارة شؤون الاسرى وانتهاء بمنصب رئيس هيئة مقاومة الاستيطان والجدار برتبة وزير. وكان ابو عين اعتقل اكثر من مرة لعدة سنوات في السجون الاسرائيلية.
وطالب الاتحاد الاوروبي بتحقيق «فوري» و»مستقل» في ظروف موت ابو عين. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فديريكا موغيريني في بيان ان «المعلومات عن استخدام مفرط للقوة من قبل قوات الامن الاسرائيلية تدعو للقلق الشديد»، مضيفة: «أدعو الى تحقيق فوري ومستقل في موت الوزير ابو عين» الذي قتل اثناء تظاهرة ضد الاستيطان.
وتواصلت ردود الفعل المنددة بالاعتداء الاسرائيلي، وجرت مظاهرات واحتجاجات في الضفة الغربية، وأغلق الفلسطينيون في رام الله المتاجر احتجاجاً، ورشق شبان بالحجارة جنوداً إسرائيليين يحرسون مستوطنة يهودية خارج المدينة.
واصيب فتى فلسطيني برصاصة في الرأس مساء الاربعاء خلال مواجهات بين شبان غاضبين والجيش الاسرائيلي وقعت عند مدخل مخيم الجلزون للاجئين القريب من مدينة رام الله عقب الاعلان عن استشهاد ابو عين.
واصدر الرئيس الفلسطيني بياناً ندد فيه بـ»الاعتداء الوحشي الذي ادى الى استشهاد المناضل زياد أبو عين»، معتبراً انه «عمل بربري لا يمكن السكوت عليه او القبول به». واضاف: «سنتخذ الاجراءات اللازمة والضرورية بعد معرفة نتائج التحقيق» في مقتله. ودعا الى حداد في الاراضي الفلسطينية لمدة ثلاثة أيام. وأعلن مكتبه ان الرئيس سيشارك في تشييع جثمان ابو عين في وقت لاحق الخميس.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله انه أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الاردني عبدالله النسور «ووضعه في صورة الجريمة الاسرائيلية بحق الشهيد ابو عين». واضاف انه طلب من نظيره الاردني «إرسال اطباء أردنيين لمشاركة الطواقم الطبية الفلسطينية في إجراءات تشريح جثمان ابو عين تمهيداً لعرض نتائج التشريح على الجهات الدولية المختصة».
واضاف ان «النسور اوعز الى وزير الصحة بالعمل فوراً على ارسال طبيبين شرعيين» الى رام الله.
ونعت حركة «فتح» أبو عين، ووصف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون قتل أبو عين بأنه «عمل إرهابي بامتياز»، مطالباً «بمحاسبة إسرائيل على هذه الجريمة البشعة وعلى غيرها من الجرائم».
ودعا مسؤولون فلسطينيون الى وقف التنسيق الامني والاسراع في الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة اسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
وأصدرت اللجنة التفيذية لمنظمة التحرير بياناً دعت فيه الى «وقف العمل بجميع أشكال التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال، والذهاب الفوري للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، لطرح قضية استشهاد المناضل زياد أبو عين وجميع الجرائم ضد أبناء شعبنا وقياداته الوطنية والشعبية ومحاسبة المجرمين عليها».
وحمّلت التنفذية ما وصفتها بـ»حكومة اليمين» الإسرائيلي المتطرف المسؤولية الكاملة عن هذا «العمل الإرهابي». وقالت ان هذه الجرائم «تتطلب تدخلاً فورياً وجاداً لوضع حد لعربدة حكومة نتانياهو وقطعان مستوطنيها، ووضع الشعب الفلسطيني تحت الحماية الدولية، ومساندة الشعب الفلسطيني وقيادته في معركة إنهاء الاحتلال وجلائه عن الأرض الفلسطينية بشكل كامل».
كما نعت حركة «حماس» و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وحزب الشعب الفلسطيني أبو عين باعتباره «شهيد الشعب الفلسطيني». واعتبرت «حماس» أنه «آن الأوان لحشد كل قوى شعبنا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي الإجرامي، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال».
وفي عمان، دان وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق باسم الحكومة محمد المومني هذه «الجريمة التي تضاف الى الجرائم الاسرائيلية المتكررة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل». وأكد المومني رفض بلاده «وبشدة المبررات الاسرائيلية لهذه الجريمة»، وحذر من «آثار استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وما يجره ذلك من انعكاسات سلبية»، مشدداً في الوقت نفسه على «ضرورة العودة الى طاولة المفاوضات بما يفضي الى إحلال السلام».
المصدر:وكالات