انضم رؤساء دول منهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والكوبي راؤول كاسترو إلى الآلاف من أبناء جنوب أفريقيا للمشاركة في وداع رئيس البلاد الأسبق نلسون مانديلا اليوم الثلاثاء في مراسم تأبين تكريما لقدرته على إزالة الاختلافات السياسية والعرقية والتقريب بين الخصوم.
وهبطت طائرة أوباما وكان على متنها أيضا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والسيدة الأمريكية الأولى ميشيل أوباما في مطار ووتركلوف. وتوافدت حشود من أبناء جنوب افريقيا وهم يغنون ويرقصون وسط الأمطار على استاد سوكر سيتي لكرة القدم بجوهانسبرج حيث بدأت مراسم تأبين مانديلا.
ورغم العداء الأيديولوجي بين الولايات المتحدة وكوبا منذ أكثر من 50 عاما كان أوباما وكاسترو من بين كبار الشخصيات التي تشارك في المراسم في استاد سوكر سيتي الذي شهد قبل 23 عاما احتفاء أنصار مانديلا به بعد خروجه من سجن نظام الفصل العنصري ورأوا فيه الأمل في جنوب افريقيا جديدة.
وتزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق اليوم الثلاثاء تعتبر مراسم تأبين مانديلا في الاستاد الذي يسع 95 ألف شخص الحدث الأهم في أسبوع حداد على رجل الدولة المحبوب على مستوى العالم الذي توفي يوم الخميس عن 95 عاما.
ورغم الأمطار سرت اجواء احتفالية خارج استاد سوكر سيتي ورقص الناس وأطلقوا صفارات الفوفوزيلا البلاستيكية وأنشدوا أغنيات تعود لأيام الكفاح ضد التفرقة العنصرية.
وقالت بيوتي بيول (51 عاما) التي شاركت الحشد في توديع مانديلا “كنت هنا في 1990 عندما أفرج عن مانديلا وأنا هنا مجددا لأودعه.
“أنا متأكدة أن مانديلا فخور بجنوب افريقيا التي ساعد في تكوينها. ليست مثالية ولكن لا يوجد شيء مثالي.. لقد حققنا خطوات واسعة.”
وبدأت مراسم التأبين الساعة 1100 (0900 بتوقيت جرينتش). وتشمل تكريما للفترة التي قضاها مانديلا في السجن وصراعه السياسي الذي انتصر فيه وتوجه رمزا عالميا للنزاهة والتسامح.
ويشارك في المراسم أيضا رئيس زيمبابوي روبرت موجابي ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وكان بلير قد وصف موجابي بأنه دكتاتور يجب الاطاحة به. وفي المقابل وصف موجابي بلير بالامبريالي وخاطبه قائلا “اذهب إلى الجحيم.”
لكن ستخفت أصوات هذه العداوات اليوم الثلاثاء أثناء تكريم ذكرى مانديلا الذي استخدم إيمانه بالمصالحة في توحيد جنوب افريقيا ذات الاعراق المتعددة.
وكان مسؤولون في جنوب افريقيا قالوا إن الرئيس الايراني حسن روحاني سيحضر المراسم أيضا مما زاد من احتمال لقائه وجها لوجه بأوباما لكن اسم روحاني لم يرد في القائمة الرسمية للحضور.
ويتوقع أن يشارك عدد كبير أيضا من المشاهير في مراسم التأبين ومن بينهم المذيعة الأمريكية الشهيرة اوبرا وينفري والمغنيان بيتر جابرييل وبونو وعارضة الأزياء ناعومي كامبل ورجل الاعمال البريطاني ريتشارد برانسون.
وستنقل شاشات في ثلاثة استادات أخرى لكرة القدم في جوهانسبرج أكبر مدن جنوب افريقيا مراسم التأبين كما ستفعل مدن أخرى في البلاد نفس الشيء.
وتطبق عملية أمنية ضخمة لتأمين الحدث حيث منعت السيارات الخاصة من دخول المنطقة المحيطة بالاستاد وطلب من المواطنين الراغبين في المشاركة استخدام المواصلات العامة.
وسيلقي الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون كلمة لتكريم مانديلا بصفته منارة للعدالة والمساواة وحقوق الإنسان التي يجب تطبيقها حتى يصبح العالم أفضل.
وقال بان في كلمة تأبين بمركز ذكرى نلسون مانديلا في جوهانسبرج أمس الإثنين “فقد شعب جنوب افريقيا والعالم أجمع بطلا. إن إرثه عريق وخالد وسيظل دليلا لعمل الأمم المتحدة.”
وسيلقي جاكوب زوما رئيس جنوب افريقيا كلمة في مراسم اليوم. ويأمل زوما في أن تساعد موجة الحزن التي سببها رحيل مانديلا حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم على الصمود في وجه احتجاجات شعبية على الفقر والجريمة والبطالة قبل ستة أشهر من الانتخابات المقررة في البلاد.
ويشارك ثلاثة رؤساء أمريكيين سابقين في مراسم تأبين مانديلا في جوهانسبرج وهم جيمي كارتر وبيل كلينتون وبوش الابن.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس لن يشاركا في مراسم تأبين مانديلا. ويوجه الكثير من أبناء جنوب افريقيا انتقادات لإسرائيل ويقولون إنها قامت بتسليح حكام نظام الفصل العنصري الذي سجن مانديلا 27 عاما.
ولن يشارك البابا فرانسيس في المراسم وسيوفد كردينالا افريقيا نيابة عنه.
وبعد انتهاء مراسم اليوم سيظل جثمان مانديلا مسجيا على نعش مفتوح لمدة ثلاثة أيام في مبنى يونيون بلدينجز في بريتوريا الذي أدى فيه مانديلا اليمين الدستورية كأول رئيس أسود لجنوب افريقيا عام 1994.
ويدفن مانديلا بعد ذلك يوم الأحد 15 ديسمبر في كونو مسقط رأسه بإقليم الكيب الشرقي على بعد 700 كيلومتر جنوبي جوهانسبرج.
ولن يشارك الكثير من زعماء العالم في مراسم الدفن في كونو حيث يرجح أن تكون عائلية وخاصة.
المصدر : رويترز