يواجه رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون تحديات عدة في طريق تنفيذ خطة خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي”بريكست”، خاصة في ضوء الوعود الانتخابية التي قدمها أثناء حملة الانتخابات المبكرة التي فاز فيها مؤخرا ، والتي تناولت المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية والاجتماعية ، إلى جانب علاقة بريطانيا بشكل خاص مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج وهو التحدي الأكبر أمام جونسون.
ومن المقرر أن تفتتح الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا اليوم الخميس، الدورة البرلمانية الأولى بعد الانتخابات العامة المبكرة التي أجريت في 12 ديسمبر الجاري وفاز فيها حزب المحافظين برئاسة جونسون . وستستعرض الملكة البرنامج التشريعي للحكومة الجديدة ، الذي من المقرر أن يطرح مشروع قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو “بريكست” على البرلمان غدا الجمعة.
ونجح حزب المحافظين بزعامة جونسون في تحقيق فوز كاسح على حزب العمال بحصوله على 365 مقعدا من أصل 650 مقعدا مقابل حصول حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، على 203 مقاعد فقط، وهي أسوأ نتيجة للحزب منذ عام 1935.
ويتفق المراقبون على أن “بريكست” مثَل العنصر الرئيسي الذي حسم الانتخابات لصالح المحافظين لذلك فقد وضع رئيس الوزراء البريطاني جونسون نصب أعينه في بداية ولايته الثانية تنفيذ “بريكست” باعتباره الهدف الأهم والتحدي الأبرز لحكومته الجديدة، مؤكدا اعتزامه قيادة بلاده خارج الاتحاد الأوروبي في الموعد المقرر بحلول 31 يناير المقبل، لتبدأ بعد ذلك مرحلة انتقالية تستمر حتى نهاية عام 2020 يتم خلالها التفاوض حول اتفاق تجاري جديد مع الاتحاد الأوروبي، على غرار الاتفاق التجاري مع كندا.
وشدد جونسون على أنه سيستخدم أغلبيته البرلمانية لمنع الموافقة على أي تمديد لهذه الفترة الانتقالية.
من جانبها أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اتفاقها مع رئيس الوزراء البريطاني على سرعة البدء في التفاوض بشأن العلاقات المستقبلية بين لندن وبروكسل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، مشيرة إلى أن فترة التفاوض بين الأول من فبراير و حتى 31 ديسمبر 2020 تعد “طموحة جدا”.
وأضافت “في حال لم نتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية 2020 فسنواجه الخطر مجدداً، ومن شأن ذلك أن يضر بوضوح بمصالحنا، لكنه سيؤثر أكثر على بريطانيا”.
والواقع أن الوصول إلى اتفاق تجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي يشكل تحديا حقيقيا أمام الطرفين لضمان خروج سلس لا يضر بالعلاقات الاقتصادية التي تجمعهما. فهذا الاتفاق سيتضمن كافة الجوانب المنظمة للعلاقة بدءا من الخدمات المالية، وقواعد المنشأ، إلى التعريفات الجمركية وقواعد المساعدات الحكومية والصيد، وهي أمور ليست بالبسيطة وبالتالي فإن فترة 11 شهر لا تبدو كافية للتوصل إلى اتفاق يغطي كافة هذه المسائل، وهو ما حذر منه المسؤولون الأوروبيون مؤكدين أن اتفاقات مماثلة تستغرق عادةً سنوات لإنجازها.
ويحذر المراقبون من أن عدم الوصول إلى اتفاق خلال الفترة المحددة من شأنه الإضرار بالمصالح الاقتصادية للطرفين، حيث أنه سيكون له تداعيات غير معروفة على أسواق المال والنمو الاقتصادي.
وفي ضوء المشهد السابق، يبدو واضحا أن “بريكست” نجح في فرض نفسه على المشهد الانتخابي البريطاني وكان هو الاختيار الأول للبريطانيين ، وهو ما دفع كثير من أنصار حزب العمال للتصويت لصالح المحافظين لإنجاز عملية الانسحاب ، وإخراج البلاد من هذا الوضع المضطرب الذي تعانيه منذ قرابة ثلاث سنوات ونصف.
وبناء عليه فإن أولوية الحكومة الجديدة ستكون إتمام “بريكست” لتدخل بعدها في التحدي الأصعب الخاص بالاتفاق التجاري مع بروكسل، والذي سيحدد بدرجة كبيرة شكل العلاقة المستقبلية بين الطرفين.
وإلى جانب بريكست، سيواجه جونسون تحديات أخرى من أهمها الحفاظ على وحدة البلاد بمختلف أقاليمها بعد إتمام عملية الخروج من الكتلة الأوروبية، خاصة في ظل تصاعد الأصوات في اسكتلندا التي تنادي بإجراء استفتاء للانفصال عن المملكة المتحدة وذلك للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي.
كما سيواجه جونسون أيضا تحديات اقتصادية تنفيذا لوعوده الانتخابية بتطوير خدمات القطاعين الصحّي والتعليمي وتعزيز الأمن، حيث أنه كان من أوائل القائلين بأن “بريكست يعني أموالاً تُنفق في الداخل بدلاً من دفعها للاتحاد الأوروبي”، وهو ما سيلقي على عاتقه بالتزامات عدة للحفاظ على ثقة ناخبيه، وجذب الأصوات المستقبلية للناخبين التقليديين من أنصار حزب العمال، الذين بدلوا ولاءهم هذه المرة وأيدوا المحافظين.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)