لا يزال وقع الكلمات الأخيرة التي دونها الأطفال المنتحرون تصدح بصداها المؤلم في ذاكرة السوريين، وهي تقض مضاجع القلق والخوف في قلوبهم.
ويراقب السوريون انهيار آمال علقوها على جيل المستقبل، في ظل تفاقم انتحار الطفولة في عموم البلاد التي تعيش حربا ولدت الخوف والنزوح والجوع واليتم، ودفعت آثارها منظمات دولية للتحذير من كارثة تطرق بقوة أبواب السوريين.
فقد وثقت منظمة “أنقذوا الأطفال” العالمية انتحار 246 شخصا، و1748 محاولة انتحار لآخرين خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مؤكدة أن من بين كل خمسة منتحرين طفل.
وأشارت المنظمة في تقريرها أن نسبة الانتحار خلال الأشهر الأخيرة من 2020 قفزت إلى 90 بالمئة مقارنة مع بداية العام الماضي.
وبينت المنظمة العالمية أن 42 بالمئة من المنتحرين تبلغ أعمارهم 15 عاما أو أقل، بينما 18 بالمئة منهم هم من فئة الشباب والمراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و20 سنة.
ووثقت المنظمة آخر حالة انتحار للعام الحالي لطفل نازح في مخيم حماة يبلغ من العمر 14عاماً أواخر الشهر الماضي.
وأكدت سيدة نازحة من عفرين في العقد الرابع من العمر ارتفاع نسبة انتحار الأطفال في عفرين وريفها، لا سيما بين الفتيات، وسط تكتم على العدد الحقيقي للضحايا.
وأضافت السيدة في حديثها لسكاي نيوز عربية أن عمليات خطف يومية ترتكبها الميليشيات الإرهابية المسيطرة على المدينة وريفها بحق المدنيين عامة والفتيان والفتيات القاصرات خاصة، بدافع الفدية والاغتصاب والتجنيد.
وأشارت السيدة – التي فضلت عدم الكشف عن اسمها – ، إلى أن ما تعرف بـ”ميليشيات سمرقند” الإرهابية خطفت ابنة شقيقتها البالغة من العمر 14 عاما، العام الماضي، وألقوا بها بين حقول الزيتون في حالة نفسية وصحية يرثى لها، وسط نزف حاد كانت تعاني منه إثر تعرضها لاغتصاب جماعي من قبل الميليشيات طيلة فترة احتجازها.
وأكدت أن الفتاة انتحرت بعد ثلاثة أسابيع من عودتها بداية العام الجاري.
وقالت: “ابنة شقيقتي ليست الحالة الأولى لفتيات صغيرات، فهناك حالات خطف يومية نسمعها من خلال تواصلنا مع من بقي في عفرين، ويحدثونا عن اغتصابات وحشية ترتكب بحق المخطوفات، ولا تسمح تلك الميليشيات لأهالي المنتحرات توثيق حالات الانتحار وأسبابها، فتبقى طي الكتمان”.
وأضافت: “العام الماضي انتحر طفلان كرديان، صبي وفتاة، يبلغان من العمر 14 و15عاما، بسبب ملاحقة ميليشيات إرهابية لهما، خاصة لواء سمرقند الذي ذاع صيته في خطف القاصرين الصبيان، بهدف تجنيدهم للقتال، والفتيات لاغتصابهن”.
وكانت منظمة حقوق عفرين قد وثقت قبل أيام عملية خطف فتاة كردية تبلغ من العمر 16 عاماً، ووجدت ملقاه بين حقول الزيتون فاقدة الوعي وعليها كدمات تعذيب وحشية من جراء تعرضها للاغتصاب.