بدأت أزمة جديدة حول الغاز الروسي المصدر إلى أوكرانيا تتصاعد لتذكر بأزمات مشابهة بين روسيا من ناحية ، وأوكرانيا والدول الأوروبية من الناحية الأخرى بين عامي 2006 و2009 ، وترتبط الأزمة الحالية مباشرة بالوضع السياسي الجديد، الذي تشكل بعد انضمام القرم إلى روسيا والصراع الدائر على مستقبل أوكرانيا.
وقد أكد رئيس الحكومة الأوكرانية أرسيني ياتسينوك أن بلاده لا تقبل السعر الجديد للغاز الذي فرضته روسيا ويصل إلى حوالي 500 دولار لكل ألف متر مكعب، معتبرا أن رفع أسعار الغاز يمثل “ضغط سياسيا” على كييف.
ومن جهته ، لم يستبعد وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أن تتوجه بلاده إلى محكمة استكهولم للتحكيم الدولي لمراجعة سعر الغاز الروسي، موضحا أن صفقة الغاز الموقعة بين كييف وموسكو في العام 2009 تتضمن إمكانية اللجوء إلى محكمة ستوكهولم.
يشار إلى أن روسيا أعلنت مؤخرا رفع سعر الغاز المصدر إلى أوكرانيا، حيث رفعت شركة (غاز بروم) الروسية مطلع الشهر الحالي ، السعر من 268.5 دولار للألف متر مكعب إلى 385.5 دولار، وذلك إثر إلغاء موسكو تخفضيات كانت منحتها لكييف نهاية العام الماضي..معللة هذه الخطوة بعجز كييف عن دفع مديونيتها عن الغاز الروسي.
وتبع هذه الزيادة، إعلان رئيس الحكومة الروسية دميتري ميدفيديف رفع سعر الألف متر مكعب من الغاز إلى أوكرانيا 100 دولار إضافية ، أي إلى 485 دولار ، وذلك على خلفية إلغاء روسيا العمل باتفاقية خاركوف لعام 2010 التي تنص على تمديد مرابطة أسطول البحر الأسود الروسي لمدة 25 عاما على أراضي أوكرانيا بدءا من العام 2017 ، وقد تم إلغاء هذه الاتفاقية بعد أن انضمت جمهورية القرم وسيفاستوبول إلى روسيا.
وبعبارة أخرى رفعت روسيا أسعار الغاز الطبيعي الروسي المصدر إلى أوكرانيا مرتين خلال أسبوع واحد ، ما أدى لحديث كييف وعواصم غربية عن استخدام الكرملين لورقة الغاز لأهداف سياسية.
وكان رئيس شركة الغاز الروسية (غاز بروم) الكسي ميلر قد أعلن أمس السبت أنه على أوكرانيا تسديد 11،4 مليار دولار من عائدات خفض أسعار الغاز، الذي منح لها خلال السنوات الأربع الماضية..منتقدا فكرة “التوريد العكسي” للغاز الروسي من أوروبا إلى أوكرانيا ، داعيا الشركات الأوروبية المستعدة للقيام بمثل هذه التوريدات إلى إجراء دراسة لمدى قانونيتها.
وشكك ميلير في الإمكانية التقنية لتوريد الغاز بشكل عكسي من سلوفاكيا غرب أوكرانيا إلى مناطق مثل دونيتسك وخاركوف وكييف شرقي أوكرانيا ، مشددا على أن هذا التوريد غير قانوني.
وكانت أوكرانيا قد أعلنت أنها تجري مع سلوفاكيا محادثات في إطار خططها لتأمين توريدات عكسية للغاز من أوروبا.
وفي هذا الصراع على الغاز ، أعلن نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن أن بلاده ستعمل مع أوكرانيا وأوروبا للحيلولة دون استخدام توريدات الغاز إليها كأسلحة سياسية.
وشدد بايدن في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك على أهمية زيادة أمن أوكرانيا في مجال الطاقة ووعد بالعمل الوثيق مع أوروبا وسائر الدول الأوروبية لمنع أية دولة من استخدام الطاقة كسلاح سياسي.
ولا يستبعد أن تتفاقم حدة أزمة الغاز الروسي المصدر إلى أوكرانيا في الأسابيع القليلة القادمة ، ولا يستبعد أيضا أن تتحول إلى أزمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا قد تؤثر على توريدات الغاز إلى الدول الأوروبية بدرجة أو بأخرى مع حلول الشتاء القادم.
المصدر: أ ش أ