كشفت تقارير استخبارية غربية أنه خلال عام 2020 قامت تركيا بنقل المئات من عناصر الميليشيات التكفيرية ومنتسبي داعش من سوريا إلى ليبيا وذلك فيما يشبه “نسخة إرهابية” لعمليات النقل الاستراتيجي العسكرية، كما قام النظام التركي بإخلاء سبيل المئات من الدواعش للدفع بهم إلى الساحة الليبية في مهمة جديدة قد تكون الأسوأ على الإطلاق.
وتشبه تلك العملية ما سبق وقامت به أنقرة في الاتجاه المعاكس عندما رتبت في عام 2011 بعد سقوط نظام القذافي من نقل مئات من الميليشيات المتحالفة مع القاعدة من ليبيا إلى سوريا في محاولة لتقويض أركان الدولة السورية.. وبحسب التقارير الغربية استمر الدعم التركي لتهريب المتطرفين ودعمهم بالأموال والأسلحة والعتاد محاطا بالسرية – حتى عن الشرطة التركية – حتى العام 2014.
ويقول المراقبون إن ما زعمته تركيا عن محاربة داعش ووضع المئات من مقاتلي التنظيم من سوريا والعراق في سجونها – في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش – قد بانت حقيقته الآن وهي أن “سجناء داعش في تركيا” لم يكونوا سجناء في واقع الأمر بل كانوا في معسكرات تجميع معظمها في منطقة (اكاكلى) التركية القريبة من الحدود السورية بها كل وسائل الترفيه انتظارا لشن حملة إرهاب جديدة وأن مصابيهم كانوا يتلقون العلاج في المستشفيات التركية تحت غطاء منظمات إغاثية وإنسانية تعمل تحت غطاء كامل من الحكومة التركية.
وأكد خبراء المركز الأوروبي لمكافحة التطرف – ومقره ستوكهولم – أن النظام التركي تعمد بالفعل ممارسة التضليل المعلوماتي للعدد الفعلي لعناصر داعش الموجودين على الأراضي التركية توطئة للدفع بهم في مهام جديدة تخدم خطط أرودوغان في السيطرة على الشرق الأوسط وإرهاب حلفائه الغربيين في حلف شمال الأطلنطي، ويؤكد تقرير المركز الأوروبى لمكافحة التطرف أن نسبة لا تتعدى 10% من منتسبي داعش الموجودين في تركيا هم بالفعل “سجناء حقيقيين” ربما لقيامهم بارتكاب أعمال تخريبية ضد تركيا سواء في داخلها أو في مناطق نفوذها في سوريا.
وفي أواخر عام 2018 أفرجت تركيا عن 1354 من مقاتلي داعش من أصل 5500 داعشي اعترف الرئيس التركي في العاشر من أكتوبر الماضي بوجودهم في معتقلات تركية نصفهم من غير العرب وأنه ينوى ترحيلهم إلى دولهم، وخلال لقائه مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض في الثالث عشر من نوفمبر 2019 تفادى أردوغان الكشف عن العدد الحقيقي لمنتسبي داعش الموجودين في سجون تركيا.
وبعد أن دمغ مؤتمر برلين سياسات أردوغان بالفشل وأبان انكشاف مخططاته الشرير ونواياه الطامعة في ليبيا أمام قادة العالم في يناير 2020 ، تشجعت المعارضة التركية على فضح تستر النظام التركي على منظمات الإرهاب وعناصره في ليبيا، وكشفت المعارضة التركية عن وجود أصابع تركية في كل ما جرى بليبيا منذ العام 2011 وما تلاه وهو ما تجاهلت حكومة أردوغان الرد عليه أو تفنيده.
وتكشف مضابط البرلمان التركي أن الاستجوابات بشأن علاقة أنقرة بمنظمات الإرهاب في ليبيا التي تم توجيهها لـ بن على يلدريم رئيس الوزراء التركي السابق ووزير داخليته سليمان سوليو وفؤاد اقطاى نائب اردوغان بلغ إجماليها 13 استجوابا منذ العام 2013 لم يتم الرد عليها.
وخلال عام 2020 تكشفت معلومات عن قيام أنقرة بنقل مقاتلين من ليبيا إلى سوريا، حيث كشفت وثائق أمنية تركية مسربة عن مساندة تركيا للإرهابي الليبي الأصل عبد الحميد على موسى بن علي الذي يعد وكيل تنظيم القاعدة في ليبيا بعمليات نقل الأفراد والسلاح من ليبيا إلى سوريا منذ العام 2012 وبإشراف مباشر من رئيس الوزراء التركي أنذاك رجب طيب أردوغان ومجموعة من كبار مستشاريه على رأسهم فداء مجذوب وإبراهيم قلين “الذي يشغل منصب المتحدث الرئاسي التركي حاليا” وسفير توران “كبير المستشارين الحالي في الرئاسة التركية”.
كما أن الوثائق المسربة التي حصلت عليها شبكة مكافحة التطرف الأوروبية “نورديك نتوورك ” والصادرة عن الاستخبارات التركية بتاريخ 18 يوليو 2012 تكشف كذلك عن تورط نظام أردوغان في نقل رجال وعتاد إلى الأراضي السورية لإذكاء نيران الصراع منذ يوليو 2012 وذلك عبر مركز تجميع تديره الاستخبارات التركية ويقع في منطقة /هاتيا/ التركية على الحدود مع سوريا، كما تكشف الوثائق المسربة عن إصابة نائب وكيل تنظيم القاعدة الإرهابي في ليبيا ويدعى مهدي الحراتي في قصف جوى إسرائيلي لسوريا قبل ثلاثة أعوام و نقله للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية التركية وقيام أردوغان بزيارته فيها للاطمئنان عليه .
وفي 2011 كشفت صحيفة (دايلي تيليجراف) البريطانية عن تعاون مبكر بين عبد الحكيم بالحاج زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا التي تتبع القاعدة في الفترة التي تلت الإطاحة بالعقيد القذافي وبين نظام أردوغان في نقل مقاتلين ليبيين إلى سوريا ودعم ما يعرف بالجيش السوري الحر، وهو ما وثقته تقارير الأمم المتحدة و التقارير الغربية التي صنفت بالحاج كأحد أخطر الإرهابيين المطلوبين دوليا على النشرة الحمراء ، كما رصدت (التليجراف) البريطانية نقلا عن مصادر استخبارية غربية تأكيدها عقد بلحاج لعدد من اللقاءات في أنقرة مع مسئولي الجيش السوري الحر.
وبالإضافة لدعم “الجماعة الإسلامية المقاتلة” تؤكد تقارير الاستخبارات الغربية دعم تركيا المستتر لجماعات متطرفة مسلحة مشابهة تعمل في ليبيا وجميعها مدرج تحت بند التنظيمات الإرهابية المعاقبة وقياداتها، من أبرز تلك الجماعات المتطرفة صلاح بادى قائد جماعة “جبهة الصمود الليبية” و محمد الزهاوي قائد “كتائب الدفاع عن بنغازي” التي تناصر حكومة الوفاق بالإضافة إلى عبد الحكيم بلحاج قائد “الجماعة الإسلامية المقاتلة ” وثلاثتهم مدرجون على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب الدولي كمطلوبين منذ العام 2011 .
وتكشف مجموعة العمل الدولية لمعاقبة ليبيا – التابعة للأمم المتحدة – عن منح تركيا في عام 2015 حق اللجوء السياسي لزعيم ” جبهة الصمود الليبية ” صلاح بادى كما أتاح الإعلام التركي متسعا كافيا له للظهور، خلال تواجده على الأراضي التركية كان صلاح بادى والعناصر التابعة له يشكلون ميليشيا خاصة للدفاع عن أردوغان إبان المحاولة الانقلابية المزعومة في صيف عام 2016 ونشرت صحيفة ينى شفق التركية – لسان حال أردوغان – تقريرا مصورا بتاريخ 15 يوليو 2016 يشيد باعتداء رجال صلاح بادى على المتظاهرين المنتفضين ضد أردوغان في موقعة دامية قرب جسر البسفور ، كما كان صلاح بادى نفسه على رأس مستقبلي أردوغان على مدرج مطار إسطنبول الدولي عندما عاد إليه في وقت لاحق إبان الأزمة.
وفي الخامس من يناير 2019 استقبل ياسين أقطاي كبير مستشاري أردوغان الداعية الليبي على محمد الصلابي المقيم في قطر والشقيق الأصغر لأحد أمراء التطرف في ليبيا إسماعيل الصلابي زعيم تنظيم “أنصار الشريعة ” في ليبيا وهو تنظيم مدعوم من قطر وذلك في مؤشر جديد على مدى التنسيق القطري التركي لنشر الإرهاب والتطرف في ليبيا.
كذلك فقد سبق لنظام أردوغان دعم العنصر المتطرف محمد الزهاوي الزعيم السابق لتنظيم “أنصار الشريعة” في ليبيا والمتهم الأول في تدبير واقعة الاعتداء على مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي الذي أودى بحياة السفير الأمريكي ببنغازي كريستوفر ستيفنز عام 2012.
المصدر : أ ش أ