توترات تزداد يوما تلو الآخر في منطقة المحيط الهادئ بعد الإعلان عن تحالفات وتجارب صاروخية وزيادة عمليات التسليح وتدريبات عسكرية، وسط تخوفات من نزاع وشيك.
وتشهد منطقة آسيا سباق تسلح واسعا بذريعة الردع والردع المضاد في لعبة تجاذب القوى بين الصين وشركائها والولايات المتحدة وحلفائها، وتتهم بكين واشنطن بأنها تعمل على تصعيد التوتر من خلال تشكيل حلف عسكري في المنطقة.
ونسجت واشنطن سلسلة تحالفات أمنية وسياسية وعضدت من مطالب دول بحر الصين الجنوبي في وجه بكين، حيث يشهد هذا المسطح المائي إشكالية سيادة ضخمة ونزاع للسيطرة على الجزر ومياهه ومضائقه المتعددة.
وتتكشف المواجهة بين القوتين في بحر الصين الجنوبي، على خلفية توسع الصين، التي نشرت خرائط شملت غالبية مياه البحر بوصفها صينية. وقد أثار ذلك احتجاجات العديد من دول آسيان، التي تعتبر عددا من الجزر جزءا من أراضيها.
ومنتصف الشهر الماضي، أعلنت واشنطن عن تحالف “أوكوس” الأمني مع بريطانيا وأستراليا في خطوة لإعادة ترتيب هيكل القوة في منطقة المحيط الهادئ.
وينظر إلى الاتفاقية على نطاق واسع على أنها محاولة لمواجهة النفوذ الصيني في بحر الصين الجنوبي، إذ تعد المنطقة بؤرة ساخنة للتوترات على مدار سنوات.
كما سعت واشنطن لإحياء وتنشيط التحالف الرباعي “كواد” (الولايات المتحدة، والهند، واليابان، واستراليا) الذي تأسس كمنصة للتعاون الأمني والاستخباري بين الدول الأربع ليكون نواة لـ”ناتو آسيوي موسع”، يضم دولاً آسيوية وأوروبية وربما دول شرق أوسطية، في إطار الاستراتيجية الأمريكية لـ”احتواء الصين” على غرار استراتيجية الاحتواء تجاه الاتحاد السوفيتي السابق خلال الحرب الباردة.
ونهاية الشهر الماضي، عقد قادة الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا أول اجتماع مباشر لما يسمى بتكتل “كواد” تصدرته ملفات عدة أبرزها أمن المحيطين الهندي والهادئ.
وفي المقابل، أقامت موسكو وبكين، اللتان أجرتا تدريبات تعاون بحري في بحر اليابان في وقت سابق من أكتوبر، علاقات عسكرية ودبلوماسية أوثق في السنوات الأخيرة في وقت توترت فيه علاقاتهما مع الغرب.
ومنذ العام 2012، تجري موسكو وبكين مناورات بحرية منتظمة. وقد شارك جيش التحرير الشعبي الصيني، منذ العام 2018، في التدريبات الاستراتيجية الروسية السنوية الثلاث، والآن الروس يشاركون في مناورات بالصين.
وردا على سؤال حول سبب عدم توقيع الصين وروسيا على اتفاق كامل بشأن تحالف عسكري، أجاب السفير الصيني لدى موسكو، تشانغ هانهوي: “نحن أكثر من مجرد حلفاء، نحن أخوة”.
والسبت، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن سفنا حربية روسية وصينية نظمت أولى دورياتها المشتركة في الجزء الغربي من المحيط الهادئ في 17 و23 أكتوبر.
وأضافت الوزارة أن “مهام هذه الدوريات هو إظهار علمي دولتي روسيا والصين والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وحماية مجالات الأنشطة الاقتصادية البحرية للبلدين”.
وفي وقت سابق من أكتوبر، أجرت الدولتان تدريبات على التعاون البحري في بحر اليابان، وعززتا علاقاتهما العسكرية والدبلوماسية في السنوات الأخيرة في وقت توترت فيه علاقاتهما مع الغرب.
وفي أغسطس الماضي، أجريت في شمال غربي الصين في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم، التدريبات العسكرية الاستراتيجية الروسية الصينية المشتركة “الغرب / التفاعل – 2021” بمشاركة 10 آلاف عسكري من البلدين.
وتأتي الدوريات في وقت يتصاعد التوتر بين الصين وتايوان التي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها وتتوعد بإعادة توحيدها مع البر الرئيسي.
وهذا الشهر، سجلت طلعات قياسية لطائرات صينية خرقت منطقة الدفاع الجوي لتايوان، التي حذر وزير دفاعها من أن بكين ستكون قادرة على القيام بغزو شامل في 2025.
وتعهدت واشنطن بالدفاع عن الجزيرة ذات الحكم الذاتي الديموقراطي، وأكّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، أنّ الولايات المتّحدة ستدافع عسكرياً عن تايوان إذا ما شنّت الصين هجوماً عليها.
وردا على هذه التصريحات، طلبت الصين الجمعة من واشنطن التزام الحذر بشأن تايوان.
وشددت، في بيان للخارجية، على أنها لن تقدم تنازلات أو تسويات بشأن القضايا التي تمس المصالح الرئيسية لها، بما في ذلك سيادتها وسلامة أراضيها، “لا داعي للوقوف بوجه 1.4 مليار صيني”.
المصدر : وكالات