قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي, تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة 21 يوليو الجاري، وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر.
وجاء قرار التأجيل لبدء الاستماع إلى أقوال الشهود, واستخراج شهادة من نيابة أمن الدولة العليا تفيد ما إذا كان المتهم أمين الصيرفي قد عرض عليها في 17 ديسمبر 2013 من عدمه، واستخراج شهادتي تحرك للمتهمين الهاربين علاء سبلان وأسماء الخطيب، وضم صورة رسمية من الحكم الصادر مؤخرا في قضية التخابر التي أدين فيها محمد مرسي وآخرين.
استكملت المحكمة استعراض الأحراز المضبوطة بحوزة المتهمين.. حيث قام الخبير الفني بعرض الأحراز الخاصة بالمتهم كريمة الصيرفي،وما احتواه جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها، حيث تبين إنه يتضمن مجموعة من المقاطع المصورة لمسيرات عناصر جماعة الإخوان، وبعض المقاطع المصورة الشخصية.. كما عثرت المحكمة على مجموعة من صور المتهمين أمين الصيرفي وأحمد علي عفيفي على جهاز الكمبيوتر اللوحي المملوك لها.
وقرر الخبير الفني بتعذر عرض محتويات الجهاز هاتف محمول مملوك لذات المتهمة، عدا بعض الرسائل النصية وسجل المكالمات, حيث تبين تكرار وجود مكالمات بين المتهمة والمتهم أحمد علي عفيفي.. ثم عاد الخبير الفني وطلب تمكينه من إعادة المحاولة مع الجهاز، وتمكن من فتح محتوياته, حيث عثر بالجهاز على خطاب يحمل مسمى (رئاسة الجمهورية – السكرتارية الخاصة) حول انعقاد مؤتمر بقصر الاتحادية يوم السبت 8 يونيو 2013 ومذيل بتوقيع خالد القزاز سكرتير الرئيس للشئون الخارجية.. وخطاب آخر يحمل مسمى (رئاسة الجمهورية – السكرتارية الخاصة) مؤرخ في 1 يونيو 2013 موجه إلى مدير جمعية الضياء الخيرية بغرب أفريقيا, يتحدث فيها عن منتدى مصري للسياسة الخارجية وتطوير رؤى وبرامج السياسة الخارجية المصرية و يدعوه لحضور الحوار.
كما قامت المحكمة باستعراض محتويات وحدة تخزين إلكترونية مملوكة للمتهمة, وتبين أنها تحتوي على أناشيد خاصة بتدريبات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ومقطع مصور لأحد قيادات جماعة الإخوان يتحدث فيه عن انتهاج الإخوان لأسلوب الدعوة لتحقيق أهدافهم.
وتبين للمحكمة أيضا وجود العديد من الأوراق المحررة باللغة العبرية، وخرائط للأراضي الفلسطينية، وصور لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وصور لافتات تحمل شعار حركة حماس، وصور لأشخاص يحملون أسلحة نارية، ومقاطع مصورة لمظاهرات ومسيرات فلسطينية، ومجموعة من الأوراق المتعلقة بكيفية استقطاب الشباب وإقناعهم بالانضمام إلى جماعة الإخوان.
وتضمنت الأحراز أيضا وحدات تخزين إلكترونية متنقلة، تحتوي ملفات وأوراق حول آليات عمل التنظيم الإخواني، ووثائق توجيهات لشباب في دول أندونيسيا والفلبين وماليزيا حول دور الشباب في حمل رسالة جماعة الإخوان، علاوة على مجموعة من الصور والأوراق البحثية حول عمل الإخوان في الخارج ولقاءات عناصر الجماعة في جنوب أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا وتنزانيا والنيجر.
وأثبتت المحكمة عرضها لكافة الأحراز المضبوطة بحوزة المتهمين.
من جانبه، طالب دفاع المتهمين بندب أحد الخبراء المتخصصين في برمجيات الحاسب الآلي من كلية الهندسة، لسؤاله فيما تم عرضه من أحراز ومناقشته في بعض الجوانب الفنية المتعلقة بتاريخ إنشاء الملفات ووضعها على وحدات التخزين وتاريخ تعديلها، وضم صورة رسمية من الحكم الصادر مؤخرا في قضية التخابر التي حوكم فيها محمد مرسي وقيادات بالإخوان، إلى ملف القضية لتوضيح الدفع الذي سبق وأبداه الدفاع من عدم جواز نظر القضية الحالية لسابقة الفصل فيها وصدور أحكام بها فيما يتعلق بالاتهام بتولي قيادة في جماعة أسست على خلاف أحكام القانون.
كما طالب الدفاع بضم صورة رسمية من القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية والتي قضي فيها ببراءة أحمد عبد العاطي من تهمة الانضمام لجماعة الاخوان، تأييدا للدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية عن تهمة تولي قيادة بجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وضم شهادة حول تحريات الأمن الوطني حول الاتهام الوارد بأن المتهم أمين الصيرفي أخبر زوجته في مقابلة بينهما على هامش نظر تجديد حبسه احتياطيا في القضية في 17 ديسمبر 2013، بتكليف نجليتهما كريمة الصيرفي بتسليم المستندات التي بحوزتها لباقي المتهمين.
كما طالب الدفاع بندب خبير من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لفحص الرسائل الالكترونية المرسلة من المتهم أحمد إسماعيل، من عناوين البريد الالكترونية الواردين بالتحقيقات، للوقوف على صحة الاتهام والمستندات التي اتهم بإرسالها للخارج، وبيان ما إذا كانت تتعلق بأسرار الدفاع من عدمه، واستخراج شهادة تحركات خاصة بالمتهم العاشر علاء عمر سبلان عن الفترة من أول أكتوبر 2013 وحتى 30 ابريل 2014 وشهادة تحركات للمتهمة التاسعة أسماء محمد الخطيب عن الفترة من 30 يونيو 2013 حتى 30 ابريل 2014 .
وطالب الدفاع إلى المحكمة بالاستعلام من رئاسة الجمهورية عن الهيكل الإداري وعدد الموظفين العاملين بمكتب مدير مكتب رئيس الجمهورية والاختصاص الوظيفي لكل منهم بتاريخ 30 يونيو 2013 وضم سجل حفظ المستندات وسجل الوارد الخاص بمكتب رئيس الجمهورية و مدير مكتبه بذات التاريخ، وسماع شهود الإثبات.
كان المستشار الشهيد هشام بركات النائب العام قد وافق على إحالة المتهمين إلى المحاكمة, في شهر سبتمبر 2014، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية.. حيث جاء بأمر الإحالة “قرار الاتهام” أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية, والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية – والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة – بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس – رئيس الجمهورية الأسبق) – أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس – مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) – أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس – سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) – أحمد علي عبده عفيفي (محبوس – منتج أفلام وثائقية) – خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس – مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) – محمد عادل حامد كيلاني (محبوس – مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) – أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس – معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) – كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) – أسماء محمد الخطيب (هاربة – مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) – علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية – معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) – إبراهيم محمد هلال (هارب – رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية).
وأشارت التحقيقات التي أشرف عليها المستشار تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، إلى أن مرسي استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي.
وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط ألكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق – رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة.
وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين (من العاملين بقناتي الجزيرة و مصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة،والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين.
وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي, هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته.
وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد, والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
المصدر: أ ش أ