قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة – اليوم السبت – تأجيل محاكمة عدد من كبار قيادات جماعة الإخوان المسلمين, إلى جلسة الغد, في قضية اتهامهم بالقبض على أحد المواطنين واحتجازه وتعذيبه وصعقه بالكهرباء داخل مقر إحدى الشركات السياحية بميدان التحرير.
عقدت الجلسة بمقر معهد أمناء الشرطة بطره, برئاسة المستشار مصطفي حسن عبد الله وعضوية المستشارين أحمد الدهشان وعمرو فوزي.
قال القيادي الإخواني محمد البلتاجي موجها حديثه للمحكمة من داخل قفص الاتهام, إنه كان منذ الرابعة فجرا في أكاديمية الشرطة, وأنه ظل هناك ولحين بدء جلسة أحداث قصر الاتحادية وانتهائها بدون طعام أو شراب, ثم جيىء به إلى معهد أمناء الشرطة لمحاكمته في هذه القضية.. وأضاف في لهجة حملت صراخا منه “إذا كانت المحكمة تريد أن نحضر إليها جثثا فلا يوجد مانع”.
وعقب رئيس المحكمة على حديث البلتاجي قائلا إن هيئة المحكمة في انتظار حضوره , منذ الساعة التاسعة صباحا, حتى يكتمل وجود المتهمين لنظر الجلسة.
من جانبه, طالب محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن المتهمين, بتأجيل نظرا القضية باعتبار أن هيئة الدفاع كانت تحضر مناقشة الشهود في قضية الاتحادية ولم يتسن لهم إحضار أوراق هذه القضية.. مطالبا إلى المحكمة أيضا بالتنسيق بين دوائر المحاكم التي يحاكم فيها المتهمون منعا للتعارض في مواعيد نظر القضايا.
كان المستشار هشام بركات النائب العام قد سبق وأن أمر بإحالة كل من أسامة ياسين وزير الشباب السابق, ومحمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل , والإعلامي أحمد منصور المذيع بقناة الجزيرة القطرية , وكل من عمرو زكي وحازم فاروق ومحسن راضي أعضاء مجلس الشعب المنحل, والقياديين الإخوانيين محمد البلتاجي وصفوت حجازي إلى محكمة جنايات القاهرة, لاتهامهم بالقبض على مواطن واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر شركة “سفير للسياحة” ميدان التحرير.
جاءت التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة في القضية, على ضوء بلاغ من أحد المواطنين في غضون عام 2011 يفيد بأنه كان في محيط ميدان التحرير يوم الخميس 3 فبراير 2011 للمشاركة في المظاهرات التي أعقبت ثورة 25 يناير, وأن شخصا استوقفه على أحد مداخل الميدان , وادعى أنه من اللجان الشعبية المختصة بأمن الميدان, وطلب الاطلاع على تحقيق شخصيته , ولما تبين أنه لا يحملها استدعى آخرين وأشاعوا في الميدان أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة.
وأظهرت التحقيقات تعدي المتهمين على المواطن بالضرب المبرح , حتى فقد وعيه.. ثم حملوه إلى داخل مقر إحدى الشركات بعقار يطل على ميدان التحرير, واحتجزوه بها, لمدة 3 أيام , عذبه المتهمون خلالها وصعقوه بالكهرباء.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن توافر الأدلة على أن المجني عليه يعمل محاميا, ولا ينتمي لجهاز الشرطة مطلقا, فضلا عن وجود مشاهد فيلمية للوقائع قدمها صحفي شاهد الواقعة بنفسه وصورها, وثبت منها أن المتهمين ألقوا القبض على المجني عليه وحسروا عنه ملابسه, واحتجزوه بمقر شركة سفير للسياحة الكائن بالطابق الأرضي بأحد العقارات بميدان التحرير.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين أشاعوا بين المتظاهرين السلميين بالميدان, أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة, مهمته مراقبة المتظاهرين للنيل منهم, وظهر المتهم حازم فاروق حال قيامه بصفع المجني عليه على وجهه وإلقائه على الأرض, ثم جلس فوقه وكتب على صدره عبارة (رائد أسامة كمال ضابط أمن دولة كلب النظام) وطلب منه الاعتراف بذلك.
كما تبين من التحقيقات أنه ظهر من المشاهد أن المجني عليه رفض ما يأمره به, فانهال عليه المتهم حازم فاروق بالضرب المبرح مستخدما عصا خشبية على جميع أنحاء جسده, ثم أمسك عضوه الذكري بيده, وضغط عليه بقوة كي يؤلمه, ثم صعقه بالكهرباء.. في حين أعلن أحد المتواجدين بالمكان قدوم المتهمين محمود الخضيري ومحسن راضي إلى مكان الاحتجاز, كما ظهرت بالمشاهد المصورة صورة المتهم عمرو زكي.
وأكدت أقوال الشهود من سكان العقار وحراسه ومدير شركة سفير للسياحة ومالكها , حدوث الواقعة كما ظهرت بالمشاهد الفيلمية, وأن المتهمين جميعا استولوا على مقر الشركة بالقوة, واستخدموه في احتجاز المواطنين الذين يتم إلقاء القبض عليهم بداخل المقر, بعد أن يبثوا شائعات كاذبة أنهم من رجال الشرطة ومندسين بين المتظاهرين, وذلك بغية تأجيج مشاعر الغضب بين المتظاهرين السلميين ضد أفراد الشرطة.
وأظهرت التحقيقات أن المتهمين كانوا يتواجدون دائما بمقر الشرطة للشد من أزر المتهمين محمد البلتاجي وحازم فاروق أثناء تعذيبهما للمجني عليه.. وأكد الشهود أن المتهم محمد البلتاجي شارك في تعذيب المجني عليه وكان يضع قدمه على رأسه ويضغط عليها بقوة لإذلاله وأنه عذبه بالصعق الكهربائي.
كما أثبتت معاينة النيابة العامة لمقر شركة سفير للسياحة تطابق مظهرها وأثاثها مع ما ظهر بالمشاهد المصورة المسجلة, وأثبت التقرير الفني أيضا صحة جميع المشاهد الفيليمية موضوع التحقيقات ونسبتها للمتهمين التي ظهرت صورهم بها, دون تلاعب أو تركيب.
وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي أن طريق إحداث الإصابات التي ظهرت بالمشاهد الفيلمية تتفق مع المظاهر التي آلت إليها جروح المجني عليه.
كانت النيابة العامة قد أرسلت في طلب حضور محمود الخضيري وحددت جلسة لسماع أقواله, ونظرا لعدم حضوره رغم علمه بموعد الجلسة, أصدرت النيابة أمرا بضبطه وإحضاره, وتم عرضه عليها صباح اليوم , واستجوابه في حضور محاميه ومواجهته بالأدلة , ومن بينها ظهروه عقب ارتكاب الواقعة متحدثا في أحد البرامج التلفزيونية عن تواجده بمقر الشركة وقت احتجاز المجني عليه, وتأكيده أن تحمل المجني عليه أفعال التعذيب تقطع بقوة بنيانه وأنه ينتمي لجهاز أمن الدولة.
كما أقر الخضيري خلال التحقيقات – بصحة ذلك الحديث الذي أذاعته وسائل الإعلام المرئية, وبأنه تواجد بمقر الشركة حال احتجاز المجني عليه وتعذيبه.. وأقر أيضا بأنه شاهد المجني عليه معصوب العينين ومكبل اليدين وأنه لم يقل ذلك بوسائل الإعلام بعلمه أن ذلك يعد تعذيبا.
وتم استجواب جميع المتهمين المضبوطين, وأسندت النيابة إليهم ارتكاب جرائم القبض على المجني عليه, واحتجازه وتعذيبه ، وإحراز الأسلحة البيضاء .
وتضمن قرار إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة, ضبط وإحضار المتهم الهارب أحمد منصور وحبسه احتياطيا على ذمة القضية, وإرسال طلب إلى دولة قطر لتسليم المتهم إلى السلطات المصرية لمحاكمته.
المصدر : أ ش أ