قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار شعبان الشامي، تأجيل قضية اقتحام السجون المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011، والمعروفة إعلاميا بقضية اقتحام سجن وادي النطرون، إلى جلسة 19 مايو الجاري، والتي يحاكم فيها 131 متهما يتقدمهم الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والتنظيم الدولي للجماعة، وعناصر بحركة حماس الفلسطينية وتنظيم حزب الله اللبناني والجماعات الإرهابية المنظمة.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال 6 من شهود الإثبات الواردة أسماؤهم بقائمة أدلة الثبوت، واستكمال علاج عصام العريان، وعرض رشاد بيومي على طبيب قلب.
وأكد الضابط خالد محمد زكي عكاشه وكيل إدارة الحماية المدنية سابقا بمديرية أمن شمال سيناء، أن الميليشيات المسلحة التي تمكنت من اختراق الحدود المصرية في الأيام الأولى لثورة يناير، قامت بعبور الأنفاق غير الشرعية الرابطة بين قطاع غزة والأراضي المصرية، واستهداف المنشآت الأمنية في منطقتي رفح والشيخ زويد، لمسافة امتدت 60 كم، وأن تلك السيطرة استمرت قرابة 3 أشهر بشكل ظاهر وواضح، واستمرت بشكل خفي ومستتر حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في 2012.
وأشار الضابط عكاشه في شهادته أمام المحكمة إلى أن ضباط وأفراد الشرطة وأهالي وسكان رفح، أعطوا وصفا تفصيليا متطابقا لما جرى في شأن وقائع الانفلات الأمني برفح والشيخ زويد واقتحام السجون.
وأضاف الشاهد أنه كان موجودا في العريش يومي 28 و 29 يناير 2011، وأنه مساء يوم 28 يناير في أعقاب انتهاء خطاب الرئيس (الأسبق) حسني مبارك، بدأت في حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم 29 يناير مجموعات مسلحة بالتوافد على مدينة رفح، وكانوا يستقلون نحو 50 سيارة دفع رباعي، وكل سيارة بها نحو 6 أفراد، ثم توالت الاستغاثات من خلال الهواتف الأرضية بوجود وقائع إطلاق نيران كثيفة ضد المنشآت الأمنية في منطقتي رفح والشيخ زويد.
وقال إن كثافة الهجوم دفعت بعض الضباط وأفراد الشرطة إلى الاختباء بمنازل بعض الأهالي، هربا من تلك العناصر التي كانت مسلحة تسليحا يفوق قدرات الشرطة في العدة والعتاد.
وأضاف أن منطقة الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة تضم نحو 800 نفق سري غير شرعي، وأن تلك الأنفاق كان بعضها مجهزا تجهيزا هندسيا بحيث تستوعب مرور سيارات كبيرة الحجم، وأن سيارات الدفع الرباعي كانت محملة بأسلحة نارية آلية فائقة القوة وأسلحة جرينوف وذخيرة من العيار الثقيل.
وقال إن الأنفاق السرية أنشئت بطريق غير شرعي بين الأهالي في الجانب المصري لفتحات الأنفاق، وأن التجهيز الهندسي لعمل وإنشاء تلك الأنفاق كان يتم من الجانب الآخر في قطاع غزة، حيث كانت تضطلع تلك العناصر الغزاوية بعملية بناء وإنشاء الأنفاق، خاصة وأن لديها خبرة كبيرة في هذا الشأن.. لافتا إلى أن عملية إنشاء الأنفاق كانت تصحبها عملية تمويه وتضليل تتضمن إنشاء أكثر من “فوهة وفتحة” للنفق الواحد، وأن الفتحات كانت تكون داخل بعض المنازل بل والمساجد.
وأكد الشاهد أنه لم تكن هناك أي أنفاق سرية تربط بين مصر وإسرائيل، وأن الأنفاق كان يتم إنشاؤها بين قطاع غزة ومصر.
وذكر الشاهد أن مجموعات قوات الأمن المكلفة بتأمين منفذ رفح البري، لم يتم مهاجمتها، موضحا أن مرجع ذلك أن وقوع اعتداء على المنفذ وقوات تأمينه كان سيمثل اعتداء على سيادة الدولة المصرية وبمثابة حالة احتلال تستدعي التدخل واتخاذ رد فعل رسمي، وهو ما دعا عناصر الميليشيات المسلحة إلى استخدام الأنفاق السرية للإيهام بأن ما يحدث هو في إطار حالة الانفلات الأمني التي تشهدها عموم مصر.
وأوضح الشاهد أن الدخول والتسلل من خلال الأنفاق يمثل أيضا اعتداء على السيادة المصرية، غير أنه يمثل اعتداء بدون دليل ملموس يمكن الارتكان أو الارتكاز إليه، على عكس لو كان قد وقع ثمة اعتداء على قوات تأمين منفذ رفح البري.
كما استمعت المحكمة إلى شهادة أحمد فوزي عبد المقصود (رقيب أول بوزارة الداخلية بمباحث مركز السادات) والذي قال إنه في 28 يناير 2011 شاهد القيادي الإخواني ابراهيم حجاج يقف بصحبة 3 آخرين غير معلومين لديه امام ديوان مركز شرطة السادات اثناء قيام المساجين باثارة الشغب من خلال إشعال الأغطية بداخل غرفة الحجز حتى يتسنى لهم الهرب، غير أنه تم إحباط تلك المحاولة، فقام القيادي الاخواني ومن معه بالانصراف، ثم في وقت لاحق من اليوم – أثناء قيامه والأهالي بتشكيل لجان شعبية لحفظ الأمن، شاهد مجددا ابراهيم حجاج ويتبعه السيد عياد العضو بذات الجماعة وبصحبتهم شخصين اخرين مجهولين، وهم يستقلون سيارة والسير في الطريق المؤدي لسجن وادي النطرون الذي كان يبعد نحو 5 كيلومترات وبصحبتهم محمود عبد اللطيف محامي جماعة الاخوان بمدينة السادات.
وأضاف أنه عقب اقتحام السجون نشأت علاقة وطيدة بين كل من القيادي الإخواني ابراهيم حجاج وعدد من المسجلين خطر خاصة معتمد سيد احمد عارف ووليد سيد احمد عارف، تمثلت في مرافقتهما باستمرار و قيامه بتجهيز ولائم للمسجلين خطر الذين قاموا باحتلال المساكن المملوكة للدولة بالمنطقة الرابعة بمدينة السادات.
وأشار إلى أنه تم ضبط المسجل خطر معتمد سيد احمد عارف و بحوزته ذخائر لأسلحة آلية وخرطوش وقنبلة غاز يشتبه انه استولى عليها من السجن، وأن أحد المسجلين خطر ويدعى “وليد” قام في وقت لاحق بتزعم مجموعة من المسجلين خطر واقتحموا مركز شرطة السادات لقتل احد المحتجزين بداخله، مما يوكد ضلوعهما والقيادي الاخواني ابراهيم حجاج في اقتحام سجون وادي النطرون.
واستمعت المحكمة إلى شهادة شاهد الإثبات عبد الله محمد جاد عطية (كاتب اول بسجن 2 صحراوي بوادي النطرون) والذي قال إنه خلال الفترة التي سبقت اقتحام السجون، تلاحظ له ظهور بعض الاشخاص يتحدثون بلهجة غير مصرية وهي لهجة “فلسطينية” يتجولون بمدينة السادات القريبة من السجن، وأنه بتاريخ 29 يناير علم بتعرض سجن 2 الصحراوي للهجوم من أشخاص مجهولين مستخدمين اسلحة نارية ثقيلة، وأن الغرض من الهجوم على السجن تهريب اعضاء جماعة الاخوان وبعض التكفيريين.
وناقشت المحكمة شاهد الإثبات الخامس ويدعى عمرو مجدي محمد (محام – مقيم بمدينة السادات) والذي أكد أن عددا كبيرا من المسلحين الفلسطينيين والأعراب المصريين هم من قاموا باقتحام سجن وادي النطرون مستخدمين أسلحة غير متداولة بالبلاد.
وأضاف الشاهد أن القيادي الإخواني إبراهيم حجاج قد استضاف قبل واقعة الإقتحام عددا كبيرا من الأشخاص بفيللا مستأجرة وبالفندق المواجه للسجن والذين شوهدوا بجوار السجن يومي 27 و 28 يناير وبحوزتهم معدات (لودرات) ومعدات خفيفة وأسلحة نارية.
وتضم القضية 27 متهما محبوسين بصفة احتياطية، في حين يحاكم بقية المتهمين بصورة غيابية، باعتبار أنهم هاربون.
ومن أبرز المتهمين المحبوسين احتياطيا على ذمة القضية (إلى جانب الرئيس المعزول محمد مرسي) محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه رشاد بيومي، وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة والقيادات بها محمد سعد الكتاتني وعصام العريان ومحمد البلتاجي ومحي حامد وصفوت حجازي.
وكان المستشار حسن سمير قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة لتحقيق وقائع الاتهام، قد أسند إلى المتهمين ارتكابهم جرائم خطف ضباط الشرطة محمد الجوهرى وشريف المعداوى ومحمد حسين وأمين الشرطة وليد سعد، واحتجازهم بقطاع غزة، وحمل الأسلحة الثقيلة لمقاومة النظام المصري، وارتكاب أفعال عدائية تؤدى إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وقتل والشروع في قتل ضباط وأفراد الشرطة، وإضرام النيران في مبان حكومية وشرطية وتخريبها، واقتحام السجون ونهب محتوياتها، والاستيلاء على ما بمخازنها من أسلحه وذخائر وتمكين المسجونين من الهرب.
وكشفت التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق النقاب عن اتفاق المتهمين في القضية (من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول والجهاديين التكفيريين) مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي الإخواني، وحزب الله اللبنانى، على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، تنفيذا لمخططهم، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد، وضرب واقتحام السجون المصرية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الاوسط (أ ش أ)