قررت محكمة جنح مستأنف الخانكة برئاسة المستشار شريف سراج تأجيل إعادة محاكمة 4 ضباط شرطة إلى جلسة 30 أبريل الجاري، وذلك في قضية اتهامهم بالتسبب في وفاة 37 مجنيا عليه وإصابة آخرين من المتهمين المرحلين بسيارة ترحيلات تابعة لقسم شرطة مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل.
وجاء قرار التأجيل للاستماع إلى شهادة مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، وأمين الشرطة رمزي عفيفي والرقيب بهنسي جمال بهنسي.
وتأتي إعادة محاكمة المتهمين في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في شهر يناير الماضي، والتي ألغت الأحكام التي حصل عليها الضباط المتهمون بالبراءة، وذلك على ضوء الطعن المقدم من النيابة العامة على تلك الأحكام.
والمتهمون في القضية هم كل من، المقدم عمرو فاروق نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، و3 ضباط آخرين بذات قسم الشرطة وهم النقيب إبراهيم محمد المرسى والملازم أول إسلام عبدالفتاح حلمى والملازم أول محمد يحيى عبدالعزيز.
واستمعت المحكمة إلى شاهد الإثبات ربيع عبدالعزيز ربيع رقيب شرطة بقسم شرطة مصر الجديدة وأحد شهود الواقعة، والذي قال إنه يوم الواقعة (18 أغسطس 2013) كان في عمله بخدمات القسم، وأن المأمورية التي كانت تقل المتهمين خرجت من القسم تحمل 45 متهما قرابة الساعة السابعة صباحا، وأن حراسة المأمورية تضمنت 12 فردا ونائب مأمور القسم و3 ضباط آخرين.
وأضاف الشاهد أن المتهمين كانوا في سيارة ترحيلات واحدة، وأنه كان يجلس في المقعد المخصص له، وكانت هناك سيارتي تأمين، واستغرقت مسافة الوصول إلى السجن نحو ساعة كاملة، مشيرا إلى أن إدارة السجن طلبت إلى المأمورية الالتزام بدورها في تسليم المتهمين، وأن رقم المأمورية كان (11) أو (12) على وجه التقريب، وأنهم كانوا يقفون في دور التسليم، ثم قام الضباط ببدء إنهاء أوراق المتهمين.
وأشار الشاهد إلى أنه جلس ينتظر بجوار سيارة الترحيلات، وأن الضباط كانوا بدورهم بالقرب من السيارة أيضا أسفل أحد المظلات، لافتا إلى أن المتهمين طلبوا السماح له بتناول المياه، وأنه أبلغ الضباط المرافقين بطلب المتهمين، وتم منحهم المياه بعد كسر قفل الباب الخلفي للسيارة بعدما تبين عدم وجود المفتاح الخاص به بحوزتهم، ثم عاودت قوة التأمين إغلاق الباب باستخدام أحد القيود الحديدية (كلابش).
واسترسل الشاهد قائلا “إن المتهمين بعد ساعة من الانتظار طلبوا مجددا السماح له بتناول المياه، وأضافوا إنهم يشعرون بالاختناق داخل سيارة الترحيلات، مشيرا إلى أن عددا من زملائه بقوة التأمين أخبروا الضباط برغبة المتهمين في تناول المياه غير أن الضباط رفضوا الاستجابة لهم”.
وذكر الشاهد أن المتهمين كانوا يطلقون صرخات بأصوات مرتفعة، ثم بدأت أصواتهم في الخفوت شيئا فشيئا، ثم صرخ أحد المتهمين بأن أحدهم قد توفي، فهرع عدد من أفراد قوة التأمين إلى الضباط لإخبارهم بذلك، غير أنه لم يتحرك أي منهم، ثم صرخ متهم آخر ليقول “إن متهما ثانيا من بينهم قد توفي داخل سيارة الترحيلات”.
وأضاف أنه في تمام الساعة الثانية ظهرا وحينما جاء وقت تسليم المتهمين طلبنا من نائب المأمور المقدم عمرو فاروق فتح القيد الحديدي لباب سيارة الترحيلاتن من أجل تجهيز المتهمين للتسليم، إلا أنه قال لأحد الرقباء المرافقين لقوة التأمين “إنت مش هتعرفني شغلي إيه”، وعندما حان وقت تسليم المتهمين قام أحد أفراد القوة بسؤال المتهمين عن متعلقاتهم الشخصية غير أنه لم يجب أيا منهم على سؤاله، فقام أفراد القوة بفتح الكلابش لانزال المتهمين، بيد أن الباب لم يفتح، فاعتقد الضباط أن المتهمين يجلسون خلفه لمنعه من الفتح، وطلب المقدم عمرو فاورق إحضار مطفأة حريق لتخويف المتهمين بها.
وقال الشاهد إنهم أحضروا منشارا كهربائيا لفتح الباب بالقوة ثم دخل الضابط محمد يحيى عبدالعزيز وقال “إن المتهمين قد أغشي عليهم، وأنه دخل خلفه وشاهد المتهمين، فأخبره بأنهم قد ماتوا ولم يتعرضوا لإغماء، ثم قام أفراد قوة التأمين لمأمورية الترحيلات بسحب المتهمين الذين كانوا مكدسين خلف باب السيارة وتبين أنهم قد ماتوا بدورهم، ورفض مأمور السجن استلام جثث الموتى، واستلم السجناء الأحياء منهم”.
وذكر الشاهد أن اثنين من ضباط الشرطة من مأمورية ترحيل المتهمين، حضروا إلى بقية أفراد القوة، وأخبروهم بخطة مفادها ضرورة اصطناع إصابة في اثنين منهم، وإعداد تقرير طبي بموجبها، للإدعاء بأن المتهمين تعدوا على أفراد القوة الأمنية أثناء ترحيلهم إلى السجن.
وأكد الشاهد أنه رفض طلب الضباط، غير أن أحد أمناء الشرطة تعاون مع الضباط، وقام بالتعدي عليه وعلى زميل آخر له بضربهما مسددا لهما قبضات في وجهيهما، وقام الضباط بإرسالهما (الشاهد وزميله الآخر المعتدى عليه) لقسم شرطة مصر الجديدة لعمل خطاب تحويل لمستشفى الشرطة لإعداد تقرير طبي.
وأضاف الشاهد أن الضابط محمد يحيى عبدالعزيز ذهب بمفرده إلى المستشفى، وادعى هناك بأن المتهمين المرحلين قاموا بالاعتداء عليه وعلى أفراد قوة التأمين بداخل سيارة الترحيلات.
وأكد الشاهد أن تسليح قوة التأمين المرافقة لسيارة ترحيل المتهمين، لم يكن بحوزة أي من أفرادهان قنابل مسيلة للدموع، وأن تسليحهم كان بالأسلحة النارية الآلية، مشددا على أن المتهمين لم يقوموا بالتعدي على أي من أفراد قوة تأمين سيارة الترحيلات، سواء الضباط أو الأفراد.
وذكر الشاهد أن أجهزة التهوية بسيارة الترحيل لم تكن تعمل، وأن المتهمين كانت حالتهم طبيعية لدى وصول السيارة إلى سجن أبو زعبل، وأنهم ظلوا بداخل سيارة الترحيلات منذ لحظة الخروج للقسم حوالي الساعة السادسة والنصف صباحا، وحتى الثانية ظهرا، ولم يخرج أي متهم من السيارة وتم إدخال زجاجات المياه لهم فقط، وأن أول من دخل السيارة بعد فتح الباب بالمنشار الكهربائي كان المتهم الرابع الضابط محمد يحيى عبدالعزيز الذي استطاع الدخول من فتحة صغيرة وخرج بعد قليل قائلا “إن المتهمين تعرضوا للإغماء، وأنه (الشاهد) دخل خلفه ليجد المتهمين وقد لقوا مصرعهم”.
وأوضح الشاهد أن الإصابة التي لحقت به، وزميله الآخر من قوة التأمين، تسبب فيها أمين شرطة بأمر من الضباط المتهمين.
وسبق وأن أسندت النيابة العامة إلى المتهمين الأربعة من ضباط الشرطة، تهمتي القتل والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم.
وكان النائب العام المستشار هشام بركات قد أحال الضباط المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة في ختام التحقيقات التي أجريت بمعرفة المكتب الفني، حيث استمعت النيابة العامة إلى 7 من المجني عليهم الذين نجوا من الحادث علاوة على 40 شخصا آخرين من قوات الشرطة والأطباء الشرعيين وخبير وزارة العدل الذي أعد تقريرا أورد به أن صندوق حجز سيارة الترحيلات محل الواقعة لا يتسع سوى لعدد 24 شخصا، وأن السيارة غير صالحة لنقل عدد 45 شخصا جرى ترحيلهم بصندوق حجزها.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين ولو كانوا متهمين.
المصدر : أ ش أ