أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن مجموعة “بريكس” لم تنشأ ضد أي اتحاد أو مجموعة، مشيرا إلى أنها مجموعة من الدول التي تعمل مع بعضها البعض؛ انطلاقا من القيم المشتركة ومبدأ الاخذ بعين الاعتبار بمصالحها المشتركة.
وقال بوتين، خلال اجتماعه، اليوم الجمعة، مع ممثلين ورؤساء أكبر وكالات ووسائل الإعلام لدول “بريكس”، إن دول “بريكس” تمثل 45% من سكان العالم و33% من مساحة العالم، وأن نمو الإمكانات الاقتصادية لها سيرافقه نمو للنفوذ في العالم، مشيرا إلى أن دول بريكس تسبق مجموعة الدول الصناعية السبع في النمو في الناتج المحلي، مشيرا إلى أن هذا النمو سيزداد في الفترة المقبلة.
وأكد بوتين “أن الإنسانية لا يمكن أن تحافظ على وجودها من دون دول مجموعة بريكس”، التي أصبحت بعض دولها من الرواد في بعض المجالات والتي من بينها المجال الغذائي والاقتصادي واستخدام الذكاء الاصطناعي”.
وأوضح أن مجموعة “بريكس” – الآن – باتت مكونة من 10 دول وكل دولة لها تاريخها ومميزاتها؛ لذلك فإن التعاون مع هذه الدول مهم بالنسبة لجميع المشاركين في المجموعة، مشيرا إلى “أنه عندما يظهر لاعبون جدد فهم دائما يقدمون ما لديهم ، ولكن من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار المبادئ التي شكلت على أساسها (بريكس) “.
وأضاف بوتين أن مجموعة “بريكس” تشكلت، في البداية، من 3 دول هي: روسيا والهند والصين، وبعد ذلك توسعت هذه المجموعة، مشددا على ضرورة احترام جميع أعضاء هذه المجموعة لجميع المشاركين بها، منوها بـ”أننا عملنا خلال هذه السنوات لكي نقوم وبشكل هادئ بدمج الأعضاء الجدد في المجموعة ولدينا خطط لأكثر من 250 فعالية مشتركة وتم إنجاز أكثر من 200 منها حتى الآن”.
وأوضح الرئيس الروسي “أنه بالنسبة للأعضاء الجدد فنحن نعرفهم وعملنا معهم في مجالات مختلفة والآن نعمل معهم ضمن مجموعة مشتركة، ولقد قدمنا المنصات لتبادل الآراء والبحث عن المشروعات المشتركة وفي المجالات المختلفة وهذا لا يتعلق بالتعاون الاقتصادي وفقط ولكننا نولي اهتماما للاتصالات الإنسانية والثقافية في مجال السينما و مجال تبادل الشباب ، وقد عملنا في كل تلك الاتجاهات لمدة عامة كامل”.
وقال بوتين “قمنا بالكثير من أجل العمل على توسع “بريكس” لأن هذا سيرفع من الاهتمام بهذه المجموعة وتأثيرها في العالم، حيث أن الأعضاء الجدد لديهم حلفاء مقربون وعندما تصل هذه الدولة إلي المجموعة فجميع الدول التي تحيطها ومقربة منها سوف تهتم بعمل هذه المجموعة”، منوها بأن هناك أكثر من 30 دولة اليوم أعربوا عن رغبتهم في التعاون بشكل أو بأخر مع مجموعة بريكس أو الانضمام إلى عمل المجموعة وسوف ننظر باهتمام لجميع الأعضاء ودائما الأبواب مفتوحة.
وأضاف بوتين أن “أهم شيء هو صياغة مراكز جديدة للتطور، مراكز من الخبراء التي أستمع لآرائهم والمرتبطة بالدرجة الأولى بدول “بريكس” ودول الجنوب العالمي”..موضحا النمو الإيجابي في دول الكبيرة مثل: (الهند والصين) وسيكون هناك أيضا نمو إيجابي في (روسيا والمملكة العربية السعودية)، وسيكون هناك نمو في (دول جنوب شرق آسيا وإفريقيا) وكل هذا سيلعب دورا كبيرا في الدور الاقتصادي، ثم سيكون لذلك مردود سياسي، مؤكدا أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قال “إن بريكس ليست ضد الغرب وإنما هي فقط “ليست غربية”، وذلك وفقا لموقع “روسيا اليوم” .
وفي سياق آخر، أكد بوتين أن موقف بلاده واضح تماما من القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن تشكيل دولتين اسرائيل وفلسطين، مشيرا إلى أنه دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى القمة حيث يمكن السماع لرأيه.
وقال بوتين إنه ناقش القضية الفلسطينية مع العديد من القيادات من الإسرائيلية والفلسطينية، مشيرا إلى القيادة الحالية والسابقة في إسرائيل كان رأيها الاكتفاء بتأمين المصالح الاساسية للفلسطينيين، وأنه أكد -لقادة إسرائيل- أنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية من خلال الاعتماد فقط على المسائل المرتبطة بالاقتصاد.. قائلا “هناك مسائل مرتبطة بالأمور الروحية والتاريخ، ومطالب الشعوب التي تعيش على هذه الأراضي المحددة.. المسألة عميقة ومعقدة اكثر من ذلك”.
ووصف الرئيس الروسي، هدم عملية “الرباعية الدولية” لتسوية القضية الفلسطينية بـ “العبث”، مؤكدا ضرورة توسيع “الرباعية الدولية”، والنظر في كيفية إعادة بناء الأراضي الفلسطينية وإعادة السكان الذين نزحوا منها.
وأشار بوتين إلى أنه على تواصل مع الاسرائيليين والفلسطينيين، مؤكدا أن الموقف التقليدي لروسيا منذ فترة الاتحاد السوفيتي أن الطريق الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو تأسيس دولة فلسطينية، كاملة القوام.
إلى ذلك، قال بوتين، عن البناء السياسي لتجمع بريكس، “لا نسعى لإعادة بناء النظام الدولي؛ فهذا يحدث بصورة تلقائية، وهذه العملية لا مفر منها، ويجب علينا أن نتفاعل مع هذه التغيرات”.
وأضاف أنه في عام 2014 ، قامت الدول الغربية برئاسة الولايات المتحدة “بدعم الانقلاب الذي كان بداية للأزمة في أوكرانيا”،ولكن التغيرات في العالم بدأت قبل ذلك وهذا ما يسمى تشكيل “عالم متعدد الأقطاب”، مبينا “ننطلق مما يجري ونسعى للتكيف لكي يتم البناء بصيغة جديدة يجب أن نسير خطوة تلو الخطوة”.
اقتصاديا، قال بوتين “لم نرفض الدولار كعملة، وكانت 95% من التجارة الخارجية لروسيا تجري مع شركائنا بالعملات الوطنية، ولم ينهار الوضع في روسيا لكن بدأ يتشكل منصة جديدة، حيث إن مبادلاتنا التجارية مع الصين بلغت 95% منها بالروبل واليوان”، مشيرا إلى أن “التبادل بالعملات الوطنية يتزايد مع شركاء آخرين ويعزز من عملاتنا”.
وأضاف أنه تم إنشاء بنك لـ “بريكس”؛ وسيجرى بحث إنشاء منصة للتأمين للمجموعة وأيضا الاحتياطيات من العملات الوطنية، “وسوف نقترح علاقات جيدة فيما يتعلق بمسألة استخدام العملات الرقمية في العمليات الاستثمارية وليس فقط في دول بريكس”.
وشدد على “أننا نعمل على التبادل الثقافي بين البلدان لأنه أمر يقرب الشعوب من بعضها البعض من أجل التواصل وبناء الثقة وهو قاعدة أساسية للتواصل في مجال الاقتصاد والأمن، وسنتحرك بقدر الإمكان في هذا المجال”.
وأكد أن التعاون مع الصين يعد من العوامل الأساسية للاستقرار العالمي، مشيرا إلى أن العلاقات بين موسكو وبكين مبنية على المساواة وأخذ المصالح المشتركة بين البلدين بعين الاعتبار، كما أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يشهد نموا كبيرا.
وقال بوتين – خلال لقائه، مع ممثلين عن أكبر وسائل الإعلام بدول “البريكس” – “لدينا مع الصين علاقات رائعة وفي المجال الاقتصادي تنمو هذه العلاقات بشكل كبير، ووفقا للمعلومات التي لدينا، بات التبادل التجاري بيننا يتراوح بين 226 مليار دولار ونطمح أن يصل إلى 240 مليار دولار في المستقبل.”.
وأوضح “نستمع لبعضنا البعض، وقد تحدثنا مع الحكومة الصينية قبل خمس سنوات حول ضرورة الوصول إلى توازن في الميزان التجاري، وما يجب القيام به لضمان وصول الصناعات الروسية إلى السوق الصينية، وهناك تعاون في مجالات الزراعة والطاقة والفضاء، ونعمل معا بشكل مستمر. نحن لا نتحدث فقط، بل نعمل من أجل مصالح بعضنا البعض”.
وأشار بوتين إلى أن القدرة الشرائية للصين تعتبر الأولى في العالم، تليها الولايات المتحدة، ثم تأتي الهند ثالثا، بينما تحتل روسيا المركز الرابع وقد سبقنا اليابان بعض الشىء، مضيفا أن حصة الصين هي الأولى في العلاقات الاقتصادية التجارية، كما أن حصة روسيا تنمو الآن، وباتت الرابعة في الميزان التجاري الصيني.
وأضاف أن موسكو، تتقدم وتحدد كل خطوة بدقة والشركاء في الصين يحصلون على موارد الطاقة من روسيا ، كما أن لدينا حدود مشتركة مع الصين، وننطلق معها كشركاء وحلفاء وليس هناك أي تأثير واضطراب معها.
وأردف إن “الولايات المتحدة تأخرت عما يقارب 15 عاما ولن تستطيع أن تكبح وتوقف تطور الصين، فهذا ينعكس بشكل سلبي على الاقتصاد في الولايات المتحدة؛ فهي تعمل من بعض صناعتها غير قابلة للمنافسة، وحتى لم تستطع أن تكون قادرة في جهات معينة من الاقتصاد، كما جرى في السنوات العشر الماضية، فهي ما بين الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني، فهي كلها مرتبطة ببعضها البعض”.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين، إن بلاده تهتم بالمشاركة بين دول “بريكس” في المجالات الفنية والثقافية، مشيرا إلى أن العام الجاري شهد مهرجان “بريكس” السينمائي” والذي شهد مشاركة أفلام سعودية ومصرية وأردنية؛ حيث فاز مخرجوها في المهرجان.
وأضاف بوتين أن روسيا لديها مساهمة تاريخية في تعليم وتكوين الكوادر الافريقية وكثير منهم يتقلد مناصب رفيعة ببلدانهم.
واشار إلى أن روسيا لديها كذلك الكثير من المشاريع لتنمية البنى التحتية، والتي من بينها مشروع شمال جنوب من بحر البلطيق إلى منطقة الخليج حيث يتم بناء سكك حديدة بالتعاون مع العديد من الشركاء الذين يبرزون اهتماما في هذا الصدد.
ولفت بوتين إلى أن محكمة العدل الدولية ليس لديها طابعا شاملا، وأنها منظمة عالمية لكن بلاده لا تعترف بها قانونيا على غرار العديد من البلدان الأخرى في العالم سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا.
وحول محكمة العدل الدولية، قال بوتين، إنها أعلنت عزمها ملاحقة مسئولين في الشرق الأوسط قبل أن توعز الولايات المتحدة بعكس ذلك.
وردا على سؤال حول ما أعلنه الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلنيسكي أن البديل الوحيد لانضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطليس (الناتو)، سيكون الحصول على الأسلحة النووية، أكد بوتين أن بلاده لن تسمح بتصنيع أو ظهور أسلحة نووية في أوكرانيا تحت أي ظرف من الظروف، مشيرا إلى أن أنشطة مثل هذه لا يمكن إخفاؤها وأن روسيا تراقب أي حركة من هذا القبيل، مشددا على أن هذا التهديد سيتطلب ردا متكافئا من روسيا.
وردا على سؤال حول إمكانية مشاركة روسيا في مؤتمر سلام في السعودية لحل الأزمة الأوكرانية إذا ما تم عقده، أكد بوتين أنه تربطه علاقات طيبة مع العاهل السعودي وعلاقات “صداقة شخصية” مع ولي العهد السعودي، وأن بلاده تنظر الى السعودية كبلد صديق.
وقال بوتين إن اختيار السعودية لإجراء مؤتمر سلام يعد أمرا مريحا بالنسبة لروسيا، مشيرا إلى أن “المسألة تكمن فيما سيتم بحثه في المؤتمر”، لافتا إلى أن تركيا شهدت إجراء محادثات مطولة انتهت بوثيقة تم إقرارها من قبل رئيس الوفد الأوكراني حيث تم التوقيع عليها، إلا أن أوكرانيا “لم تقم بالعمل بها” واعتبرتها “كأنها لم تكن”.
وأكد بوتين استعداد بلاده للحوار حول إنهاء الأزمة الأوكرانية بشرط أن تكون المحادثات قائمة على أساس الوثيقة التي تم إعدادها في تركيا وجرى إقرارها.
وأعلن الرئيس الروسي أن دول بريكس تتعاون حاليًا على تنظيم تبادل المعلومات المالية بين البنوك المركزية كبديل لنظام سويفت، الذي يدعم التسويات الدولية.
وقال بوتين، خلال اجتماع مع ممثلي ورؤساء وكالات ووسائل الإعلام الرائدة في دول بريكس، “نحن بصدد تبادل المعلومات المالية بين البنوك المركزية. هذا هو البديل لنظام سويفت”، مضيفا أن الدول المعنية تستكشف أيضًا فرص توسيع استخدام العملات الوطنية وابتكار أدوات تعزز من أمان هذا العمل.
وأوضح: “كما ذكرت سابقًا، ندرس إمكانية استخدام أدوات إلكترونية. هناك حاجة ملحة لذلك، ونعمل على إقامة علاقات بين البنوك المركزية لضمان تبادل موثوق للمعلومات المالية، بحيث يكون مستقلاً عن الأدوات الدولية الحالية التي تفرض قيودًا لأسباب سياسية وتتناقض مع مبادئ الاقتصاد العالمي”.
وتوقع أن تشهد اقتصادات روسيا والصين والهند والمملكة العربية السعودية نمواً، بينما ستشهد دول إفريقيا وجنوب شرق آسيا نمواً متقدماً.. وقال إن “تشكيل مراكز تنموية جديدة” يعد من سمات العصر الحالي، مشيراً إلى أن هذا التطور، وفقاً لآراء خبراء موثوقين، سيركز على دول مجموعة بريكس، بالإضافة إلى دول الجنوب العالمي وجنوب شرق آسيا وإفريقيا.
المصدر : أ ش أ