رفع بنك اليابان المركزي معدلات الفائدة الرئيسية، كما كشف عن خططه لخفض شراء السندات، في إجراءات تؤكد عزمه على تطبيع السياسة النقدية.
ويشير مصطلح “تطبيع السياسة النقدية” إلى مجموعة من الإجراءات التي تتخذها البنوك المركزية لتصحيح السياسات النقدية التيسيرية التي تم اتخاذها عادةً خلال الأزمات الاقتصادية أو فترات الانكماش. وهذه الإجراءات تهدف إلى إعادة أسعار الفائدة إلى مستوياتها الطبيعية، وتقليص حجم الأصول في ميزانياتها، والعودة إلى سياسة نقدية أكثر تقليدية.
وقرر البنك المركزي الياباني رفع الفائدة إلى حوالي 0.25 بالمئة من نطاق يتراوح بين 0 و 0.1 بالمئة، في إجراء جاء متحديا لتوقعات السوق بأن يثبت معدلات الإقراض دون تغيير، وفقًا لبيانه الصادر الأربعاء.
كما قال إنه سيخفض وتيرة شراء السندات الشهرية إلى النصف تقريبا عند حوالي 3 تريليون ين (19.6 مليار دولار) في الربع الأول من عام 2026. من 6 تريليون ين حاليا.
وتوقع نحو 14 من 48 خبيرًا اقتصاديًا أن يقوم المركزي الياباني برفع أسعار الفائدة بحسب استطلاع لوكالة بلومبرج.
وبقيامه بهذه الخطوات، أظهر الحاكم كازو أويدا إرادته في المضي قدمًا في تطبيع السياسة النقدية بعد سنوات اتبع فيها البنك سياسة فائقة التيسير، شملت أدنى سعر فائدة سلبي في العالم حتى مارس الماضي. ومن المرجح أن تؤدي إجراءات الأربعاء إلى تأجيج التكهنات بإمكانية رفع آخر هذا العام.
ومع اقتراب موعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد ساعات قليلة، قد يشير الميل المتشدد لأويدا (محافظ المركزي الياباني) إلى نقطة تحول للين المتضرر، حيث يضع المتداولون موضعًا لتضييق الفجوة بين أسعار الفائدة الأمريكية واليابانية. ومن شأن أي تعليقات من الفيدرالي تشير إلى احتمال خفض سعر الفائدة في سبتمبر أن تدعم هذا السرد، حيث أن أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة دفعت الدولار إلى الارتفاع وتسببت في زيادة ضعف الين الياباني.
ومن خلال خططه لخفض شراء السندات، يشرع بنك اليابان في مسار التشديد الكمي بعد فترة طويلة من شراء الأصول تركته يمتلك أكثر من نصف السندات اليابانية القائمة، مع حصة أكبر من ذلك في سوق السندات لأجل 10 سنوات أو أقل.
وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا في بنك إتش إس بي سي: “على الرغم من تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، أرسل صناع السياسة النقدية إشارة حاسمة برفع أسعار الفائدة والسماح بخفض الميزانية العمومية بشكل تدريجي”.
وقال إن “توقعات التضخم المتزايدة تفتح الطريق أيضًا أمام تطبيع السياسة النقدية الجارية من جانب بنك اليابان. وفي غياب الاضطرابات الكبرى، فإن بنك اليابان في طريقه إلى تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر، مع رفع أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول بداية العام المقبل”.
يذكر أن بنك اليابان قد أنهى أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عوائد السندات في مارس الماضي في تحول تاريخي بعيدًا عن برنامج التحفيز الجذري، وحينها قال أويدا إن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة أكثر إذا اقتنع بأن ارتفاع الأجور سيدعم أسعار الخدمات، وسيبقي التضخم بشكل دائم حول هدفه البالغ 2 بالمئة.
وقال أيضا إن بنك اليابان سيسعى إلى رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى مستويات لا تبطئ النمو ولا تحفزه ــ وهو ما يراه المحللون في مكان ما بين 0.5 بالمئة و1.5 بالمئة ــ في السنوات المقبلة، إذا لوحظ أن التضخم يبلغ 2 بالمئة بشكل مستدام كما هو متوقع.
المصدر: وكالات