نشرت صحيفة الحياة اللندنية تقريرا عن مدينة بنغازي الليبية إنه كان لافتاً وجود رتل من السيارات التابعة لبلدية بنغازي كُتب عليها: «الحرس البلدي – بنغازي» في حي جليانة في وسط المدينة بهدف مكافحة «الكلاب الضالة» في الشارع. وذلك الأمر مستغرب، في ظل وجود قائمة طويلة من الأولويات الملحّة بالنسبة إلى سكان مدينة ما زالت سلطتها العسكرية تحارب أكبر تنظيمين متطرفين في العالم، وهما «القاعدة» في «سوق الحوت» و «داعش» في حيّ الصابري، في محور الوسط لجهة الشمال.
ولكن «بمعرفة السبب يُبطل العجب»، فقائد القوة المكلفة تطهير حي جوليانة من الكلاب الضالة عبد ربه فايد قال لـ «الحياة»، بينما كان رجاله منهمكين بحمل الكلاب الميتة على سيارة نقل، إن هذه الكلاب باتت خطراً داهماً على الصحة العامة ويمكن أن تتسبب بانتشار أوبئة مميتة.
وأضاف: «هناك مناطق عدة شهدت نزوحاً لسكان بعد استيلاء داعش والقاعدة على المدينة، وظلت تلك المناطق خالية لشهور عدة، فأكلت الكلاب القوارض وجيف القتلى، ومن ثم باتت حاملة لأمراض وأوبئة قاتلة، لذا لزمت مكافحتها كأولوية أيضاً».
وتحمل المدينة الخارجة لتوها من حرب ضروس في شوارعها وأبنيتها، مظاهر سلطة غير مكتملة، لكنها مُرضية لأهلها الذين ذاقوا مرارة عيش في كنف المتطرفين. أما السيارات الخاصة في بنغازي، فلا تحمل غالبيتها لوحات تسجيل، حتى أنه ليس غريباً أن تستبدل سيارات الجيش والشرطة لوحاتها بشعارات. كما لا مظهر موحداً يجمع أفراد قوى الأمن، فبعضهم أطلق اللحى على النهج السلفي وآخرون صففوا شعورهم على النمط الغربي.
وقال مسؤول المراسم في وزارة الخارجية التابعة بالحكومة الموقتة (في الشرق) التي يرأسها عبد الله الثني، يرافق وفد مصري يزور بنغازي، إن المدينة تتعافى تدريجياً، لافتاً إلى وجود صعوبات تواجه السلطات في الأمور الإدارية مثل التراخيص والتموين وغيرها، لأن المتطرفين أحرقوا وهدموا كل المقرات الحكومية في المدينة، ودمروا قاعدة البيانات فيها، لكن العودة تتم تدريجياً، لذا يُسمح ببعض التجاوزات مثل السير من دون لوحات أو من دون هويات، إلى حين عودة المؤسسات للعمل.
وقال عميد بلدية (محافظ) بنغازي المستشار عبدالرحمن العبار لـ «الحياة» إن المرافق مهدمة والخدمات التعليمية والصحية تعاني تدميراً لبنيتها بسبب الإرهاب، «ونحتاج إلى موارد مالية ضخمة جدا لإعادة الإعمار»، لافتاً إلى أن المشكلات المادية أبرز معوق أمام إعادة الإعمار.
وأشار المحافظ إلى أن المشاكل الاقتصادية المعيشية في بنغازي تُعدّ إحدى نتائج الحرب، موضحاً أن الحكومة تبحث سلسلة إجراءات لحماية الدينار الليبي وإعادته إلى وضعه الطبيعي عملة قوية، وهو لم يستبعد الإقدام على قرار تحرير سعر الصرف، مثل ما فعلت مصر منذ شهور، لكنه أكد أن القرار في النهاية جزء من سياسات اقتصادية يقدرها مجلس الوزراء.
وتعاني بنغازي ركوداً اقتصادياً خانقاً، فشارع دبي في قلب المدينة، الذي يضم متاجر لبيع سلع مستوردة، خلا من رواده. ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق الرسمي أقل من 1.4 دينار لكن المصارف لا تؤمنه، أما في السوق الموازية فيتراوح سعره ما بين 7 و9 دنانير.
ويضطر التجار إلى الاستيراد عبر ميناء البريقة أو مطار الأبرق ونقل بضائعهم براً إلى بنغازي بسبب إغلاق مينائها، الذي انتزع الجيش السيطرة عليه من «القاعدة» قبل أيام، ومطار «بنينا» المقرر أن يستأنف العمل قريباً.
ومع ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية، وتضاعف أسعار السلع، يحصل فقراء المدينة على إعانة مالية تتراوح ما بين 300 و400 دينار شهرياً، لكنها لا تُصرف بانتظام أيضاً.