عادت صحيفة بلومبرج الأمريكية بالذاكرة نحو سبعة أعوام إلى الوراء حين أصدر مشرعون جمهوريون تحذيرهم إلى إدارة أوباما بشأن التوقيع على اتفاق نووي إيراني لا يحصل على موافقة الكونجرس. ودعت “بلومبرغ” إدارة بايدن إلى عدم ارتكاب الخطأ نفسه.
وقالت الصحيفة إذا تأكدت مكاسب الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية فبإمكان الحزب استخدام تأثيره لإبطاء رفع العقوبات وحتى فرض عقوبات جديدة رداً على نشاطات إيرانية تردد بايدن بفرضها عليها مثل مخططات الاغتيال في ربيع 2015، ووسط تقارير عن أن الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى كانت على وشك إبرام اتفاق نووي مع إيران، كتب 47 سيناتوراً جمهورياً رسالة مفتوحة موجهة اسمياً إلى طهران وعملياً إلى الرئيس أوباما. كانت رسالتهم أن خطة العمل الشاملة المشتركة، الاسم الرسمي للاتفاق، لا تساوي الحبر الذي كتبت به.
كما قالت الصحيفة ،في الرسالة التي صاغها السيناتور توم كوتون وزعيم الغالبية الجمهورية حينذاك ميتش ماكونيل ورد “أننا سنعتبر أي اتفاق بخصوص برنامجكم للأسلحة النووية غير موافق عليه من الكونجرس مجرد اتفاق تنفيذي بين الرئيس أوباما وآية الله خامنئي. يمكن للرئيس المقبل إلغاء هكذا اتفاق تنفيذي بشطبة قلم وبإمكان (مشرعي) الكونجرس المستقبليين تعديل بنود الاتفاق في أي وقت”.
وبحسب الصحيفة تجاهل أوباما التحذير وأبرم الاتفاق، لكن السيناتورات كانوا محقين: بعد ثلاثة أعوام، سحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق على أساس أنه لم يكن يكفي لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية أو كبح نشاطاتها الأخرى المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط. ثم فرض عقوبات اقتصادية على إيران. اعترف قادة إيران ودول أخرى موقعة على الاتفاق إضافة إلى مسؤولين في إدارة أوباما بأنهم أصيبوا بالصدمة والتوتر بسبب انسحاب ترامب الأحادي الجانب. لكن سبق أن تم تحذيرهم.
أضافت الصحيفة أنه ربما حان الوقت لرسالة أخرى. تشير إدارة بايدن إلى أنها في الأمتار الأخيرة من حملة طويلة لإعادة إحياء الاتفاق. يقول مسؤولون في واشنطن إن إيران وافقت على التخلي عن بعض المطالب الأساسية التي لم تكن مقبولة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وتزعم طهران أن الولايات المتحدة تراجعت. يبدو أن كلا الجانبين يهيئ جمهوره الداخلي لإعلان وشيك. سيترافق إحياء الاتفاق مع رفع العقوبات مما يعطي إيران مئات المليارات من الدولارات. بينما تلتزم بتجميد برنامجها النووي لسنوات قليلة، ستكون طهران حرة بتعزيز إنفاقها العسكري خصوصاً على تطوير الصواريخ والمسيّرات التي تستخدمها لتهديد جيرانها والممرات البحرية الدولية الحيوية. وستحصل شبكتها الواسعة من الميليشيات الشيعية والمجموعات الإرهابية، بما فيها حزب الله وحماس، على مكسب كبير إذا كان للتاريخ أن يشكل أي دليل.
واردفت الصحيفة ،مثل أوباما في 2015، تجاهل بايدن مطالب كررها الحزبان بضرورة التشاور مع الكونجرس قبل التوصل إلى أي اتفاق ورفع للعقوبات. تجاهل مسؤولو الإدارة المعارضة في واشنطن لإعادة إحياء الاتفاق على أساس أنها مدفوعة بسياسات تافهة لا بالمبدأ. هذا هو الموقف الذي تبنته إدارة أوباما رداً على رسالة كوتون-ماكونيل في 2015. تم اقتراح أن الجمهوريين كانوا يتصرفون بدافع النكاية في محاولة حرمان أوباما من انتصار هائل في السياسة الخارجية.
لا تنكر الصحيفة أن الجمهوريين كرسوا أنفسهم لعرقلة كل مبادرات أوباما لكنه يضيف أن نقاد رسالة كوتون-ماكونيل تجاهلوا أهم نقطة: كان الرئيس على وشك إلزام الولايات المتحدة بأكثر سياسة خارجية تأثيراً طوال عقود من الزمن من دون التشاور مع مؤسسة زعم بايدن بأنه يقدّرها كثيراً. الآن، يبدو أن بايدن قريب من أن يكرر ذلك الخطأ. مجدداً يطالب الجمهوريون الكونجرس بأن يكون لهم رأي وازن في المسألة قبل أن يستخدم بايدن سلطاته التنفيذية. توجه كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب مايكل ماكول إلى بايدن قائلاً إنه يجب السماح للكونغرس بمراجعة البنود التي ستعود الولايات المتحدة بموجبها إلى الاتفاق.
وبحسب الصحيفة انه من غير المرجح أن يقنع ماكول بايدن. ينظر الرئيس إلى إحياء الاتفاق النووي كهدف أساسي في السياسة الخارجية وقد تسامح مع سلوك إيراني يزداد عدوانية وتهوراً، من ضمنه رسم مخططات لاغتيال كبار المسؤولين في إدارة ترامب، من أجل تحقيقه. لكن إذا لم يكن بإمكان الكونغرس منع بايدن من إبرام الاتفاق فبإمكانه تذكير جميع الأفرقاء بمدى غياب جدواه من دون موافقة المشرعين.
كما ورد في رسالة كوتون-ماكونيل، سيستلزم الأمر مجرد شبطة قلم من الرئيس الجمهوري المقبل لتحجيم الاتفاق النووي إلى رسالة ميتة. يدرك الإيرانيون ذلك من تجربة مريرة. حسابات طهران هي أنها لو تمكنت من الحصول على تخفيف للعقوبات حتى ولو لعامين قبل وصول جمهوري إلى البيت الأبيض، فستكون البلاد قادرة على إعادة ملء خزائنها بعشرات المليارات من الدولارات.
إذا تأكدت مكاسب الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية فبإمكان الحزب استخدام تأثيره لإبطاء رفع العقوبات وحتى فرض عقوبات جديدة رداً على نشاطات إيرانية تردد بايدن بفرضها عليها مثل مخططات الاغتيال. حسب غوش، سيؤدي تلقي هذه الرسالة الآن إلى تبريد حماسة الشركات التي قد تكون مهتمة بالتعامل التجاري مع إيران. وسيوفر مقداراً صغيراً من الطمأنينة لأصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط بأن إيران لن تملك حرية الحركة لتعتيم سمائهم.
المصدر: وكالات