تشهد العلاقات المصرية الأفريقية كثافة في التفاعل منذ ثورة 30 يونيو مما يعكس التوجه الاستراتيجي المصري تجاه القارة الأفريقية، والترحيب الأفريقي باستعادة الدور المصري لحيويته في القارة، استناداً لمبادئ وحدة المصير والأهداف والمصالح المشتركة وعدم الإضرار بمصالح أي طرف، لتعود مصر وبقوة الى الساحة الافريقية.
ففي أعقاب صدور قرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بتعليق مشاركة مصر في أنشطة الاتحاد لحين استعادة الوضع الدستوري في البلاد، بذلت الحكومة المصرية جهودا حثيثة لتصحيح الأمر وعودة مصر إلى وضعها الطبيعي في القارة الأفريقية، حيث قامت وزارة الخارجية بالاتصال المستمر بكافة الدول الأفريقية من خلال بعثاتها المعتمدة لحشد الدعم للمواقف والمصالح المصرية في المحافل الإقليمية والدولية، وشرح طبيعة ثورة 30 يونيو والتحديات التي واجهها الشعب المصري خلال الفترة التي سبقت اندلاع الثورة حتى استعادت مصر عضويتها في الاتحاد الأفريقي في 17 يونيو 2014، علما بأن الاتحاد الأفريقي شارك في متابعة الانتخابات الرئاسية المصرية في مايو 2014 بوفد رأسه محمد الأمين ولد جويج رئيس الوزراء الموريتاني الأسبق، كما شارك الاتحاد الأفريقي في مراسم حفل تنصيب الرئيس/عبد الفتاح السيسي يوم 8 يونيو 2014.
وذكرت الخارجية اليوم الجمعة فى اطار الحملة الاعلامية التى اطلقتها يوم امس الخميس بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الثلاثين من يونيو ان اهتمام مصر بدائرتها الأفريقية ياتى ليؤكد على جذور مصر الأفريقية وعدم انعزال مصر عن قضايا الدول الأفريقية الشقيقة، وما تشهده العلاقات المصرية الأفريقية من كثافة في التفاعل منذ ثورة 30 يونيو مما يعكس التوجه الاستراتيجي المصري تجاه القارة الأفريقية، والترحيب الأفريقي باستعادة الدور المصري لحيويته في القارة، استناداً لمبادئ وحدة المصير والأهداف والمصالح المشتركة وعدم الإضرار بمصالح أي طرف.
كما اثمرت جهود الدبلوماسية المصرية خلال الفترة الاخيرة وبتوجهات القيادة السياسية عن فوز مصر بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي عن مقعد الثلاث سنوات – لأول مرة – عن إقليم شمال أفريقيا في الانتخابات التي جرت خلال اجتماعات وزراء خارجية الدول الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يناير 2016، حيث حصلت القاهرة على 47 صوت من إجمالي أصوات الدول التي يحق لها التصويت وهو 52 دولة. ويأتي فوز مصر بعضوية مجلس السلم والأمن في إطار الدور المصري الرائد على مستوى القارة تاريخيا خاصة في مجال حفظ السلم والأمن ودعم الاستقرار وحل ومنع النزاعات في القارة.
و كانت مصر قد سبق لها الانضمام إلى عضوية المجلس عن مقعد السنتين للفترتين من 2006 إلى 2008 ومن 2012 إلى 2014، لكن العضوية الأخيرة لم تكتمل نظرا لتعليق عضويتها بالاتحاد الأفريقي عام 2013 عقب ثورة 30 يونيو.
وتتزامن عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الأفريقي مع عضويتها في مجلس الأمن الدولي، وهو ما سيجعلها همزة الوصل بين القارة الأفريقية ومجلس الأمن فيما يتعلق بالقضايا التي تهدد السلم والأمن الأفريقي كما سينعكس بالإيجاب على الدفع بقضايا القارة في مجلس الأمن الدولي، خاصة في ضوء أن 70% من عمل مجلس الأمن متعلق بالقضايا الأفريقية، فضلا عن الترابط الوثيق بين عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وأجندة السلم والأمن للاتحاد الأفريقي.
ولم تدخر مصر وسعا من أجل المساهمة فى تحقيق الاستقرار والامن والنمو والنهوض الاقتصادى فى القارة الافريقية حيث بذلت جهودا كبيرة على مستوى القمم الأفريقية والمستوى الثنائي، ففى إطار حرص مصر على تفعيل علاقاتها بمختلف الدول الأفريقية وتعزيز مشاركتها فى العمل الأفريقى المشترك، جاءت مشاركة الرئيس السيسي في القمم الأفريقية مثل القمة الأفريقية التي انعقدت في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية يوميّ 26 و27 يونيو 2014، وكذلك القمة التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوميّ 30 و31 يناير 2016، وغيرهما من القمم، وذلك إيماناً بوحدة المصير وأهمية بذل الجهود اللازمة من أجل تحقيق السلام والاستقرار والسعى إلى تسوية المنازعات فى القارة، جنباً إلى جنب مع دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
و تسلم الرئيس السيسى منصب منسق لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ خلال أعمال قمة الاتحاد الأفريقي في يناير 2015 لمدة عامين حتى نهاية عام 2016، وذلك بالتزامن مع رئاسة مصر لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة للعامين 2014 – 2016.
وتم خلال الدورة الـ32 للجنة توجيه النيباد في أديس أبابا في يناير 2015 إعادة انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى لمنصب نائب رئيس لجنة التوجيه لفترة ولاية ثانية – وأخيرة – مدتها عامين تنتهي عام 2017.
واستضافت مصر قمة التجمعات الاقتصادية الإقليمية الثلاثة #####(COMESA-SADC-EAC)### بشرم الشيخ في يونيو 2015، بمشاركة رؤساء دول وحكومات 26 دولة أفريقية تمثل سوقاً يستوعب أكثر من 58% إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 1.3 ترليون دولار، و57% من إجمالي سكان أفريقيا.
وكان من أبرز نتائج قمة شرم الشيخ توقيع رؤساء دول وحكومات أعضاء التجمعات الثلاثة على اتفاقية منطقة التجارة الحرة الثلاثية “اتفاقية شرم الشيخ”، والتي من شأنها أن تُعزز حركة التجارة البينية، وزيادة التدفقات الاستثمارية، وفتح المزيد من الأسواق، وتعزيز التنافسية، ودعم تنمية البنية التحتية لتكون المنطقة رائدة عملية الاندماج الاقتصادي والتجاري على مستوى قارة أفريقيا.
اما فيما يتعلق بسد النهضة والتعاون الثنائي مع إثيوبيا.. فقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة ثنائية إلى أديس أبابا في مارس 2015، وهى الأولى على الصعيد الثنائي منذ 30 عاماً، عقد خلالها عدداً من اللقاءات مع كل من الرئيس الإثيوبي ورئيس الوزراء وبطريرك إثيوبيا ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي، وعدد من رجال الأعمال من البلدين، وتم الإعلان خلال الزيارة عن رفع مستوى اللجنة الثنائية المشتركة لتصبح لجنة مشتركة عليا برئاسة السيد الرئيس ورئيس الوزراء، فضلاً عن قيام السيد الرئيس بإلقاء كلمة أمام البرلمان الإثيوبي بمجلسيه.
وكان وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية قد قام بزيارة مصر في ديسمبر 2014 برئاسة رئيس البرلمان الإثيوبي، وضم 65 من الشخصيات العامة الإثيوبية التي تنتمي إلى مجالات مختلفة مثل الثقافة والتجارة والسياسة والفن والصحافة وغيرها. والتقى الوفد خلال الزيارة بكل منرئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني، وكان للزيارة ردود أفعال إيجابية على أفراد الوفد عبروا عنها في الإعلام الإثيوبي عند عودتهم إلى بلادهم.
كما قام الأنبا ماتياس بطريك إثيوبيا بزيارة مصر في يناير 2015 التقى خلالها بالسيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء والبابا تواضروس الثاني وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقام خلالها بزيارة الإسكندرية وعدد من الأديرة والكنائس في القاهرة.. كما قام رئيس الوزراء الإثيوبي بزيارة مصر في أغسطس 2015 للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. كما استقبل السيد رئيس الجمهورية ممثلين عن وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية في ديسمبر 2015.
و فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، فقد تم توقيع اتفاق إعلان المبادئ فى 23 مارس 2015 فى الخرطوم والذي تضمن تعهد مصر وإثيوبيا والسودان بتحقيق المصالح المشتركة وعدم الإضرار بأى طرف، واحترام نتائج الدراسات الخاصة بتأثيرات سد النهضة على دول المصب، وجاري حاليا الاستمرار في مسار المفاوضات حول سد النهضة من خلال اللجنة الثلاثية الفنية الوطنية والمسار السياسي من خلال اللجنة السداسية، بهدف تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين بشأن عمل دراسات حول آثار السد على دولتيّ المصب، في ذات الوقت الذي يتم فيه وضع الضمانات والمسارات البديلة التي تحقق الحفاظ على مصالح مصر المائية، والاستمرار في متابعة المشروعات المائية التي تقام في دول حوض النيل على مجرى النهر، بهدف ضمان عدم المساس بحصة مصر المائية أو الإضرار بحقوقها في هذا الشأن، وكذلك دفع التعاون في مجال الموارد المائية مع دول حوض النيل وتقديم مصر لخبراتها في هذا المجال، بهدف التواجد داخل هذه الدول ومتابعة سياساتها المائية والدفع في اتجاه التعاون لاجتذاب الفواقد المائية بغرض زيادة إيراد النهر تحقيقاً لمصالح دول الحوض.
المصدر : وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )