توالت التقارير، خلال الآونة الأخيرة، عن تراجع عسكري للقوات الروسية في أوكرانيا، وسط تساؤلات حول الصيغة التي سيرد بها الرئيس، فلاديمير بوتن، فيما يقول خبراء إن الخيارات المتاحة أمام الكرملين تبدو محدودة للغاية.
وبحسب موقع “إنسايدر”، فإن بوتن بات في موقف لا يحسد عليه في الوقت الحالي، بعدما أعلنت القوات الأوكرانية عن استعادة آلاف الكيلومترات من الأراضي التي سبق أن وقعت في قبضة الروس، بعد إطلاق العمليات العسكرية في فبراير الماضي.
وأوردت التقارير أن الجنود الروس فروا على عجل من عدة مناطق شرقي أوكرانيا، أبرزها خاركيف، تاركين وراءهم أسلحة وذخائر مهمة، وهو ما يعني أن الجهد الذي بُذل طيلة أشهر قد ذهب أدراج الرياح.
وذكر “إنسايدر” أن مؤيدي العمليات العسكرية أنفسهم، يبدون عدم ارتياح قلما يجري التعبير عنه في روسيا، بينما تطرحُ التساؤلات حول الطريقة التي سيرد بها بوتن.
وتثار هذه التساؤلات فيما أكدت موسكو مرارا أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا المجاورة ستتواصل إلى حين تحقيق الأهداف المرسومة لها.
خياراتٌ أمام بوتن
من بين الخيارات التي قد يلجأ إليها الرئيس الروسي، إعلان التعبئة العامة في البلاد، وعندئذ، سيكون قادرا على خوض حرب أوسع نطاقا.
والمقصود بالتعبئة العامة هو استدعاء جنود الاحتياط والاستعانة بأفراد أكثر من الشعب، لأجل خوض المعارك في أوكرانيا، الأمر الذي يعني الانتقال من عمليات عسكرية خاصة في الوقت الراهن إلى حرب شاملة.
لكن هذا الخيار مشوبٌ بالحذر لدى السلطات في روسيا، بحسب متابعين، لأنه قد يخلف تذمرا وسط الشعب، كما قد يصبح مؤشرا على تفاقم الفاتورة البشرية والاقتصادية للحرب التي مضى على بدئها أكثر من 200 يوم.
وبوسع روسيا أن تستفيد من مليون جندي احتياطي، لكن هؤلاء لا يتمتعون بالمهارات العسكرية المطلوبة والكافية، كما أن إدماجهم في الحرب، يتطلب موارد مالية، إلى جانب فترة من الزمن، وتبعا لذلك، فإنه من الموارد ألا يكون لهم تأثير بارز في العمليات الحالية، إلا بحلول الربيع المقبل.
وترى الباحثة في شؤون الدفاع والأمن بصندوق مارشال الألماني، كريستين برزينا، أنه في حال حصول التعبئة العامة، فإن ذلك سيكون خطوة صعبة، لأنها تعني أخذ جنود الاحتياط من مدن كبرى وبارزة مثل موسكو وسانت بترسبورغ إلى الجبهة، وأهاليهم لن يقبلوا مقتلهم في الحرب بهدوء كما تفعل عائلات الجنود الموجودة في “الهوامش الروسية”.
وربما يستفيد بوتن من اقتراب فصل الشتاء فيوظف سلاح الطاقة، حتى يزيد الضغط على الأوروبيين الذين يواجهون أشهرا من البارد القارس، في ظل تراجع وارداتهم من الغاز الروسي.
وأدت الحرب في أوكرانيا، إلى بدء الدول الأرووبية في التخلي بشكل تدريجي عن واردات الطاقة الروسية، وسط رهان على إنهاء الاعتماد على موسكو، في أقرب وقت ممكن.
لكن ما يُوصف بـ”المأزق الروسي” يجب أن يثير مخاوف خصوم بوتن أنفسهم، لأن الرئيس الروسي، قد يرد بشكل عنيف، في حال وجد نفسه محشورا في الزاوية، بينما يخوض جيشه الحرب في أوكرانيا.
ويشير البعض إلى احتمال إقدام بوتن على استخدام السلاح النووي، من أجل تغيير مسار الحرب، وتحقيق بعض المكاسب، لكن هذا الخيار صعبٌ وربما يجعل موسكو في وضع أصعب رغم إمكانية توجيه ضربة موجعة للـ”خصم الأوكراني”.
وثمة أصوات أخرى في روسيا تتحدث عن ضرورة إنهاء الحرب الدائرة حاليا، لأن كسبها يبدو أمرا صعبا، بينما يشيرون في المقابل، إلى إمكانية خوض النزاع عبر طرق أخرى، مثل تسخير الوكلاء أو حتى المتعاقدين، لأجل تنفيذ ما تريده موسكو، وهو أمر ممكن، دون تكبد خسائر كبرى وسط الجيش، لأن هذه الخطوة من شأنها أن تؤلب الداخل على السلطة.