يبدو أن الأوضاع بين الهند وباكستان مقبلة على فصل جديد من التصعيد والتوتر الممتد بين البلدين بسبب إقليم كشمير المتنازع عليه بينهما منذ أواخر أربعينات القرن الماضي ، فقد جاءت الخطوة التي أقدمت عليها الهند بإلغاء وضع الحكم الذاتي الممنوح للشطر الهندي من الإقليم وفقا لنصوص الدستور الهندي لتعيد أجواء التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد ولتطرح أسئلة حول تداعيات هذه الخطوة على مستقبل النزاع بين الجانبين حول السيادة على هذا الإقليم الذي تسكنه غالبية مسلمة.
وفي أول رد فعل لها على تلك الخطوة، نددت باكستان بإلغاء الهند وضع الحكم الذاتي الدستوري لولاية كشمير الهندية، واصفة تلك الخطوة بأنها غير شرعية.
وأكد بيان صادر عن وزارة الخارجية الباكستانية أن تلك المنطقة التي تشهد تمرداً انفصالياً وتطالب إسلام آباد بالسيادة عليها معترف بها دولياً كأرض متنازع عليها، مؤكدا رفض إسلام آباد لهذا الإعلان الصادر من نيودلهي.
وأضاف البيان أنه لا يمكن لأي إجراء آحادي الجانب أن يغير أوضاع هذا الإقليم المتنازع عليه، مشددا على التزام باكستان الثابت بقضية كشمير ودعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب جامو وكشمير المحتلة من أجل التوصل لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
ومن جانبها، اعتبرت وزيرة حقوق الإنسان الباكستانية شيرين مازاري الخطوة الهندية بأنها “احتلال غير شرعي” لجامو وكشمير..أما رئيسة حكومة جامو وكشمير المحلية السابقة محبوبة مفتي فقد وصفت القرار الهندي بأنه “غير شرعي وغير دستوري وسيجعل من الهند قوة احتلال في جامو وكشمير”، وحذرت من أن القرار ستكون له نتائج كارثية على شبه القارة الهندية.
وكانت الحكومة الهندية قد أعلنت أمس إلغاء وضع الحكم الذاتي الدستوري لكشمير بمرسوم رئاسي تلاه وزيرالداخلية الهندي أميت شاه أمام أعضاء البرلمان وسط احتجاجات ورفض نواب المعارضة ، وقد سبق هذا القرار بساعات جملة من الإجراءات والقرارات الأمنية التي أعلنت عنها السلطات الهندية في ولاية كشمير وشملت حظر التجمعات العامة وإغلاق المدارس والجامعات.
كما دعت السلطات الهندية في كشمير المواطنين إلى تخزين الطعام والوقود وذلك بسبب معلومات عن تهديدات إرهابية، وهو الأمر الذي خلق حالة من الذعر بين السكان الذين اصطفوا في طوابير طويلة أمام محطات الوقود ومتاجر الطعام بينما سارع آلاف السياح والطلاب لمغادرة كشمير.
ويلغي المرسوم الرئاسي الهندي بخصوص ولاية جامو كشمير المادة 370 من الدستور الهندي والتي كانت تنص على منح وضع خاص للولاية بحيث يدير البرلمان المحلي شؤون هذه الولاية بينما تتولى الحكومة المركزية الهندية فقط سن التشريعات الخاصة بالدفاع والشؤون الخارجية والاتصالات.
وقد تزامن هذا القرار بإلغاء الحكم الذاتي لجامو وكشمير مع مشروع قانون قدمته الحكومة الهندية إلى البرلمان بشأن اعادة تقسيم الولاية بحيث يتم فصل منطقة “لداخ” الواقعة شرقي كشمير والتي تقطنها غالبية بوذية عن باقي الولاية .. ووفقا لهذا المشروع فإن المناطق الأخرى من الولاية والتي تضم سهول جامو الجنوبية ذات الغالبية الهندوسية ووادي سرينجار الشمالي ذا الغالبية المسلمة فستخسر وضعها كولاية اتحادية لتتحول إلى “إقليم اتحادي”.
ويرى مراقبون أن قرار إلغاء وضع الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير الهندية جاء تنفيذا للتعهدات التي كان قد أطلقها منذ مدة معسكر رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومي الهندوسي والذي أعيد انتخابه في مايو الماضي لولاية ثانية ، وتضمنت إلغاء الوضع الخاص لكشمير.
وتأتي تلك الخطوة بعد أيام من قيام السلطات الهندية بنشر 10 آلاف جندي إضافي في الإقليم ليرتفع عدد القوات الإضافية التي أرسلتها نيودلهي إلى الإقليم خلال الأيام الماضية إلى نحو 70 ألفا وهو الأمر الذي خلف حالة التوتر والتأهب على جانبي الحدود الباكستانية الهندية في كشمير.
وقد ذكرت تقارير إعلامية هندية أن 25 ألف جندي هندي إضافي سيتوجهون إلى كشمير التي يتواجد فيها حاليا قرابة نصف مليون من قوات الجيش والأمن الهندية.
وتخوض الهند وباكستان نزاعا طويلا من أجل السيطرة على كشمير وذلك منذ انفصال باكستان عن الهند عقب الاستقلال عن بريطانيا عام 1947 ، فمنذ ذلك الحين توزع الإقليم إلى شطرين باكستاني وهندي في حين تصر كلتا الدولتين على أن هذا الإقليم تابع لها ، وقد خاض البلدان حربين من أصل 3 حروب دارت بينهما من أجل السيادة على تلك المنطقة.
ولا يكاد يمر يوم تقريبا دون أن يتبادل الجنود الباكستانيون والهنود إطلاق النار أو القذائف الصاروخية على خط وقف إطلاق النار ، الذي يقوم عملياً مقام الحدود بين شطري كشمير ، .
وكانت إسلام آباد قد أغلقت مجالها الجوي في شهر فبراير الماضي بعد هجوم نفذته جماعة متشددة تتمركز في باكستان في الجزء الخاضع لسيطرة الهند في كشمير ؛ ما تسبب في مواجهة مسلحة بين البلدين ، وتبادل البلدان شن هجمات جوية وخاضت الطائرات الحربية مناوشات قصيرة في أجواء إقليم كشمير تم خلالها إسقاط مقاتلة هندية.
ويشهد الشطر الهندي من كشمير حركة انفصالية عنيفة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي ؛ مما أدى إلى مقتل نحو 70 ألف شخص معظمهم من المدنيين ، وتتّهم الهند جارتها بدعم الجماعات المسلّحة في وادي سريناغار الشمالي، وهو ما تنفيه باكستان دائماً.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)