بدأت جزر القمر الدولة الاتحادية ذات الماضي السياسي المضطرب انتخابات تشريعية الأحد بعد حملة خلت من الحوادث، يتنافس فيها أنصار وخصوم الزعيم الشعبوي أحمد عبد الله سامبي الذي ترأس البلاد من 2006 إلى 2011.
وفتحت أولى مراكز الإقتراع أبوابها كما هو مقرر في السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (الرابعة بتوقيت جرينتش).
وتشكلت طوابير طويلة .
ففي قرية مبيني في كبرى جزر الأرخبيل، تسعى النساء اللواتي يرتدين الساري والرجال بدشاديشهم معتمرين الكوفية التقليدية بهدوء للعثور على أسمائهم أو صورة هويتهم على اللوائح الانتخابية المعلقة.
وقالت نوزولاتا عبدالله وهي ربة منزل (43 عاما) “ننتظر سليمانا، إنه النائب الشعبي عن الاتحاد من أجل تنمية جزر القمر (الحزب الحاكم). لا أحب سامبي. فهو لا يحب التقاليد والإسلام في جزر القمر لأنه شيعي”. وتابع سامبي دراساته الفقهية في إيران.
وفي موروني العاصمة سجل إقبال ضعيف في مكاتب التصويت بعد ساعة من الافتتاح.
وقال ناخب يدعى إبراهيم اتومان وصل في الصباح الباكر للإدلاء بصوته “نأمل أن تكون الجمعية الجديدة في خدمة الشعب” ملمحا إلى الفساد الذي ينخر أوصال هذا الأرخبيل المسلم الفرنكفوني ذي الديمقراطية الهشة. فالفقر السائد تخفف من وطأته الأموال التي تأتي من المهاجرين وهم عديدون في فرنسا (200 الف إلى 300 الف) أو في مدغشقر.
وهذا الاقتراع يكتسي أهمية كبيرة قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام 2016 بعد مرور أربعين عاما على استقلال هذا الأرخبيل المداري الواقع في المحيط الهندي والذي تحتفظ فرنسا بإحدى جزره، مايوت.
والرهان الأبرز للرئيس أكليل ظنين (الاتحاد من أجل تنمية جزر القمر) الذي يفتقر إلى الجاذبية، ورجله القوي المحب لفرنسا وزير المالية محمد علي الصويلحي، هو قطع الطريق أمام سامبي وحزبه “جووا” (الشمس) الذي اقترب أثناء ولايته من الدول الخليجية النفطية وإيران وتركيا.
وما يتسبب بالتوتر الرغبة المعلنة للرئيس السابق سامبا في العودة إلى الحكم في 2016 ما يتنافى مع روحية الدستور الذي ينص على أن يكون الرئيس المقبل من مواليد جزيرة القمر الكبرى وليس من جزيرة أنجوان.
لكن ممثلي المجتمع المدني يخشون امتناع نسبة مرتفعة عن التصويت.
وقال رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي عمر بريزيكي “إنهم يتحدثون عن سأم الشعب الذي لا يثق في السياسيين”.
وقد رفضت قريتان، إحداهما في أنجوان والأخرى في جزيرة القمر الكبرى، أن يجري المرشحون حملاتهم وتكاثرت اللافتات التي تدعو إلى التصويت بورقة بيضاء في الأيام الأخيرة.
وسيفتح حوالى 718 مركزا للتصويت موزعة على الجزر الثلاث، القمر الكبرى وموهيلي وأنجوان، حتى الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي (15,00 ت غ).
وستصدر أولى التقديرات مساء الأحد لكن لا ينتظر إعلان النتائج الرسمية غير النهائية قبل الثلاثاء أو الأربعاء.
وقال وزير الداخلية حسن حسين إبراهيم عشية الإقتراع “إننا لسنا في مأمن من الطعون نظرا إلى كثافة المرشحين”.
والبلد الذي ما زال يترادف غالبا في الذاكرة مع اسم المرتزقة الفرنسي بوب دينار ويقف اليوم على أبواب اكتشافات نفطية جديدة “اوف شور”، ليس في رصيده سوى عشرين عاما من التجربة الديمقراطية.
فقد شهد عشرين انقلابا عسكريا أو محاولة انقلابية منذ استقلاله في 1975 ما شكل عقبات أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأساء إلى الوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة.
وتعود المحاولة الانقلابية الأخيرة إلى العام 2013. وقد بدأت محاكمة الخميس لمقاضاة خمسة عشر شخصا بينهم أربعة أفارقة على الأقل، من الكونغوليين إضافة إلى مواطن تشادي.
وأشار تقرير أخير لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى حالة عدم الاستقرار.
وأضاف هذا التقرير “أن كون تجربة الديمقراطية في جزر القمر حديثة العهد يجعل وضع هذا البلد إلى اليوم هشا”.
وقال وزير الداخلية “حتى الآن لدينا الثقة، فأجهزتنا الاستخباراتية لم تنقل إلي أي شيء يمكن أن يعرقل إجراء هذه الانتخابات”.
ولتهدئة الوضع أنشأ الأرخبيل “اإطارا للتشاور” يجمع الأحزاب والسلطات والمجتمع المدني.
وقال بيريزيكي “إن ذلك لعب دورا مهدئا”. على سبيل المثال عندما دعت الضرورة اتخاذ قرار بشأن الموقف الواجب اتباعه إزاء العديد من المسجلين الذي لم يتلقوا بطاقتهم الانتخابية.
وسيكون بإمكان هؤلاء الأخيرين الإدلاء بأصواتهم بالرغم من ذلك بفضل صورهم الملصقة على السجل الانتخابي كما أكدت وزارة الداخلية.
المصدر : أ ف ب