بعد اغتيال الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان، بداية الشهر الجاري، أصدر الإيرانيون سلسلة تهديدات ضد إسرائيل، بما في ذلك تغريدة من علي خامنئي، المرشد الإيراني، جاء فيها: “بعون الله سنجعل الصهاينة يتوبون عن جريمتهم العدوانية على القنصلية الإيرانية في دمشق”.
وعلى الرغم من القدرات الإيرانية في مجال الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة، واستعانتها بوكلاء مثل حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، فإن مستوى الضرر، الذي يمكن أن تسببه إسرائيل لإيران وحلفائها رغم قدراتها الهجومية بعيدة المدى، عالية جدًا، بحسب تقرير نشرته صحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية.
نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن تقارير أجنبية قولها إن برنامج الصواريخ الإسرائيلي بدأ في الستينيات بالتعاون مع فرنسا، عندما قامت فرنسا بتطوير واختبار وبيع “صاروخ أريحا” لإسرائيل، الذي بدأ تشغيله في السبعينيات، ويبلغ مدى هذا الصاروخ 500 كيلومتر، أي أنه قادر على ضرب جميع العواصم العربية المحيطة بإسرائيل، وهو قادر على حمل الأسلحة النووية والكيماوية.
وفي منتصف السبعينيات، أفادت التقارير أن إسرائيل طورت صاروخ “أريحا 2” بالتعاون مع جنوب أفريقيا من الصفر. وهو صاروخ باليستي ذو مرحلتين يصل مداه إلى حوالي 1500 كيلومتر. وأجرت إسرائيل معها عدة اختبارات في البحر المتوسط، وصل بعضها إلى جزيرة كريت، وسقط بعضها بالقرب من سفينة أميركية شمال بنغازي في ليبيا. كما زعمت الولايات المتحدة أن التعاون مع جنوب أفريقيا اتخذ شكل تجربة نووية مشتركة أجريت على جزيرة جنوب أفريقية في عام 1979.
وبحسب تقارير أجنبية، بدأت إسرائيل في أواخر التسعينيات بتطوير صاروخ عابر للقارات ثلاثي المراحل يصل مداه إلى 15500 كيلومتر، مع القدرة على حمل عدة رؤوس نووية ونووية حرارية بقوة تتراوح بين 800 كيلوطن إلى 12 ميغاطن، أي 650 مرة قوة القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما.
وتقول تقارير أجنبية إن الصاروخ أصبح جاهزا للعمل في عام 2008. ووفقا لتقرير سري قدم إلى الكونغرس الأميركي، فإن الصاروخ يمنح إسرائيل إمكانية التسبب في أضرار نووية لجميع دول الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وآسيا وكل دول الشمال تقريبا، بما فيها أميركا، وأجزاء كبيرة من أميركا الجنوبية وشمال أوقيانوسيا.
وبحسب ما ورد تعمل إسرائيل أيضًا على تطوير الجيل التالي من صاروخ “أريحا”، وهو صاروخ “أريحا 4″، وهو كسابقه صاروخ ثلاثي المراحل، والذي ستشمل قدراته إمكانية حمل رؤوس حربية متشظية.
وبحسب تقارير أجنبية فإن إسرائيل تحتفظ بصواريخ “أريحا” في قاعدة جوية بالقرب من بيت شيمش.
وبالإضافة إلى قدرات إسرائيل الصاروخية النووية، وفقًا لمنشورات أجنبية، قامت إسرائيل بتجهيز سلسلة غواصاتها من طراز “دولفين” بصاروخ كروز يسمى “بوباي تيربو أس إل سي أم” Popeye Turbo SLCM، والذي يمكن أن يصل مداه إلى 1500 كيلومتر، ويحمل رأسًا نوويًا.
وبحسب مصادر استخباراتية أميركية، أجرت إسرائيل تجربة في عام 2000 بهذا الصاروخ في المحيط الهندي. والغرض من الصاروخ هو توجيه ضربة ثانية محتملة، في حال قررت دولة ما مهاجمة إسرائيل بضربة نووية.
ووفقًا للمنشورات الأجنبية، تحتوي كل غواصة “دولفين” على 4 صواريخ كروز من نوع ” بوباي تيربو”.
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب تقارير أجنبية، تعمل إسرائيل على تطوير صواريخ جديدة لغواصات “دولفين” تتضمن نظام إطلاق عمودي. والصواريخ التي ستحملها الغواصة الجديدة هي صواريخ باليستية يتم إطلاقها في نفس وقت إطلاق صواريخ كروز. وسيكون ذلك بمثابة قفزة خطيرة للأمام للقدرات الإسرائيلية في مجال الصواريخ.
أكثر من الصواريخ بعيدة المدى
ومع ذلك، فإن الصواريخ ليست القدرة الهجومية بعيدة المدى الوحيدة التي تمتلكها إسرائيل، إذ تمتلك أيضًا قدرة هجومية بعيدة المدى من الطائرات منذ أوائل التسعينيات، عندما وصلت طائرات “فانتوم” إلى إسرائيل. وفقًا للوثائق التي تمت الموافقة على نشرها من قبل أرشيف الجيش الإسرائيلي، إذ قام الجيش الإسرائيلي ببناء قدرات هجومية لضرب ليبيا واليمن من خلال التزود بالوقود المزدوج بين طائرات الفانتوم.
ويمكن للطائرات المقاتلة التي تمتلكها إسرائيل، وهي من طرز “إف 15″ و”إف 16” و”إف 35″، أن تصل إلى مدى يتراوح بين 1500 و2000 كيلومتر، ذهابا وإيابا دون التزود بالوقود.
وتمتلك إسرائيل طائرات للتزود بالوقود من طراز “بوينغ 707″، مما يجعل من الممكن توسيع نطاق الهجوم للطائرات وتغطية كامل منطقة إيران.
واشترت إسرائيل أيضًا طائرات بوينغ KC-46 جديدة للتزود بالوقود، والتي من المقرر أن تدخل الخدمة في عام 2025.
ومن خلال استبدال طائرات بوينغ 707 القديمة، ستعمل هذه الطائرات على ترقية قدرات القصف بعيدة المدى الإسرائيلية بشكل كبير.
قنابل خارقة للتحصينات
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك إسرائيل قنابل بعيدة المدى خارقة للتحصينات يمكنها ضرب بعض المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، فإن القدرة الهجومية الإسرائيلية لا تقتصر على قصف المنشآت النووية، إذ يمكن لإسرائيل أن تلحق الضرر بمؤسسات ورموز الحكومة في طهران، وأن تلحق الضرر بمحطة الوقود في جزيرة خرج، وأن تشل قدرة إيران على تصدير النفط من خلال الهجوم على ميناء بندر عباس. وستؤدي هذه الإصابات إلى انهيار الاقتصاد الإيراني وتعطيل القدرة على العيش في إيران.
تمتلك إسرائيل قدرات دفاعية مضادة للصواريخ، وسلسلة كاملة من صواريخ الدفاع الجوي، بما في ذلك “القبة الحديدية”، و”مقلاع داود”، و”السهم 2” و”السهم 3″، التي تسمح لإسرائيل بتحييد جزء كبير من الهجوم الصاروخي والطائرات بدون طيار والصواريخ لقدرات إيران وحزب الله والحوثيين في اليمن، كما ثبت خلال الشهور الستة الماضية.
ورغم أنه لن يتم إيقاف جميع الصواريخ من قبل الأنظمة المذكورة، إلا أن أضرارها ستكون أقل من أي تهديدات نسمعها كل يوم في وسائل الإعلام، كما أن الضرر الذي ستلحقه إسرائيل بتلك الدول أكبر بعشرات المرات من قدرتها على الإضرار بإسرائيل.
تمتلك إسرائيل القدرة على ضرب أي هدف في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن، من خلال آلاف الطلعات الجوية بالقنابل التي تطلقها الطائرات المقاتلة، ويمكن لهذه القدرة أن تلحق أضرارا غير مسبوقة بهذه البلدان، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بمنشآت الطاقة والجسور والبنية التحتية الحيوية والرموز الحكومية مثل القصر الرئاسي في دمشق.