حذر خبراء من ان السلطة التنفيذية الصومالية التي اعتبرت لدى تسلمها الحكم العام الماضي افضل فرصة في خلال عشرين عاما لعودة السلام الى الصومال، مهددة اليوم بالخلافات الداخلية التي تنخر اوصالها وتشكل خطرا على مكافحة حركة الشباب الاسلامية.
وقد رفض رئيس الوزراء عبدي فرح شيردون مؤخرا الاستقالة استجابة لطلب الرئيس حسن شيخ محمد، وبات يواجه مذكرة لحجب الثقة امام البرلمان.
وسبب النزاع غير واضح الملامح لكن بعض رجالات السياسة الصوماليين يشيرون الى قضايا فساد ومسائل موالاة متضافرة مع النظام القبلي الصومالي المعقد الذي يجعل كل مجموعة تسعى الى ايجاد مكانة لها داخل اجهزة الحكم.
واوضح النائب محمد يوسف “ان رئيس الوزراء قال لنا انه على طرفي نقيض مع الرئيس بخصوص ملفات عديدة لاسيما تشكيلة الحكومة”.
والحكومة الحالية تسلمت مهامها في اغسطس 2012 لتكون اول سلطة تنفيذية صومالية تحظى باعتراف فعلي على الساحة الدولية منذ سقوط الرئيس سياد بري في 1991.
لكن في بلاد ما زالت متصدعة بفعل نزاع شبه مستمر منذ عقدين من الزمن، يبقى على هذه الحكومة ان تعمل على بناء ادارة مركزية متينة فيما تبدو الصراعات على الحكم مهيمنة على الملفات.
وقد خرجت التوترات داخل السلطة التنفيذية الى العلن في مطلع نوفمبر عندما استقالت حاكمة البنك المركزي الصومالي يسر ابرار مؤكدة بالرغم من تكذيبات الحكومة انها تعرضت لضغوطات لتمديد عقود مشبوهة.
وكان سلفها عبد السلام عمر اضطر للاستقالة في سبتمبر عندما ندد خبراء من الامم المتحدة بعمليات اختلاس لملايين الدولارات واعتبروا ان المصرف المركزي اصبح بمثابة “صندوق اسود” للقادة الصوماليين.
وقد نفت مقديشو تلك الاتهامات ايضا ولفت مصدر غربي الى “ان الممولين الدوليين هم وراء الحكومة لانها الخيار الوحيد، ويوفرون الفرصة لمواصلة الهجوم على الشباب”.
ومنذ اكثر من سنتين طرد الشباب من مقديشو ومن جميع معاقلهم في جنوب الصومال ووسطها على يد جيش صومالي ضعيف تسانده قوة الاتحاد الافريقي (اميصوم) وكذلك قوة تدخل اثيوبية. لكنهم ما زالوا يسيطرون على مناطق ريفية شاسعة.
وراى المصدر الغربي ان التفاؤل الذي ترافق مع تعيين الحكومة الجديدة يصطدم منذ عام ب”الواقع” المرير.
وتابع “انه امر مقلق لانهم يتبعون كما يبدو اكثر فاكثر خطى سابقيهم” في الحكومة الفدرالية الانتقالية.
فالسنوات الثماني لسلطة الحكومة الانتقالية انطبعت بفساد زاحف ونزاعات سياسية متواصلة ذات طابع قبلي.
وتشير مصادر مقربة من رئيس الوزراء الى ان النزاع مع الرئيس يعود في الواقع الى سبتمبر مع تقديم اقتراح لتعديل وزاري.
وكان شيردون طلب انذاك بابعاد ثلاثة حلفاء اساسيين لمحمود بينهم وزير الداخلية النافذ.
وقرار الرئيس مطالبة رئيس وزرائه باستقالته “لم يكن وليد الساعة” كما قال النائب عبد الرحمن حوش جبريل مضيفا “ان بامكان رئيس الوزراء ان يرفض الاستقالة لكن عليه ان يتقدم امام البرلمان”.
وفي الكواليس سعى دبلوماسيون اجانب الى مساعدة الرئيس ورئيس الوزراء على التوصل الى اتفاق، لكن هذه المساعي لم تتكلل بالنجاح حتى الساعة.
الى ذلك تبدو غالبية من النواب مصممة على دعم محمود في مواجهة شيردون.
فيما تعارض اقلية فقط مثل هذا الرحيل الذي تعتبره غير دستوري.
واضاف النائب محمد يوسف “ان الرئيس يملك الصلاحية لتعيين رئيس الوزراء، لكنه لا يملك صلاحية الطلب من رئيس الوزراء تقديم استقالته”.
وفي مطلع نوفمبر اكد شيردون بنفسه وجود “خلاف” مع الرئيس، لكنه اشار الى ان سببه “دستوري وليس سياسيا”.
كذلك سعى رئيس البرلمان محمد عثمان جواري من ناحيته الى التقليل من حجم الخلاف.
وقال لصحافيين “ان على النواب ان لا يضخموا القضية” مضيفا انه “يتوجب حمل كل المشاكل امام البرلمان للمناقشة قبل التسرع في اتخاذ قرار”.
يبقى ان السماح باستفحال الوضع يصب في مصلحة متمردي حركة الشباب الاسلامية الذين اقسموا على هلاك سلطات مقديشو.
المصدر:ا ف ب