يلتقي قادة العالم الغارق في الأزمات من الحرب في أوكرانيا إلى الكوارث المناخية وصولًا إلى انعدام الأمن الغذائي، اعتبارًا من الثلاثاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تشهد انقسامات عميقة.
على مدى قرابة أسبوع، يلقي نحو 150 رئيس دولة أو حكومة من كافة أنحاء العالم خطابات أثناء هذا الاجتماع السنوي الذي يُعقد للمرة الأولى حضوريًا بعدما كان يُجرى عبر الانترنت في العامين الماضيين بسبب أزمة وباء كوفيد-19.
ومن جانبه، سيلقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الخطاب الافتتاحي للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة و”لن يلطّف الأمور”، وفق قول المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وقال جوتيريش “نجتمع في لحظة خطر كبير بالنسبة للعالم” متحدثًا عن “نزاعات وكوارث مناخية” إضافة إلى “الريبة والانقسام” و”الفقر وانعدام المساواة والتمييز”
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن “عالمنا تدمره الحرب، وتضربه فوضى المناخ وتقضه الكراهية ويغمره العار جراء الفقر وانعدام المساواة”.
وأشار جوتيريش إلى أن الانقسامات الجيوستراتيجية التي “لم تكن قط بهذا الحجم منذ الحرب الباردة على الأقل.. تشل الاستجابة العالمية لهذه التحديات الهائلة”، داعياً قادة العالم إلى “العمل معاً” لإيجاد حلول.
غير أن الأمل في توحيد العالم يبدو بعيد المنال، كما يتضح من المناقشات حول مشاركة الرئيس الأوكراني عبر الفيديو.
وخلال الجائحة، في عامي 2020 و2021 ألقى القادة خلال الجمعية العامة خطاباتهم على الأقل جزئياً عن طريق الفيديو.
وهذا العام ستتم العودة إلى البروتوكولات المعتادة، لكي يتحدث أي قائد أمام الجمعية العامة اعتباراً من اليوم الثلاثاء، يجب أن يكون حاضراً، مع استثناء خاص لفولوديمير زيلينسكي.
خُوِّل الرئيس الأوكراني بفضل تصويت خاص للجمعية العامة الجمعة بتوجيه رسالة مسجلة مسبقاً، رغم استياء روسيا التي نددت بما سمته “تسييس مسألة إجرائية”.
وقال ريتشارد جوان، المحلل لدى المجموعة الدولية للأزمات، إن زيلينسكي كان سيكون “أبرز” شخصيات هذه الجمعية العامة لو حضر، وحتى بحضوره عبر رسالة مصورة، “فإن خطابه سيجذب انتباهاً أكثر بألف مرة من معظم خطابات القادة الآخرين الحاضرين”.
لكن جوان لفت مع ذلك إلى ضرورة “الانتباه”، وقال لوكالة “فرانس برس”، إن “الكثير من السياسيين غير الغربيين مستاؤون من الغرب لتركيزه على أوكرانيا”.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-جرينفيلد لـ”فرانس برس”: “تشعر عدد من الدول بالقلق من أننا بينما نركز على أوكرانيا فنحن لا نولي اهتماماً كافياً لأزمات أخرى في جميع أنحاء العالم. الأمر ليس كذلك”.
وأضافت أن “الأمور تجري كالمعتاد. لا يمكننا تجاهل ما يحدث في بقية العالم”، مشددة بشكل خاص على أزمة الغذاء التي ستكون محور العديد من الفعاليات.
في محاولة للاستجابة لمخاوف بعض الدول، ينظم الأمريكيون والأوروبيون الثلاثاء اجتماعًا رفيع المستوى حول انعدام الأمن الغذائي وهو أحد تداعيات هذه الحرب التي تعاني منها البشرية.
وفي سياق آخر قالت الرئاسة الفرنسية من جانبها إن الرئيس إيمانويل ماكرون “سيحرص على… الحوار مع شركاء الجنوب لتبديد فكرة أن الغرب ضد بقية العالم”، وعلى أن “حالة الطوارئ المناخية” ستكون أيضاً “في صميم كل المواضيع المسببة للقلق”.
والدول النامية، التي تتحمل قدراً أقل من المسؤولية عن الاحتباس الحراري ولكنها أولى ضحاياه، سئمت من عدم إيلاء العمل المناخي الأولوية في كثير من الأحيان.
وقال سفير أنتيجوا وبربودا والتون ويبسون، رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة (AOSIS): “لم يعد لدينا وقت نضيعه”، معرباً عن أمله في الحصول على “التزامات” في ما يتعلق بتمويل خطط مواجهة التغير المناخي.
وقبل شهرين من مؤتمر الأمم المتحدة المناخ كوب 27 COP27 في مصر، لن يفوت أنطونيو جوتيريش الفرصة للتأكيد على الحاجة الملحة للتحرك خلال خطابه الافتتاحي الثلاثاء، وخلال مائدة مستديرة خلف الأبواب المغلقة لإجراء “محادثات صريحة” مع بعض القادة.
وقبل بدء إلقاء الخطابات على المنصة الثلاثاء، حافظ الأمين العام على عقد قمته التعليمية ، والتي يتوقع أن يحضرها عدد أقل من القادة بسبب المشاركة في جنازة الملكة إليزابيث الثانية بلندن.
وما زالت جنازة الملكة تثير بعض الشكوك حول مسار الجمعية العامة في نيويورك، إذ ستلقي رئيسة الوزراء البريطانية ليز ترَس أول خطاب كبير لها منذ توليها منصبها.
وأكد أيضاً الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو حضوره الثلاثاء، وكذلك التركي رجب طيب أردوغان والفرنسي إيمانويل ماكرون.
ولكن فيما تتحدث الولايات المتحدة، الدولة المضيفة، عادة بشكل طبيعي في البداية، تم تأجيل خطاب جو بايدن إلى الأربعاء.
وعلى الرغم من أن هذا العام يشهد عودة قادة الغالبية العظمى من دول الكوكب مع عدد قليل من الغائبين البارزين مثل فلاديمير بوتين وشي جين بينج، إلا أن القيود ما زالت سارية، فقد اضطرت الوفود إلى تقليص حجمها، وخصصت أماكن محدودة لوسائل الإعلام. وسيكون وضع الكمامة إلزامياً أيضاً.
المصدر: وكالات