يتوجه 17 مليون ناخب اليوم الاثنين إلى صناديق الاقتراع في غانا للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تشهدها البلاد، والتي يختار فيها الناخبون رئيسا جديدا لغانا من بين 12 مرشحا، فضلا عن اختيار 275 نائبا بالبرلمان.
وتتركز المنافسة على مقعد الرئاسة بين مرشحين أساسيين وهما الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو أدو، الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية، والرئيس السابق جون دراماني ماهاما، الذي كان رئيسا للبلاد في الفترة من 2013 حتى 2017، ويطمح للعودة من جديد إلى سدة الحكم.
وتقدم غانا نموذجا ديمقراطيا مستقرا في منطقة غرب أفريقيا، ونجحت حتى الآن في تفادي أعمال العنف التي تعقب الانتخابات في الدول الأفريقية، كما شهدت انتقالا سلميا للسلطة عدة مرات منذ عام 1992، وذلك على خلاف جيرانها في غرب أفريقيا.
وتعد انتخابات اليوم الثامنة من نوعها منذ تحول البلاد إلى نظام التعددية الحزبية عام 1992، كما أنها المرة الثالثة التي يتواجه فيها المتنافسان الرئيسيان للرئاسة، أكوفو أدو وماهاما، حيث التقيا من قبل في انتخابات عام 2012 وفاز فيها ماهاما، كما تواجها في انتخابات 2016 التي فاز فيها الرئيس الحالي أكوفو أدو.
في هذا السياق وقع المرشحان الرئيسيان للرئاسة، أكوفو أدو وماهاما، الجمعة الماضية على “ميثاق سلام” للحفاظ على حسن سير العملية الانتخابية والحفاظ على الاستقرار واحترام نتائج الاقتراع، وذلك في احتفالية أقيمت في العاصمة أكرا، بحضور عدد من الزعماء التقليديين في البلاد، إلى جانب مراقبين دوليين.
ويؤكد المراقبون أن الحملة الانتخابية في غانا مرت دون عنف، واتسمت بالتوازن بدرجة كبيرة بين المرشحين الأساسيين للرئاسة حيث رأى الخبير الدولي، لوران دوارتيه أن “الحملة الانتخابية في غانا تعد نموذجا يحتذى به خاصة مقارنة بالحملة التي شهدتها بوركينافاسو”، وأضاف “في الوقت الذي تتراجع فيه مؤشرات الديمقراطية في دول مثل غينيا وكوت ديفوار، فإن غانا تقدم نموذجا للديمقراطية في المنطقة”.
في السياق ذاته.. أكدت رودا أوسيه أفو، الباحثة في مركز غانا للتنمية الديمقراطية، أن بلادها شهدت نفس الأزمات التي شهدتها تلك الدول الأفريقية من قبل، ولا ترغب في العودة إليها مرة أخرى، موضحة “أن النظام ليس مثالي ولكن عملية تبادل الحكم التي تتم قد أظهرت فعالية الانتخابات، لذلك فإن الشعب الغاني يؤمن بالديمقراطية”.
وتحظى قضايا البطالة، البنية التحتية وإنشاء الطرق، التعليم، والصحة بأهمية كبرى لدى الناخبين فضلا عن ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وقلة الاستثمارات، والاعتماد على المواد الخام، وبالأخص الكاكاو، كمصدر دخل رئيسي للبلاد. وهذه القضايا احتلت أهمية في البرنامج الانتخابي للمرشحين.
فمن ناحية ركز الرئيس أكوفو أدو في حملته الانتخابية على إبراز الإنجازات التي حققها خلال ولايته الرئاسية.. مؤكدا أنه رغم التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد جراء انتشار وباء كورونا غير أن المؤشرات الاقتصادية لا تزال تعكس تقدم غانا عن جيرانها من دول غرب أفريقيا، فقد شهدت غانا معدلات مرتفعة لنمو الناتج القومي الإجمالي في عهده، بلغت 6,26%، كما وصلت نسبة السكان تحت خط الفقر إلى 23,4% وفق بيانات البنك الدولي، وهي الأفضل مقارنة بجيرانها مثل غينيا التي تبلغ فيها تلك النسبة 43,70%. أما معدل الاستثمار فقد بلغ 24,55% من إجمالي الناتج المحلي، متفوقة بذلك على غيرها من دول المنطقة.
كما يراهن الرئيس أكوفو أدو على إدارته الجيدة لأزمة كورونا التي حظت بقبول من قبل المواطنين، فضلا عن التزامه بتنفيذ كثير من وعوده الانتخابية عام 2016 خاصة المتعلقة بالتعليم وتوصيل الكهرباء، وتعهد ببناء مطار جديد في المنطقة الوسطى من البلاد إذا فاز بولاية رئاسية ثانية.
في المقابل ركز ماهاما في حملته على الأشغال العامة التي تم إنجازها خلال فترة ولايته الرئاسية وتعهد بزيادة الإنفاق على البنية التحتية إذا أعيد انتخابه، فضلا عن توفير أجهزة كمبيوتر محمولة مجانية لطلاب الجامعات للنهوض بالتعليم الذي يشكل واحدا من أبرز القضايا التي تهم الناخبين. ولم يركز ماهاما على التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد لإدراكه بمسئوليته عن تراجع المؤشرات الاقتصادية خلال فترة حكمه، وسعى إلى جذب أصوات النساء والشباب وفي سبيل تحقيق ذلك اختار وزيرة التعليم السابقة جين نانا أوبوكو-إجيمانج لتشغل منصب نائب الرئيس في حاله فوزه بالرئاسة.
ورغم عدم وجود اختلاف كبير في البرنامج الانتخابي لكل من المرشحين الأساسيين، غير أن استطلاعات الرأي ترجح فوز الرئيس نانا أكوفو أدو بولاية رئاسية جديدة حيث أنه حقق إنجازات ملحوظة على صعيد المؤشرات الاقتصادية للبلاد، وهو الأمر الذي يحظى بأهمية أولية لدى المواطن الغاني خلال المرحلة الراهنة، ويعلي من أسهم أكوفو أدو على حساب ماهاما الذي يحمله كثيرون مسئولية تراجع الأوضاع الاقتصادية للبلاد خلال فترة ولايته.
المصدر : أ ش أ