توجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع اليوم لاختيار رئيس جديد، حيث يواجه الإصلاحيون خياراً صعباً بين المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، عقب إقصاء أبرز مرشحيهم.
ومنذ استبعاد مجلس صيانة الدستور المرشحين الرئيسيين الإصلاحيين والمعتدلين للرئاسة، أصبحت الشكوك تحوم حول مشاركة الجبهة الإصلاحية في الانتخابات الرئاسية هذا العام.
واستبعد مجلس صيانة الدستور علي لاريجاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ترأس مجلس الشورى (البرلمان) لمدة 12 عاماً، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وإسحق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.
وأقر المجلس أهلية مرشحين اثنين فقط محسوبين على الإصلاحيين من ضمن 7 مرشحين، هما المحافظ السابق للمصرف المركزي عبد الناصر همتي، ومحسن مهر علي زاده، لكن الأخير أعلن لاحقاً سحب ترشحه.
وعلى رغم من أن همتي الذي يخوض الانتخابات بصفة مستقل، لم يحصل على أكثر من 3% من التأييد في استطلاعات الرأي، التي يتصدرها ابراهيم رئيسي بنسبة 59%، يليه محسن رضائي بنسبة 6%، إلا أنه وجه دعوات للشعب الإيراني للمشاركة في الانتخابات.
ودعا في كلمة له أمام أنصاره لـ”عدم الاستماع إلى دعوات المقاطعة”، وشدد بالقول: “لا تصدقوا الأكاذيب القائلة إن نتيجة الانتخابات واضحة وأن الرئيس القادم محسوم سلفاً”.
مواقف همتي ليست الوحيدة في هذا التيار، إذ دعا الرئيس السابق محمد خاتمي والأب الروحي للتيار الإصلاحي، الشعب الإيراني إلى “تغيير قواعد اللعبة الانتخابية”، وهي جملة جرى تداولها على نطاق واسع في الدعاية الانتخابية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنت دعوة أنصاره إلى المشاركة في الانتخابات على أمل تحقيق مفاجأة في السباق، “ولأجل التصدي للمخططات التي رسمها البعض لصالح فوز مرشح بعينه مهما كان الثمن”، حسب قوله.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فدعا بدوره إلى ضرورة المشاركة الواسعة والمكثفة في الانتخابات الرئاسية، وأوضح أن المقاطعة لا تحل المشكلات التي تمر بها البلاد، وأضاف: “وإن لم يكن هنالك الشخص الذي نرغب بالتصويت له في قائمة المرشحين، بإمكاننا التصويت للمرشح الاكثر قرباً في الرؤية والأهداف”.
وبينما بقي عبد الناصر همتي، المرشح المقرب على الإصلاحيين، فإن أطراف هذا التيار فشلت في التوصل إلى إجماع لدعمه في الانتخابات.
وفي 26 مايو الماضي، أعلن “مجلس تنسيق جبهة الإصلاح”، الذي يقود الجبهة الإصلاحية في إيران، في بيان، أنه لن يدعم أي مرشح في الانتخابات الرئاسية بسبب الإقصاء واسع النطاق، الذي طال أبرز مرشحيه للرئاسة.
بالمقابل، أعلن حزب “كوادر البناء”، وهو حزب رئيسي في المعسكر الإصلاحي، دعمه لعبد الناصر همتي يوم 2 يونيو الجاري، ثم انضم إليه لاحقاً حزب “اعتماد ملي” في دعم همتي.
والثلاثاء الماضي، انعقد “مجلس تنسيق جبهة الإصلاح”، بدعوة من مهدي كروبي، زعيم حزب “اعتماد ملي”، لاتخاذ قرار موحد بشأن دعم همتي في الانتخابات. لكن همتي لم ينل ثقة غالبية المجلس، وحاز تأييد 23 صوتاً من أصل 46 صوت، فيما كان يحتاج ثلثيْ الأصوات لدعمه (31 صوتًا)، وفقاً لما ذكرت “إيران إنترناشيونال”.
وبدا همتي غير متأثر برفض الإصلاحيين دعم ترشحه، وقال في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إنه يحظى بدعم شخصيات بارزة وأحزاب في التيار الإصلاحي، مؤكداً أنه مرشح “مستقل” في السباق الرئاسي.
وبعد فشل الإجماع في جبهة الإصلاح على دعم همتي، أعلن حزب “اعتماد ملي”، انضمامه إلى حزب “كوادر البناء”، فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وشكلا ائتلافاً مصغراً لرفع حظوظ همتي.
وما زال هناك شك في قدرة الإصلاحيين على تبني موقف موحد بشأن دعم همتي في مراكز الاقتراع الجمعة، في وقت يعتقد غالبية المؤيدين لمقاطعة الانتخابات، أن النتيجة محسومة سلفاً.
ويرى مؤيدو المقاطعة أن استبعاد أبرز المرشحين الإصلاحيين كان جزءاً من عملية التزوير، حتى يمهد المتشددون الطريق لفوز مرشحهم المفضل، إبراهيم رئيسي.
وأعلن وزير الداخلية الإيراني رحماني فضلي أن ثمة 59 مليون ناخب في البلاد، مرجّحاً أن تبلغ نسبة التصويت نحو 47%، علماً أن استطلاعات رسمية للرأي توقّعت ألا تتجاوز نسبة المشاركة 42%، ستكون قياسية من حيث تدنّيها، في مقابل 73% في انتخابات الرئاسة عام 2017.
وشهدت آخر عملية اقتراع في إيران، هي الانتخابات النيابية في عام 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57%.
وأقر وزير الداخلية بـ”عدم وجود منافسة جدية في الانتخابات.. مع مراعاة ممارسات مجلس صيانة الدستور”، مشيراً إلى سبب آخر، هو فيروس كورونا، واستدرك قائلاً: “حقق شعبنا دائماً مفاجآت كبرى، وكان دائم الحضور” في المناسبات الكبرى.
كما دعا المرشد علي خامنئي الإيرانيين إلى الاقتراع بكثافة، معتبراً أن “وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية تبذل جهدها لجعل الإقبال على صناديق الاقتراع باهتاً”.
ورأى روحاني أنه “لا أداة قوة تعزّز قدرات البلاد، مثل حضور الناس.. (الذي) يقوّي النظام بالمعنى الحقيقي للكلمة”.
وينطلق التصويت الجمعة في الساعة السابعة بتوقيت طهران، وحسب وزارة الداخلية وهي الجهة المنظمة للانتخابات تم تخصيص 66 ألفاً و800 مركز اقتراع لانتخابات الرئاسة، و75 ألفاً و15 مركز لانتخابات المجالس المحلية، وبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت قرابة 59 مليوناً و300 ألف إيراني.
المصدر: وكالات