بعد عقود من الجهود الفاشلة لاستعادة لوحات رخامية أثرية تعود لأكثر من 2400 سنة، تبحث اليونان خططا جديدة لحمل بريطانيا على رد تلك الآثار المعروضة بالمتحف الملكي البريطاني وسط لندن، مستعينة في ذلك بخبراء قانونيين دوليين ووساطة من منظمة اليونيسكو.
وتوجد المحامية اللبنانية الأصل البريطانية النشأة أمل علم الدين التي تزوجت الشهر الماضي من نجم هوليوود الشهير جورج كلوني في العاصمة اليونانية أثينا رفقة اثنين من زملائها من مكتب المحاماة اللندني دوتي ستريت شامبر، من بينهما جيوفري روبيرتسون مدير المكتب لهذا الغرض.
ويقدم المكتب اللندني الاستشارة القانونية للحكومة اليونانية لاستعادة المنحوتات الرخامية القديمة من بريطانيا.
وقال وزير الثقافة اليوناني كوستاس تاسولاس عقب لقائه مع المكتب ان استعادة قطع المنحوتات ليس فقط هدفا يونانيا بل دوليا لأن الأمر يتعلق بإرث إنساني. وأضاف أن إعادة تجميع تلك المنحوتات يكتسي أهمية بالغة، وعلينا بكل جدية واقتناع وتفاؤل الوصول الى هدفنا ليس فقط باسم اليونان لكن باسم الإرث الثقافي العالمي.
وقال الوزير إنه ناقش مع المكتب اللندني مختلف الأوجه القانونية للخلاف مع بريطانيا، وستقوم اليونان في نهاية المطاف لوحدها بالتقرير بشأن استراتيجيتها النهائية لاسترجاع المنحوتات.
والتماثيل الرخامية محل النزاع بين اليونان وبريطانيا هي مجموعة من المنحوتات اليونانية القديمة التي تقول اليونان إنها اقتلعت بطريقة غير شرعية من معبد الأكروبول وسط أثينا وأرسلت الى لندن في العام 1803 من قبل اللورد إيلجين، وهو دبلوماسي وأرستقراطي بريطاني.
وكانت إبانها اليونان تحت الاحتلال العثماني. يذكر أن تلك المنحوتات الرخامية التي توجد أجزاء منها يرجح أنها تمثل النصف بالمتحف البريطاني، يبلغ علوها متر واحد وطولها 160 مترا. وهي لوحات كانت مثبتة بجدران إحدى غرف معبد الأكربول وسط أثينا، وتجسد منحوتاتها 378 وجها بشريا و245 حيوانا أنجزت في ما يعتقد أنها الفترة ما بين 442 و 438 قبل الميلاد من طرف عدد من الفنانين تحت إشراف الفنان الإغريقي فيدياس. وسعت اليونان إلى استعادتها من المتحف البريطاني لعقود عديدة دون جدوى.
ورغم مطالبتها بعودة تلك المنحوتات، لم تقم اليونان برفع أية دعوى أمام المحاكم معتمدة فقط على الوساطات والحملات في أوساط الرأي العام ودعم منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونيسكو).
ففي العام 1983 أطلقت الممثلة ووزيرة الثقافة اليونانية ميلينا ميركوري حملة دولية لاسترجاع اللوحات ساهمت فيها وسائل الإعلام بشكل كبير.
وخلال اجتماع أخير في باريس مطلع أكتوبر الجاري صادقت اليونيسكو بالاجماع على توصية تدعو بريطانيا للمشاركة في مسلسل الوساطة الذي تطالب به اليونان منذ صيف 2013 بشأن تسوية ملف المنحوتات.
لكن القائمين على المتحف البريطاني يصرون على أن المنحوتات تعود إلى المتحف من الناحية القانونية. والمقترح الوحيد الذي تقدمت به بريطانيا سنة 2009 هو إمكانية إعارة التحف لليونان لفترة محددة لعرضها في متحف الاكربول والذي افتتح في العام 2007 قبالة المعبد التاريخي الذي يتربع على تلة وسط العاصمة اليونانية.
وفي وقت سابق اليوم، التقى رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس سامارانس بمكتب الاستشارات اللندني وبحث معه الاوجه القانونية والطرق الممكنة دوليا لحمل بريطانيا على رد التحف.
وفي لقاء مع الصحافة عقب اللقاء قالت أمل علم الدين كلوني عضو الوفد، إنه على بريطانيا رد التحف الى موطنها، مضيفة من المؤسف اليوم وبعد مائتي سنة من مغادرتها مكانها الاصلي ألا يتم تجميع واحدة من أجمل وأقدم التحف الفنية في العالم.
وأضافت أمل كلوني أن الحكومة اليونانية لديها كامل الشرعية في المطالبة باسترجاع التحف وقضيتها عادلة وعلى المتحف الملكي البريطاني الإقرار بذلك وإحقاق الحق الذي اغتصب لسنوات.
وقفز اسم أمل علم الدين الى عالم الشهرة والاضواء قبل أشهر بعد خبر ارتباطها بالممثل العالمي جورج كلوني. وكان كلوني نفسه قد عبر عن موقف مدعم للحكومة اليونانية في استرجاع تلك التحف خلال الشهر الماضي.
وتعي السلطات اليونانية بشكل جيد أهمية مثل هذه المواقف في حشد الدعم العالمي وبالخصوص لدى الراي العام في حملتها هاته، ولعل ذلك ما جعلها تخصص استقبالا مميزا لأمل كلوني وتفرد لها وسائل الإعلام المحلية الحيز الأكبر من تعاليقها واهتماماتها.
يذكر أن علم الدين كلوني اللبنانية الأصل البريطانية المولد سبق وأن مثلت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة وليا تيموشينكو في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، وقدمت استشارات للمبعوث الاممي السابق لسوريا والامين العام الأممي السابق كوفي عنان بشأن الصراع في سوريا، كما مثلت مؤسسة ويكيليكس لجوليان أوسانج