تتوالى تحذيرات دولية من شبح مجاعة غير مسبوقة في منطقة القرن الإفريقي، قد تعبر البحر الأحمر إلى اليمن، نتيجة جفاف الأنهار وظاهرة “النينو” التي تمنع سقوط الأمطار.
وأوضح خبير في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، أن الصومال تضربه موجة جفاف لم يشهدها في التاريخ، وتصيب دولا مجاورة، والأزمة مرشحة لمستوى مخيف مع تراجع المساعدات الدولية.
وحذر متحدث مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا”، من مجاعة في الصومال، بين شهري أكتوبر الجاري وديسمبر المقبل، خاصة في مقاطعتي “بيدوا” و”وبوركابا”.
وأرجع ذلك إلى أن موسم الأمطار سيكون أقل من المتوسط لعدم هطول الأمطار على مدى 5 مواسم متتالية، حيث يعاني الصومال من جفاف لم يشهده في تاريخه.
ودعا المسؤول الأممي إلى توفير 2.26 مليار دولار لتمويل الاستجابة مقارنة بـ1.46 مليار مطلع العام، موضحا أن “أوتشا” تلقت 45 في المئة فقط من نداء التمويل بشأن تداعيات الجفاف الذي تضرر منه 7.8 ملايين شخص.
الدكتور نادر نور الدين، الخبير الاستراتيجي بالجمعية العمومية لمنظمة “الفاو”، يرجع أزمة الجفاف الحاد إلى سببين، الأول هو اعتماد الصومال على نهري أشبيلية وجوبا اللذين ينبعان من إثيوبيا ويصبان في الصومال، لكن هذا العام توقفت تدفقاتهما، رغم أن هذا هو موسم الفيضان الذي يبدأ في يوليو وأغسطس مثل نهر النيل.
ووقف التدفق نتيجة الجفاف الذي ضرب جنوب إثيوبيا، أثر أيضا على بقية دول القرن الإفريقي بكامله في جيبوتي والصومال وشمال كينيا، وفق نور الدين.
السبب الآخر لأزمة جفاف الصومال، هو تغيرات المناخ التي ضربت القرن الإفريقي بظاهرة “النينو”، وهي ظاهرة التيارات البحرية الدفيئة، والتي تؤدي لجفاف الجو وامتصاص الرطوبة، ما يمنع تساقط الأمطار في مواسمها.
منطقة القرن الإفريقي اعتادت سقوط الأمطار صيفا، لكن هذه الأمطار تراجعت بشدة في الصومال وجنوب إثيوبيا.
ويخشى نور الدين من تكرار محنة المجاعة التي ضربت المنطقة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وحصدت أرواح 17 مليون شخص في السودان وكينيا وجيبوتي، وإن كان ما تسببت في حدة الأزمة لهذه الدرجة حينذاك هو أن الجفاف صاحبه القحط، وهو أصعب من الجفاف، لأنه يعني انعدام موارد المياه، سواء الأمطار أو تدفق الأنهار أو المياه الجوفية.
وهذه المرة، يتابع الخبير الأممي: “تزداد خطورة تكرار هذه المحنة بسبب تغيرات المناخ وجفاف النهرين اللذين يعدان مصدر الحياة للصومال”.
برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة، وحتى برنامج “الإيفاد” (الصندوق الدولي للتنمية الزراعية)، حذرت من مجاعة كبيرة في القرن الإفريقي كله، ومن المحتمل أن تشمل اليمن أيضا في الشهرين المقبلين إذا لم تسقط الأمطار، أو تبدأ الأنهار في التدفق؛ لأن إنتاج الغذاء سيتوقف لانعدام المياه، وفق نور الدين.
يلفت كذلك المسؤول الدولي إلى أن الأزمة قد تزداد نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية، وهو ما يجعل الدول المتبرعة تقلص المساعدات المنتظرة، كي توفر أموالا للتخفيف عن مواطنيها، والمنظمات التي تقدم المساعدات مثل البنك الدولي والفاو والإيغاد تعتمد في الأساس على التبرعات.
في هذا السياق، حذر متحدث منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة “يونيسيف”، جيمس الدر، من التحديات التي تواجه المنظمة في تمويل إنقاذ الأرواح ومنع المجاعة، حيث لم تتلق سوى 3 في المئة فقط من التمويل للنداء الخاص بمنطقة القرن الإفريقي، رغم أن الأطفال معرضون للوفاة على نطاق لم يحدث منذ نصف قرن.
المصدر: وكالات