كتب أحمد نجيب
سنوات عشرة مرت منذ أن زرت سلطنة عمان خلال تغطيتى الأولى لانتخابات مجلس الشورى .. خلال تلك السنوات كنت أتابع من حين لآخر تطورات المجتمع العمانى الشقيق من خلال مسارات الأحداث التى مرت بمصر فى وقت عصيب من التاريخ كان للسلطنة فيها بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد مواقف داعمة ومساندة للشعب المصرى توجت بالزيارة التاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسى الى مسقط فى فبراير 2018 .
عمان الممتدة فى التاريخ الى آلاف السنين لها طابع انسانى وحضارى وتراثى خاص..تتلمسه فى أبناء السلطنة الذين تعرفهم من زيهم الوطنى التقليدى وسرعان ما تأسرك طباعهم الهادئة وأخلاقهم العالية.
كل هذه الانطباعات ظلت تلازمنى وأنا فى طريقى الى السلطنة عبر الخطوط الجوية العمانية مستحضرا تفاصيل رحلتى الأولى فى وجوه أبناء السلطنة المرافقين على متن الرحلة.
بكرم الضيافة والود يحمل الشعب العمانى للمصريين مشاعر خاصة أصلتها العلاقات التاريخية المتجذرة منذ الملكة حتشبسوت التى أرسلت بعثاتها التجارية لاستجلاب اللُبان العمانى ذى الشهرة العالمية.
وبمرور الزمن صاغ الشعبان الشقيقان وشائج الود والمحبة عبر البعثات التعليمية لأبناء السلطنة فى مصر ومن خلال أبناء مصر الذين يعملون فى عدد من المجالات من أبرزها التعليم وعدد من القطاعات الاخرى التى لعبت دورا فى نهضة هذا المجتمع الأصيل بحضارته.. المعاصر بخططه التنموية.
أربع ساعات زمن الرحلة من القاهرة الى مسقط..تستقر الطائرة فى مطار مسقط الدولى الجديد الذى يعد تحفة معمارية عالمية وتبلغ طاقته الاستعيابية 12 مليون سائح سنويا.
هذه الأرقام لا تمر على هكذا..فالسلطنة تسعى الى تنويع اقتصادها خاصة بعد الهزات التى تعرضت لها أسواق النفط العالمية..ووفقا للاحصاءات الرسمية فان الاقتصاد غير النفطى حاليا يشكل ثلثى الناتج المحلى العمانى .. وهنا تلعب السياحة دورا مهما فى هذه المعادلة عبر استغلال ثروات السلطنة وكنوزها التاريخية ومواقعها السياحية الساحرة خاصة فى صلالة التى يصفونها بأنها قطعة من الجنة وأيضا عبر تطوير البنية التحتية والبشرية للمجتمع العمانى.
البنية التحتية..كلمة السر التى لفتت انتباهى فى حديثى من المطار الى مقر اقامتى مع مرافقى سعيد..ذلك الشاب العمانى..الذى تعلم فى منظومة تعليمية عمانية تسعى لبناء الانسان مستندا على قيمه الأصيلة ومواكبا لآخر تطورات العولمة.
أخبرنى سعيد أن موازنة السلطنة للعام 2019 بلغ اجمالى الانفاق العام فيها حوالى 12.9 مليار ريال عمانى اى ما يعادل 33.5 مليار دولار ارتفاعا من 12.5 مليار ريال العام الماضى مع توقعات بأن تكون نسبة النمو ثلاثة فى المائة.
قاطعت سعيد وهو يسترسل بعد ان لفت انتباهى مسجد على طراز معمارى متميز.. وكأن سعيد التقط السؤال من خاطرى وأجاب انه جامع السلطان قابوس الأكبر.
مرت السيارة مسرعة ووصلت بنا الى مقر الاقامة..استعدادا لجولتى لتغطية انتخابات أعضاء مجلس الشورى العمانى فى فترته التاسعة..وسألت سعيد..متى نبدأ العمل..فرد على بلكنة مصرية وبخفة دم مصرية ..الصباح رباح يا أستاذ..