كتب أحمد نجيب
الرطوبة 63%..نسبة جعلت حركتى تحت الشمس فى مسقط لعشرات الأمتار أشبه بعداء انتهى لتوه من سباق طويل مجهد.
كان توقعى البديهى أن تؤثر هذه الظروف على مشاركة العمانيين فى انتخابات الشورى للفترة التاسعة .. لكن المشهد كان ملفتاً .. مراكز التصويت الخاصة بالرجال والنساء على السواء امتدت فيها طوابير الناخبين .
هذه المشاهدة أثارت فى نفسى عدداً من التساؤلات حول طبيعة هذا المجتمع الخليجى الذى يتمتع بمستوى معيشى مرتفع .. وبخدمات على مستويات لائقة.
فبحسب تقرير صادر فى 2019عن مجلس الدولة العمانى يتمتع العمانيون بأعلى نمو في الأجور بين الدول العربية على مدى السنوات العشر الفائتة.
هذه المعطيات قد تقود الى تساؤل ساذج .. عن مدى حاجة هؤلاء القوم لتحمل الزحام والظروف الجوية الصعبة للمشاركة فى الانتخابات ؟
لكن الاستبصار سيقود الى إجابة كاشفة مبينة..إنها عمان التى لا تقاوم..
نعم .. عمان التى لا تقاوم حركة التغيير وما تقود إليه من تطور
هذا التغيير الذى تلمسه فى كل ركن من السلطنة فى البنية التحتية تستطيع أن تلمسه فى هذا الشعب .. التغيير المبنى على الثقة المتبادلة .. ثقة القائد فى تحضر شعبه وتعلمه واستيعابه لكل مستجدات العصر
وثقة الشعب فى نظامه السياسي الممتد عمقاً بأركان الدولة العمانية فى التاريخ..
هذه الثقة المتبادلة .. شكلت ورسمت تفاصيل وملامح مشاركة العمانين فى انتخابات الشورى .. حيث قدمت السلطنة نموذجاً جديداً مبهراً فى محيطها الإقليمى بتنظيمها لهذا الحدث بتكنولوجيا محلية.
نعم يا عزيزى فعبر تطبيق إليكترونى صمم مائة فى المائة بأيدٍ عمانية أجريت الانتخابات فى الخارج والداخل بشكل كامل اليكترونياً.
هذه التطور المهم لا يعكس القشرة الخارجية لنقل التكنولوجيا أو توطينها بل النظرة العميقة تفصح عن قدرة هذا الشعب على استيعاب التغيير وتطويعه لصالح مكتسباته السياسية بما يضمن دقة النتائج وشفافيتها.
لن أنسى أبدا كلمات فتاة فى العشرينات من العمر فى إحدى اللجان عندما قالت لى إننا الشباب من يقود التغيير والتغيير يبدأ بأن ننزل ونشارك حتى نضمن تحقيق آمالنا فى بناء هذا الوطن الغالى.
حينئذ فهمت جيدا معنى أن تعيش فى أمة لا تقاوم .. التغيير.