يعتبر اللاجئون الفارون من مناطق الحروب، أو الاضطهاد، أو الفقر والبطالة هم أقل أشخاص يتم الترحيب بهم في العالم. وتشير الكثير من أصابع الاتهام إلى تحمل الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن الملايين الذين تركوا أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا ودونباس وغيرها من الأماكن الأخرى باحثين عن ملاذات آمنة في أوروبا أو في الدول المجاورة لهم.
نشرت المجر الآلاف من رجال الشرطة على حدودها مع صربيا. وبحسب رئيس الوزراء فيكتور أوربان، فإنها “تتعرض لهجوم من قبل المهاجرين العدوانيين بشكل متزايد“. وحتى الآن، وصل ما يقرب من 130000 مهاجر، وهو ثلاثة أضعاف العدد في العام 2014.
وقد وصل أكثر من 160000 مهاجر إلى اليونان، منهم حوالي 50000 مهاجر وصلوا في الشهر الماضي فقط. ولم يكن هناك أحد بانتظارهم لتحيتهم. كما أن الظروف التي يعيشون بها يرثى لها. حيث تنام الأسر في الهواء الطلق بسبب حالة الاكتظاظ. كما أن نظام الصرف الصحي غير متوفر، بالإضافة إلى قلة الرعاية الطبية، والطعام المغذي غير متاح. ويتم إعطاء الأطفال الرضع ماء بسكر بدلًا من الحليب.
وقال تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه قد تم إجبار 60 مليون شخص على الهجرة بحلول نهاية العام 2014. وعلى الصعيد العالمي، هناك شخص من بين كل 122 شخصًا يقع في تعداد الباحثين عن اللجوء، أو من اللاجئيين، أو من الأفراد المشردين داخليًا. وأكثر من نصف عدد اللاجئين في العالم هم من الأطفال.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن مركز استقبال مقاطعة دوديكانيسيا بالجزر اليونانية على وشك الانهيار. حيث ينام آلاف المهاجرين في الخارج أو في مبان مهجورة بسبب قلة أماكن الإقامة. وليس لديهم ما يكفي من الطعام أو المياه الصالحة للشرب أو الرعاية الطبية وخدمات الصرف الصحي الأساسية.
وفي جزيرة كوس، ينام المئات على الأرض “وسط الركام والزجاج المتكسر في مبنى متهدم ومكتظ بالمهاجرين” وتبذل فرق منظمة أطباء بلا حدود قصارى جهدهم من أجل “تطويع الظروف المرتبطة بظروف المعيشة غير الصحية، بما في ذلك الأمراض والالتهابات الجلدية“.
كما أن المساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل ملح ليست متاحة بالكميات اللازمة. وقد علق ستاتيس كيروسيس رئيس عمليات منظمة أطباء بلا حدود قائلًا إن هذا الوضع يعتبر “انتهاكًا لالتزامات اليونان والاتحاد الأوروبي تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين“.
ونظرًا لاقتصاد أثينا المتعثر، فإنها لا يمنكها التعامل مع تلك الأزمة بمفردها. وهناك حاجة ماسة للمساعدة من قبل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وقال منسق الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود بجزيرة لسبوس اليونانية إن “ترك الناس ليتصرفوا بأنفسهم في حقل ممتلئ بالنفايات أو في مبنى مهجور حيث يوجد بالكاد مياه أو مراحيض هو أمر غير مقبول ببساطة، ويعرض صحة هؤلاء الناس للخطر“. ويحتاج العدد المتزايد من آلاف المهاجرين إلى مأوى ومراحيض وتوزيع للغذاء والحصول على رعاية طبية، وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي لا يحصلون عليها.
وعلى الرغم من النداءات العاجلة للمساعدة، لم يكن هناك تحسن في الوضع أو حدث تحسن ضئيل للغاية. ويعتمد المهاجرون على أنفسهم بشكل متزايد للبقاء على قيد الحياة. ويموت الآلاف منهم في البحر من الغرق أو من الجوع والعطش أو بسبب ظروف الطقس وهم في طريقهم إلى ملاذات آمنة. وعندما يصل من يصل منهم لا يجد تلك الملاذات الآمنة.
وقال تقرير لمنظمة العفو الدولية إن “المهاجرين المتجهين نحو أوروبا يواجهون الإساءة والابتزاز في منطقة البلقان على أيدي السلطات والعصابات الإجرامية“. وقد تم التخلي عنهم من قبل صناع القرار بالاتحاد الأوروبي، تاركين إياهم “محاصرين بدون حماية من قبل صربيا ومقدونيا“، وعندما يصلون تنتظرهم ظروف معيشية يرثى لها. ويقول جوري فان، نائب مدير منظمة العفو الدولية في أوروبا وآسيا الوسطى، “يقوم اللاجئون الفارون من الحرب والاضطهاد بهذه الرحلة عبر دول البلقان على أمل أن يجدوا الأمان في أوروبا، فيجدوا أنفسهم ضحايا للانتهاكات والاستغلال وتحت رحمة نظم اللجوء الفاشلة. وأصبحت صربيا ومقدونيا بالوعة للتدفق المتزايد من اللاجئين والمهاجرين الذين لا يرغب أحد في الاتحاد الأوروبي في استقبالهم“.
وكلا البلدين “يجب أن يبذلا المزيد من الجهود لاحترام حقوق المهاجرين واللاجئين. ولكن من المستحيل أن نفصل بين انتهاكات حقوق الإنسان هناك عن الضغوط الأوسع المتعلقة بتدفق المهاجرين واللاجئين من وإلى الاتحاد الأوروبي، ونظام الهجرة الفاشل في الاتحاد الأوروبي. وقد أصبح هناك عدد متزايد من اللاجئين المستضعفين والباحثين عن اللجوء والمهاجرين محاصرين في الأراضي الحدودية لإقليم البلقان، وتتصاعد الضغوط على صربيا ومقدونيا. وهذه الضغوط المشابهة لضغوط إيطاليا واليونان يمكن حلها فقط من خلال إعادة النظر بشكل أوسع في سياسات الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي“.
ويأتي المهاجرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا عن طريق البحر إلى اليونان ثم يسافرون برًا إلى مقدونيا وصربيا والمجر ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى. ويحتملون ظروف كابوسية طوال طريقهم وبعد وصولهم، بما في ذلك تعرضهم للضرب، والابتزاز المالي، وغيرها من الانتهاكات.
وقد ناقشت مقالة سابقة معاملة مراكز بريطانيا المروعة للاجئين وطالبي اللجوء. فقد تم إيداعهم السجون إلى أجل غير مسمى مثل المجرمين، مع عدم رعاية حقهم في الرعاية والاستئناف. إنهم يتحملون التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. والظروف سيئة للغاية، حيث يحاول بعض المهاجرين الانتحار. ويتم اعتقال بعضهم في السجون لمدة طويلة، والبعض الآخر يستسلم في يأس.
وقد ناقشت مقالة أخرى منفصلة أزمة اللاجئين السوريين وهي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، حيث نزح ما يقرب من نصف سكان البلاد سواء نزوحًا في الداخل أو إلى الخارج هربًا من حرب أوباما على مخيمات اللاجئين، ويعيشون على الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن عدد المهاجرين الذين دخلوا دول الاتحاد ارتفع بشكل غير مسبوق.
وقالت وكالة مراقبة الحدود الأوروبية “فرونتكس” إن أكثر من 107 ألف شخص وصلوا أوروبا خلال شهر يوليو الماضي.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد طلبات الهجرة لألمانيا بشكل مطرد خلال الأشهر القليلة المقبلة.
واستقبلت ألمانيا موجات من المهاجرين من سوريا والبلقان ومن المنتظر أن تستقبل نحو 750 ألف مهاجر خلال العام الجاري.
ويعاني الاتحاد الاوروبي لمواجهة ظاهرة تزايد أعداد المهاجرين خلال الاشهر القليلة الماضية وهو ما دفع بريطانيا وفرنسا لتوقيع اتفاق لمواجهة تدفق المهاجرين غير القانونيين الراغبين في التوجه لبريطانيا من ميناء كاليه الفرنسي.
ويعتقد أن ألاف المهاجرين غير القانونيين قد نجحوا في دخول بريطانيا خلال الأشهر الماضية عبر نفق القنال الذي يربط بين بريطانيا وفرنسا.
ونقلت تقارير إخبارية مشاهد لآلاف المهاجرين يقيمون في مخيمات في كاليه شمالي فرنسا ويتحينون الفرص لعبور النفق نحو بريطانيا.
وينتظر ان يوقع وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازينوف ونظيرته البريطانية تريزا ماي الاتفاق بين البلدين الخميس المقبل.
وتعمل الاتفاقية على ربط الاجهزة الامنية في البلدين والتنسيق بينها لمواجهة موجات المهاجرين غير القانونيين القادمين نحو بريطانيا.
وتعهدت بريطانيا بتوفير مبلغ 10 ملايين يورو للمساهمة في صندوق يعنى بتوفير الأموال للإنفاق على تأمين ميناء كاليه الفرنسي.
وقالت وكالة “فرونتيكس”، ومقرها وارسو، إن عدد المهاجرين تعدى حاجز المائة ألف خلال شهر واحد لأول مرة منذ بدأت تسجيل أعداد المهاجرين عام 2008.
وتقول الأمم المتحدة إن 124 ألف شخص على الأقل وصلوا السواحل اليونانية في الشهور السبعة الأولى من العام الجاري، وهو ما يفوق بسبعة أمثال العدد نفسه خلال ذات الفترة من عام 2014.
ويعتبر أغلب المهاجرين الذين وصلوا مؤخرا إلى أوروبا لاجئين يفرون من الحروب في سوريا والعراق وأفغانستان، وبعض دول أفريقيا حسبما تقول الأمم المتحدة.
من جانبه قال انطونيو غوتيريز مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق اللاجئين إنه على اوروبا جميعا أن تتقاسم أعباء المهاجرين.
ويزداد اللاجئون وطالبو اللجوء غير المرغوب فيهم على نحو متزايد، خاصة وأن أعدادهم تزيد بشكل مضاعف قادمين من الدول التي مزقتها الحروب المدمرة للولايات المتحدة وغيرها من الدول التي يلقون فيها سوء المعاملة. ونهاية كابوسهم المؤلم لا نهاية له في الأفق.
المصدر: وكالات