أصدرت الدائرة الأولى بهيئة مفوضى الدولة بمجلس الدولة، تقريرًا أوصت فيه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بنظر دعوى تطالب بوقف محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وذلك قبل ساعات من صدور الحكم النهائى عليه وعلى رموز حكمه غدًا السبت.
طالبت الدعوى، بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بإيقاف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في قتل جرائم قتل المتظاهرين وتصدير الغاز بأسعار زهيدة وتقاضي رشاوٍ من حسين سالم لحين قيام السلطة التشريعية بإصدار تشريعات وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة يمكن من خلالها تهيئة ظروف يمكن في ظلها أن تسود العدالة.
جاء تقرير مفوض الدولة، في الدعوى رقم 54451 لسنة 67 قضائية المُقامة من أيمن زكريا حسن ضـد رئيس الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ورئيس محكمة جنايات قصر النيل، ووزير العدل، ورئيس مجلس الشورى، رئيس الجمهورية بصفتهم.
وذكرت الدعوى، أنه قد ثبت من خلال الأحكام القضائية أنه من الصعوبة محاسبة رموز النظام السابق على جرائم قتل الثوار وجرائم الفساد السياسي على أساس القانون المصري بوضعه الحالي باعتبار أن هذه الجرائم جديدة ولم يتم تنظيمها كما أنها ليست جرائم قتل عادية وإنما هي جرائم سلطة ونفوذ وتعرف بجرائم ضد الإنسانية ، كما أن هناك الكثير من النصوص الإجرائية لا تتناسب مع الحالة الثورية التي تمر بها البلاد، وهذا يضع القضاء المصري في مواجهة مع الشعب ويقوض ثقة الناس فيه.
أشار التقرير الذى أعده المستشار وائل فرحات عبد العظيم، مقرر الدائرة، بإشراف مفوض الدولة ورئيس الدائرة المستشار تامر يوسف طه عامر، نائب رئيس مجلس الدولة، إلى أن المدعي يهدف بطلبه الماثل إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن وقف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في اتهامات قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل،وكانت هذه الاتهامات محل قضايا لا تزال منظورة أمام القضاء الجنائي، وكانت المحكمة الجنائية هي التي تختص بالفصل فى جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها،باعتبار أن هذه المسائل تعد من الأعمال القضائية التي تصدر عنها في ضوء ولايتها القضائية على النزاعات محل القضايا المنظورة أمامها والتي تنحسر ولاية محاكم مجلس الدولة عن التعرض لها.
وأضاف التقرير أنه يكون استنهاض ولايتها فى هذا الشأن تدخلاً فى الوظيفة القضائية لجهات القضاء العادي وهو ما ينأى عنه مجلس الدولة، الأمر الذي يتعين معه التقرير بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، موضحا أنه من حيث إن المدعي لم يحدد قضايا معينة منظورة أمام محكمة معينة حتى يمكن الإحالة إليها، ومن ثم فإن الهيئة اكتفت بالحكم بعدم الاختصاص دون إحالة الدعوى.
وأكد التقرير، أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى المختص بنظر المنازعات الإدارية على مختلف أشكالها وتعدد صورها لكى لا يكون هناك جنوح عن مبدأ المشروعية أو مروق عن سيادة القانون تحقيقاً للغاية التى استلزمها المشرع الدستورى من كفالة حق التقاضي، وإذا كان مجلس الدولة باعتباره قاضى المشروعية حريصا على اختصاصه دون إفراط أو تفريط فإنه لا يقل حرصا على ألا يتجاوز اختصاصاته المقررة دستوراً وقانوناً وذلك احتراما لصحيح حكم المشروعية ونزولا على اعتبارات سيادة القانون.
وأشار التقرير إلى أنه كان المستقر عليه أن العمل التشريعى المتعلق بإصدار القانونين واقتراحها يختلف تماما عن العمل الإدارى ، فالعمل التشريعي هو الذي يصدر عن السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو الجهة القائمة بمقتضى الدستور بشئون التشريع (كرئيس الجمهورية في حالة عدم قيام مجلس النواب) في شأن متعلق بعملية تشريع القوانين سواء اقتراحها أو مناقشتها أو إصدارها، وهو ما يختلف عن العمل الإداري الذي يصدر تطبيقاً وتنفيذا لهذه القوانين.
وأضاف أن هذا العمل هو الذي يدخل فى اختصاص القضاء الإدارى بينما يخرج الأول عن دائرة هذا الاختصاص ولا يكون للقضاء الإدارى حق مراقبة مشروعية ذلك العمل التشريعى الذى يتم وفقا لآلية دستورية على النحو المشار إليه بالنصوص الدستورية سالفة البيان.
وقال التقرير، إنه تأسيساً على ما تقدم، ولما كان الطلب الماثل يتعلق بامتناع السلطة التشريعية عن إصدار تشريعات تحقق محاكمات ثورية وعاجلة لرموز النظام السابق وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة، ومن ثم فهى تتعلق بعمل تشريعى تتولاه الجهات المعنية وفقاً للآلية الدستورية المقررة ، وعليه يضحى النزاع الماثل خارجاً عن دائرة الاختصاص الولائى المقررة لهذه المحكمة لتعلقه بعمل تشريعى، وهو ما يتعين التقرير معه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الماثل دون إحالة باعتبار أن الإحالة تكون للمحكمة المختصة فقط.
ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص دون إحالة منه للخصومة، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات، ولهذه الأسباب، صدر التقرير بالحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
المصدر: الوكالات