قال عضو بوفد المعارضة السورية إن المحادثات المباشرة بين طرفي الصراع في سوريا تعثرت اليوم الأحد بشأن تخفيف حدة الأزمة الانسانية مما يعمق الشكوك بشأن المفاوضات السياسية الأشد تعقيدا والمقرر أن تأتي لاحقا.
وبحث طرفا الصراع السوري قضية المساعدات والإفراج عن السجناء في محادثات اليوم لبناء قدر من الثقة قبل المفاوضات السياسية الصعبة لكن لا توجد علامة على تقدم مبكر يسعى اليه الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي.
وقالت روسيا احدى رعاة المحادثات ان اي اتفاق بشأن تخفيف الازمة الانسانية التي أوجدتها الحرب الاهلية السورية سيساعد في تحسين الاجواء التي تجرى فيها محادثات جنيف لكنها اقرت بأن هناك استقطاب في المواقف والوضع لا يزال خطيرا للغاية.
وعقب أول محادثات مباشرة بين الحكومة والمعارضة يوم السبت التقى الطرفان مرة أخرى في حضور الابراهيمي صباح يوم الأحد كما عقدا جلسة ثانية في وقت لاحق.
ومما يؤكد الصعوبة الكبيرة التي تواجه حتى تنفيذ الاتفاقات على الأرض قالت وكالة تابعة للأمم المتحدة تحاول تسليم مساعدات لحي محاصر في دمشق ان مسؤولي نقاط تفتيش حكومية أعاقوا عملها برغم تأكيدات الحكومة انها ستسمح بعمليات التوزيع.
وفي جنيف قالت شخصيات من المعارضة انها قدمت قائمة تضم 47 الف معتقل تسعى للافراج عنهم بالاضافة الى 2500 امرأة وطفل تقول ان الافراج عنهم يمثل أولوية.
وقال منذر اقبيق العضو بوفد المعارضة ان الحكومة وعدت بالرد على طلب بدخول المساعدات لوسط مدينة حمص الذي تسيطر عليه المعارضة والذي تحاصره قوات الرئيس بشار الاسد منذ 18 شهرا حيث تقول المعارضة ان 500 أسرة في حاجة ماسة للطعام والدواء.
وأضاف ان الوفد الحكومي قال انه سيتعين عليه التشاور مع دمشق لاتخاذ القرار النهائي وانه سيعطي ردا في وقت لاحق يوم الأحد. ووصف ذلك بأنه أسلوب مماطلة وان وفد المعارضة لاحظ عدم الجدية من قبل وفد النظام.
غير ان الجانبين تنازعا حتى حول الحقائق الأساسية. فالتلفزيون السوري نقل عن مصدر حكومي قوله ان دمشق مستعدة للافراج عن أي معتقلين “لكن الائتلاف الذي يعرف بأنه المعارضة أحجم عن تقديم طلب.”
وعبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن أمله في ان تجرى المحادثات بطريقة عملية أكثر بعدما تبادل الجانبان الاتهامات الحادة خلال اليوم الافتتاحي للمؤتمر الاربعاء 22 يناير كانون الثاني.
ودعا في مقابلة مع تلفزيون إن.تي.في الى إحراز تقدم بشأن المساعدات وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وتبادل السجناء.
وقال في تعليقات نشرها موقع وزارة الخارجية على الانترنت “كل هذا سيعزز الثقة ويؤثر على أجواء المحادثات في جنيف. ومن الصعب للغاية توقع اكثر من ذلك ..فالموقف بالغ الخطورة وهناك استقطاب في المواقف والمشاعر ملتهبة.”
وتواجه الجهود الانسانية في سوريا عوائق جراء القتال ومن قبل مقاتلين من الجانبين الذين يحاولون كثيرا عرقلة تسليم المساعدات للمناطق التي يسيطر عليها خصومهم.
وشكت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من مشكلات في تسليم الطعام وغيره من المساعدات الاخرى لليرموك وهو حي في دمشق يسكنه سوريون وفلسطينيون فقراء برغم تأكيدات الحكومة.
وقال كريس جينس المتحدث باسم اونروا “الوكالة محبطة بشدة من ان التأكيدات التي قدمتها السلطات- في هذه المرحلة- لم تدعمها أفعال على الارض لتسهيل الدخول المنتظم والسريع لليرموك.”
وخصص الابراهيمي الذي عليه ايجاد ارضية مشترك بين طرفين متعارضين بشدة اول يومين من المحادثات للقضايا الانسانية على امل إيجاد أساس يمكن ان تبنى عليه المحادثات السياسية الاكثر صعوبة.
ويعتزم التصدي يوم الاثنين لما وصفه بالقضية الاساسية في المحادثات وهي تنفيذ اتفاق 2012 الذي دعا الى تشكيل هيئة حكم انتقالية بالتوافق. وتقول المعارضة ان ذلك يعني ان على الاسد الرحيل وهو طلب ترفضه المعارضة.
ووصف الابراهيمي محادثات يوم السبت بأنها بداية جيدة لكنه سلم انه لم يحرز تقدم يذكر ورفض الوفد الحكومي استراتيجيته لمناقشة قضايا معينة بدلا من الصراع برمته.
وقالت بثينة شعبان مستشارة الأسد – امام مقر الامم المتحدة في جنيف حيث يعقد الجانبان محادثات غير مباشرة وبجتمعان في نفس الغرفة على جانبي طاولة لكنهما يوجهان تعليقاتهما عن طريق الابراهيمي – إن الجانب الآخر جاء إلى المحادثات لمناقشة مشكلة صغيرة في حين حضر وفد الحكومة لبحث مستقبل سوريا.
وقالت للصحفيين ان الوفد الحكومي لم يأت الى جنيف لتخفيف معاناة محافظة هنا او هناك بل لاستعادة الامن للبلاد.
وتابعت ان الحكومة لن تعترض على اي قضية وانها مستعدة لمناقشة اتفاق جنيف 2012 لكن ذلك لا يعني ان كل ما جاء فيه مقدس.
واضافت شعبان ان البيان صدر قبل 18 شهرا في ظل ظروف بالغة الصعوبة واتهمت المعارضة ايضا بالتركيز فقط على مطالب نقل السلطة وتجاهل دعوتها لانهاء العنف.
وقالت للصحفيين ان جنيف ليس قرآنا او انجيلا وانه صدر في يونيو حزيران 2012 بينما الوضع على الأرض تغير الان لذلك يتعين ان تتغير المواقف وفقا لما يقتضيه الواقع.
ففي صيف 2012 سيطرت قوات المعارضة على أغلب مناطق حلب كبرى المدن السورية وكانت تمثل تحديا لقوات الاسد على اطراف دمشق. ومنذ ذلك الحين اوقفت قوات الاسد بدعم من مقاتلي حزب الله وقادة عسكريين ايرانيين تقدم المعارضة وعززت سيطرتها على وسط البلاد غير انه لا توجد علامة تذكر على استعادتها للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشرق.
وقال وزير الاعلام عمران الزعبي انه لا سبيل الى تخلي الاسد عن السلطة مضيفا ان من يعتقد ذلك فهو حالم.
وفي تعليقه على وصول المساعدات الانسانية الى حمص قال ان الحكومة السورية تعتبر كل المدن السورية متساوية ومهمة.
المصدر: رويترز