شهوة الدم عند الإرهاب الأسود لا تقف عند حد .. فكثيرا ما يبحث منفذو الهجمات الإرهابية إلى ما يسفر عن أعداد ضخمة من الضحايا ففي الأمس الأول كانت أحدث جرائمهم التي حصدت المئات من الرجال والأطفال في أول استهداف لمسجد في ربوع مصر خلف وراءه نساء قرية أرامل وثكلى.
ما حدث في مسجد الروضة ببئر العبد شمال سيناء يأتي في إطار المخطط الإجرامي الرامي إلى زعزعة أمن واستقرار مصر بعد نجاحها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وتنمويا خارجيا ومحليا ..استهداف يؤكد أن قوة مصر القادمة على الصعيدين الإقليمي والدولي تؤرق مضاجع الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة ولذلك يحاولون عرقلة تقدمها ومكانتها كقوة إقليمية عظمى.
وقد جهلت الدول المخططة أن مصر لن يوقفها أي عائق حتى لو تم استهداف أمنها مصر أمام مؤامرة كبرى وفى مواجهة مع تنظيم إرهابي دولي يتم تمويله من الخارج ، وتدعمه دول بعينها وتمده بالسلاح والدعم المالي واللوجستي وتوفير الملاذ الآمن.
هجوم مسجد الروضة جاء بنتائج عكسية لما وضعه مخططو خطة الهجوم ، حيث عمقت الشعور بتوحد الشعب مع الجيش والشرطة وضرورة دعمهما فكلاهما يقدم ملحمة تاريخية في الدفاع عن الوطن يدفع ثمنها كل يوم أبطال جدد ينالون الشهادة لينضموا إلى من سبقهم إلى هذا الشرف.
وكشف الهجوم الغطاء عن وجه قبيح يبيح لنفسه تكفير المسلمين ويجعلهم أهدافا تستحق القتل لكفرها ، فقد غدا واضحا أنهم يستهدفون مصر الوطن ، وهجماتهم الإرهابية الشرسة لن تثني المصريين عن عزيمتهم في استكمال المسيرة.
مواجهة الإرهاب معركة ، المواطن المصري هو البطل الحقيقي فيها وعليه تقع مسئولية مواجهة هذه الحرب خاصة وأن المصريين يقدرون نعمة الوطن ويعتبرونها نعمة لا تقل أهمية عن نعمة البصر أو السمع أو أي شكل من أشكال النعم الأخرى وهي نعمة يشعر بها ويقدرها من حرموا من أوطانهم بالهجرة أو النفي أو التهجير أو النزوح بسبب النزاعات المسلحة وويلات الحروب ، وهي نعمة تكمن في أمنه وآمانه ودفئة وقيمة يقدرها المصري منذ فجر التاريخ.
ونضال المصريين للحفاظ على أرضهم طويل لا ينتهي، فقد كافحوا من قبل ضد الحملة الفرنسية والاحتلال الانجليزي والاحتلال العثماني وحاربوا العدوان الثلاثي في ملحمة وطنية رائعة وحاربوا إسرائيل وأبوا التنازل عن شبر واحد من أرض مصر
حتى عودة طابا وحاربوا جماعة الإخوان الإرهابية التي حاولت اختطاف الوطن من أبنائه ، وحاربوا ومازالوا يحاربون ضد الإرهاب وفي ذات الوقت يناضلون من أجل التنمية وإقامة المشاريع القومية العملاقة للنهوض بالوطن.
فإن لم يكن الوطن نعمة حقيقية لما دافع عنه أبناؤه بكل غال ونفيس، والشعور بنعمة الوطن يعززه وجود جيش قوي يقف حصنا منيعا يحمى مصر من الإنزلاق كباقي الدول المجاورة التي انزلقت في هاوية الحروب النزاعات وتم تشريد أبنائها كاللاجئين في بلدان العالم .. فالدفء الذي تتمتع به مصر نعمة في حد ذاتها تفتقدها الكثير من الأوطان ، وقدرة مصر على احتضان كل ما بداخلها والعيش فيها في أمن وآمان دون الشعور بالغربة ، يجعل القلوب تهوي إليها من كل مكان فهي لم تكن دولة معتدية في يوم ولا دولة شر وإنما دولة خير تدعو للسلام حاضنة لكل شعوب الأرض حامية لأشقائها آمنة لأبنائها.
نجاح قضية الوطن ضد الإرهاب مرهون بقوة إيمان أبنائه ومساندته هيئاته والتضافر معها والانصهار في أهدافها واجتماع كلمة الأمة على مطلب واحد ، ولاجدال أن هذا الإجماع هو القوة الجارفة التي تصمد أمام الهجمات الإرهابية والمؤمرات الكبرى التي تحاك في الظلام وكذلك أمام العقبات والتحديات والصعاب.
ولاجدال أن الأمة إذا جمعت كلمتها على حقها في الحياة الحرة الكريمة وحزمت أمرها على الظفر بحقها في الحياة النبيلة فإنها لن تخسر في نضالها نصيرا أو وظهيرا لها بين الأمم التي جاهدت في سبيل استقلالها واستقلال قرارها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)