عزلت تركيا الآلاف من أفراد الشرطة يوم الاثنين في توسيع لعملية تطهير داخل القوات المسلحة والقضاء بعد محاولة انقلاب عسكري فاشلة مما أثار المخاوف بين حلفائها الأوروبيين من تخلي أنقرة عن سيادة القانون.
وقال مسؤول أمني كبير إن ثمانية آلاف شرطي من مناطق بينها العاصمة أنقرة واسطنبول أكبر مدينة تركية أقيلوا من مناصبهم للاشتباه في صلتهم بمحاولة الانقلاب التي نفذتها مجموعة في الجيش يوم الجمعة.
وذكرت قناة (سي.إن.إن ترك) أن 30 حاكما إقليميا وأكثر من 50 من كبار الموظفين أقيلوا أيضا.
واعتقل آلاف العسكريين من جنود وقادة يوم الأحد وعرضت صور لبعضهم وهم في ملابسهم الداخلية ومقيدو الأيدي في حافلات تابعة للشرطة وفي قاعة رياضية. وعزل الآلاف من ممثلي الادعاء والقضاة أيضا.
وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إن 208 أشخاص قتلوا في محاولة الانقلاب بينهم 60 من الشرطة وثلاثة عسكريين و145 مدنيا مشيرا إلى أن السلطات لديها وثائق تظهر من المسؤول عن محاولة الانقلاب.
وأضاف أن 7543 شخصا اعتقلوا بينهم 6038 عسكريا.
وقاد جنود دبابات وطائرات هليكوبتر ومقاتلات مساء يوم الجمعة في محاولة للاستيلاء على السلطة وهاجموا البرلمان ومقر المخابرات وحاولوا السيطرة على المطار الرئيسي وجسور في اسطنبول.
وقال الرئيس رجب طيب إردوغان يوم الأحد لحشود من أنصاره الذين دعتهم الحكومة والمساجد للنزول إلى الشوارع إن البرلمان يجب أن يبحث مطالب تنفيذ عقوبة الإعدام في مدبري محاولة الانقلاب.
وأضاف أمام حشد خارج منزله في اسطنبول في ساعة متأخرة مساء الأحد”لا يمكننا تجاهل هذا المطلب. في الدول الديمقراطية ما يقوله الشعب ينفذ.”
وطلب من الأتراك البقاء في الشوارع حتى يوم الجمعة واحتشد أنصاره حتى ساعة متأخرة مساء الأحد في الميادين والشوارع وأطلقوا أبواق السيارات ولوحوا بالأعلام.
وأصاب سفك الدماء البلاد بالصدمة. وكانت آخر مرة يستخدم فيها الجيش التركي القوة لشن انقلاب ناجح قبل أكثر من 30 سنة.
وهزت المحاولة الانقلابية الثقة الهشة في استقرار الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تتعرض أيضا لهجمات من تنظيم داعش كما تقاتل مسلحين أكراد.
وحذرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني الحكومة التركية يوم الاثنين من اتخاذ خطوات تضر بالنظام الدستوري.
وأضافت للصحفيين لدى وصولها لاجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد بحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري “كنا … خلال هذه الليلة المأساوية أول من قال إن المؤسسات الشرعية يجب أن تحترم.
“ونحن الذين نقول اليوم إن سيادة القانون يجب أن تحترم في البلاد… لا عذر لاتخاذ أي خطوة تبعد البلاد عن ذلك.”
وقال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس إن إعادة عقوبة الإعدام في تركيا ستكون غير مقبولة بعد أن ألغت البلاد العمل بها عام 2004. وكان إلغاء عقوبة الإعدام شرطا أساسيا لبدء محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
وقال حزب الشعوب الديمقراطي التركي الموالي للأكراد وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان إنه لن يدعم أي اقتراح تتقدم به الحكومة لإعادة عقوبة الإعدام. وذكر حزب الشعب الجمهوري المعارض أن الرد على محاولة الانقلاب يجب أن يكون في إطار سيادة القانون وأنه ينبغي تقديم المدبرين للعدالة.
قال مسؤول أمني كبير إن قوات الأمن التركية ما زالت تبحث عن بعض العسكريين المتورطين في محاولة الانقلاب بعدة مدن ومناطق ريفية لكنه استبعد وقوع محاولة جديدة للاستيلاء على السلطة.
وأضاف أن القيادة العسكرية التركية تلقت “ضربة ثقيلة من ناحية التنظيم” من خلال محاولة الانقلاب لكنها ما زالت تعمل بالتنسيق مع جهاز المخابرات والشرطة والحكومة.
وأشار إلى أن بعض المسؤولين العسكريين الكبار المتورطين في محاولة الانقلاب فروا إلى الخارج.
وألقى إردوغان باللوم في تدبير محاولة الانقلاب على فتح الله جولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة. ويتهم جولن منذ وقت طويل بالسعي لتأسيس “دولة موازية” داخل القضاء والشرطة والقوات المسلحة والإعلام.
وقال جولن إن محاولة الانقلاب ربما تكون ملفقة لتكون ذريعة يتخذها إردوغان للمضي قدما في تطهيره لأنصار كولن في مؤسسات الدولة.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي يوهانز هان الذي يختص بسعي تركيا للحصول على العضوية إن الاعتقالات السريعة للقضاة وغيرهم تشير إلى أن الحكومة أعدت قائمة مسبقا.
وأضاف “أنا قلق للغاية. هذا هو بالضبط ما كنا نخشاه.”
وأقر مسؤول تركي بأن أتباع جولن في القوات المسلحة يخضعون للتحقيق منذ بعض الوقت لكنه نفى إعداد قائمة اعتقالات مسبقا.
وقال “في تقديرنا أن هذه المجموعة تصرفت بدافع طارئ عندما أدركت أنها تحت التحقيق. هناك قائمة بمن يشتبه بأنهم يتآمرون لشن انقلاب.
“لا توجد قائمة اعتقالات. هناك قائمة بأشخاص يشتبه بأنهم يدبرون لانقلاب.”
المصدر : رويترز