لم تحظ المرأة المصرية بحقوق وامتيازات في أي حقبة زمنية، مثلما تحظى به حاليا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي جعلها شريكا حقيقيا للرجل في غالبية المواقع والمناصب الهامة في الدولة، هذا إلى جانب اهتمامه الخاص بالمرأة المعيلة التي تخوض معركة الحياة بمفردها (بدون زوج أو عائل) في سبيل إعالة أسرتها وتوفير حياة كريمة لأطفالها.
ووسط هذه الأجواء الراقية التي تعيشها مصر، وعشية احتفال المجتمع الدولي باليوم العالمي للمرأة، الذي يواكب غدا 8 مارس من كل عام، وفيما تعاني المرأة في كثير من دول العالم وحول مصر من الحرمان من أبسط حقوقها داخل وخارج المنزل، تثبت المرأة المصرية كفاءتها يوما بعد يوم، وأنها جديرة بشغل أعلى المناصب والقيام بأصعب المهام، دون أن يكون ذلك عائقا أمام نجاحها في حياتها الاجتماعية كزوجة وأم.
ويتحول المجتمع المصري من “ثقافة الذكورة والأنوثة”، التي سادت ردحا كبيرا من الزمن، إلى “ثقافة المواطن والمواطنة”، بل وتتراجع معدلات العنف ضد النساء في مصر مع عودة الأمن والاستقرار، وفي ظل ارتفاع نسب التعليم وزيادة عدد الطالبات في المدارس والجامعات، وشغل النساء لكثير من الوظائف التي كانت حكرا على الرجال، وتفوقهن في مجالي التعليم والعمل في مجالات عديدة وانتشار الوعي، وهو ما افرز مواطنة مصرية جديدة تقتحم الصعاب، ولا تعرف الخوف والخجل، وتدافع عن حقها في الحياة وتوجه التحديات بكل ثقة وثبات.
وتشارك كثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية في مصر، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الثقافة، المجتمع الدولي احتفاله باليوم العالمي للمرأة من خلال إقامة ندوات وأمسيات ثقافية وفنية تشارك فيها المرأة بنصيب الأسد سواء من خلال ما تطرحه من موضوعات وأسئلة ومداخلات حول قضايا “المرأة والأسرة والمجتمع” أو ما تقدمه من إبداعات فنية وأدبية، واستعراض لما حققته من إنجازات حقيقية في خدمة الوطن.
وقد سبق الإسلام في الاحتفاء بحقوق المرأة منذ اكثر من 1400 عام، حيث أَوْلَ الإسلامُ المرأة اهتماماً كبيراً، كما يتضحُ من خلال كثير من آيات القرآن الكريم التي أرست قواعدَ الرحمة والمساواة في التعامل مع المرأة بعد الظلم والاضطهاد الذي كان يقع عليها قبل الإسلام، ونزول سورة كبيرة في القرآن الكريم باسم “النساء”. وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة كقول المصطفى صلى الله عليه وسلم “النساء شقائق الرجال”، ووصيته الشهيرة قبل موته “استوصوا بالنساء خيرا..”، وحسن معاملة ومعاشرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام لأزواجهن وبناتهن. وقولُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: “والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء أمراً.. حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم”.
والمتأمل في الشريعة الإسلامية يجدُها صانت ما للمرأة من حقوقٍ ابتداءً من الحفاظ على حقها في الحياة، محارباً عادةَ وأدِ البنات التي كانت سائدة في الجاهلية، ثم حثت على رعايتها وهي طفلة إلى امرأة ثم في مرحلة الشيخوخة، وكذلك المتأمل للسيرة النبوية الشريفة يجدُها جاءت مبينةً ومفصلة لتلك الحقوق الممنوحة للمرأة في ظل الإسلام، وهكذا جاء الإسلام بما يحفظ للمرأة قدرَها بعد أن كانت لا قدر لها، ومن العزة للمرأة في الإسلام أنه لم يأتِ أي من الشرائع الأخرى ولا حتى القوانين المتعددة سواء شرقية أو غربية، لم يأت أي منهم بما جاء به الإسلام.
وفي العصر الحديث يفسر البعض الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، على أنه جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، والذي عقد في باريس عام 1945. ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، فيما يرجح بعض الباحثين أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة.
ويرفع العالم، في اليوم العالمي للمرأة هذا العام شعار “نطمح للمساواة.. نبني بذكاء.. نبدع من أجل التغيير”. وتبرز قضايا مُلحّة في هذه الاحتفالية مثل حق المرأة في العمل والتصدي للعنف ضد النساء، ووضعية النساء والأطفال في الحروب، وحقها السياسي وغيرها من المسائل المطلوبة للتقريب بينها وبين الرجل.
وفي بعض الأماكن يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، ويوم الحب. ولكن في أماكن أخرى غالباً ما يصحب الاحتفال سمة سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً. بعض الأشخاص يحتفلون بهذا اليوم بلباس أشرطة وردية.
ويروي المؤرخون انه في 1856 خرج آلاف النساء للإحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.
وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار “خبز وورود”.
وطالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. وشكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة، خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب.
وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كيوم عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة من ذلك، لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى عام 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
وتقام احتفالات كبرى في العديد من الدول للدلالة على الاحترام العام، وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاجتماعية والاقتصادية، والعلمية.. وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)