عقب 10 أيام من المفاوضات، أعلن المبعوث الدولي لسوريا عن تأجيل المفاوضات وسط تفاؤل بعدم وقوع “مفاجآت أو انسحابات”، لكن برغم صمود الهدنة في الداخل السوري، لا تلوح في الأفق مؤشرات واضحة على حدوث تقدم باتجاه التوصل إلى تسوية دائمة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه دي ميستورا، أن هدفه هو التوصل إلى اتفاق حول انتقال سياسي في سوريا، إلا أنه على الرغم من نجاحه في منع وفد الحكومة والمعارضة من الانسحاب من المفاوضات غير المباشرة، لم يتمكن من تحقيق تقدم يذكر لحملهم على الدخول في محادثات مباشرة أو مناقشة خطة الانتقال السياسي التي تبناها مجلس الأمن.
وأعلن دي ميستورا، أمس الخميس، عن تأجيل المحادثات وحدد التاسع من أبريل موعدا لاستئناف المفاوضات، والتقى بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة السورية مع المبعوث الدولي في اليوم الختامي للمفاوضات لكنه لم يعقد مؤتمر صحفيا قبل مغادرة جنيف.
وردا على سؤال له حول التقدم في المفاوضات، قال الجعفري، إن المناقشات بين الجانبين لا تزال دائرة حول عدد من القضايا التي طرحت في بداية المحادثات في 14 مارس.
وقال الجعفري، بحسب وكالة أنباء سانا السورية الرسمية: “للمرة الأولى كنا قادرين على الخروج من المأزق، وربما رمزيا وربما أكثر قليلا من حيث الجوهر، لكننا لم نتطرق بعد إلى القضايا الجوهرية”.
أما جورج صبرا، عضو الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارض، أشار أمس الخميس إلى أن فريقه ملتزم باستئناف المفاوضات، مشيرا إلى أن “التقدم في المحادثات صعب لكننا سنخوض هذه المعركة، كما خضنا الحرب”.
وكحال المحادثات السابقة، لا يزال مصير الأسد أبرز النقاط العالقة، ودي ميستورا يصف الانتقال السياسي بـ “أم كل القضايا”. فيما يؤكد مسؤولو دمشق، الذين حولت الحملة العسكرية الروسية دفة القتال لصالحهم، أن أي حديث حول رحيل الأسد خلال الفترة الانتقالية ترعاها الأمم المتحدة «خط أحمر».
إلا أن سحب روسيا المفاجئ لغالبية قواتها أوائل الشهر الجاري كان مؤشرا على توقع موسكو دخول الحكومة السورية في محادثات سلام جادة.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن الإنجاز الرئيسي الذي شهدته الأسابيع الأخيرة كان “وقف الأعمال القتالية” الذي تم بموافقة روسية -أمريكية والذي أدى إلى انخفاض كبير في أعمال العنف ووقف معاناة ملايين السوريين لا يزالون داخل البلاد، إلا أن المحادثات أكدت أن التوصل إلى حل أكثر ديمومة لا يزال هدفا بعيد المنال.
فقد التزم الجعفري، رئيس الوفد السوري وسفير دمشق في الأمم المتحدة، بالخط الحكومي بأن الحرب ضد الإرهاب أولوية.
في سياق ذي صلة، كانت هجمات بروكسل التي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها تذكيرا قويا بقدرة الجماعة المتطرفة على الوصول إلى ما هو أبعد من ساحات القتال في سوريا، وقال دي ميستورا للصحفيين الاربعاء إن مكافحة الارهاب يمثل أولوية، ولكن “أولى هذه الأولويات” دحر الإرهاب وإيجاد حل سياسي في سوريا.
وقبيل انطلاق محادثات بروكسل عزف مبعوث سوريا على وتر مخاطر الإرهاب، وجاءت التفجيرات لتعزز من تلك الرواية، وتحول الأضواء عن التعنت السوري تجاه عملية الانتقال السياسي.
من ناحية أخرى، أصدر مكتب دي ميستورا وثيقة تتألف من 12 نقطة، يأمل أن تشكل أرضية مشتركة بين الجانبين للانطلاق منها بينها التأكيد على وحدة الأراضي السورية وإعادة بناء مؤسسات الدولة ورفض الإرهاب وإعادة بناء الجيش وتمهيد الطريق أمام عودة اللاجئين، كما تقدم فرصة للجانبين لدراستها خلال توقف المفاوضات ووضع استراتيجية للجولة القادمة، إلا أن أهم ما يميزها هي تحاشيها لقضية مستقبل الأسد.
وتدور التساؤلات الآن حول ما إذا كان مبعوثو الأسد سيتلقون تعليمات خلال فترة التوقف هذه بالتخلي عن القضية قبل استئناف المفاوضات أم لا، وما إذا كانت روسيا قادرة أو ستضغط على الرئيس السوري للقيام بذلك.
وتعتزم حكومة الأسد إجراء انتخابات برلمانية في 13 أبريل، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، في خطوة يعتبرها الغرب محاول مصطنعة لإظهار الديمقراطية في بلد، لا يملك سيطرة كاملة عليه، وهو ما تصفه المعارضة بـ “الانتخابات الهزلية”.
المصدر: وكالات