أذعن نوري المالكي اخيرا لضغوط من داخل العراق وخارجه يوم الخميس وتنحى عن منصبه كرئيس للوزراء مما يمهد الطريق لحكومة ائتلافية جديدة يأمل العالم والقوى الاقليمية أن تتمكن من وقف تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يهددون بغداد.
وأنهى المالكي ثمانية أعوام من حكمه وأيد تعيين حيدر العبادي خلفا له وذلك في كلمة تلفزيونية كان يقف خلالها بجانب العبادي وتحدث فيها عن التهديد الخطير الذي يمثله متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على مناطق كبيرة في شمال العراق.
وقال المالكي “أعلن امامكم اليوم ولتسهيل سير العملية السياسية ولتشكيل الحكومة الجديدة سحب ترشيحي لصالح الاخ الدكتور حيدر العبادي وكل ما يترتب على ذلك حفاظا على المصالح العليا للبلاد.”
وقال “لقد استبعدت منذ البداية خيار استخدام القوة لعدم ايمانى بهذا الخيار الذى لاشك فى انه سيعيد العراق الى عهود الدكتاتورية والقمع والاستبداد الا فى مواجهة الارهاب والارهابيين والمتجاوزين على ارادة الشعب ودمه ومصالحه.”
إعلان المالكي سيرضي على الأرجح الأقلية السنية التي هيمنت على العراق خلال حكم صدام حسين لكنها تعرضت للتهميش على يد المالكي الذي كان شخصية غير معروفة نسبيا عندما تولى السلطة عام 2006 بدعم أمريكي قوي.
وقاوم المالكي على مدى شهور ضغوطا من السنة والأكراد وبعض اقرانه الشيعة وإيران والولايات المتحدة للتنحي. وكان يصر على حقه في تشكيل حكومة جديدة وفقا لنتائج الانتخابات البرلمانية التي اجريت في اواخر ابريل نيسان.
وأثار تشدد موقفه المخاوف من حدوث صراع عنيف على السلطة في بغداد. ولكن مع تراجع التأييد له بشكل واضح أبلغ قادته العسكريين بالابتعاد عن السياسة.
وأعلن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي تأييده الشخصي للعبادي ونأى بنفسه عن المالكي.
وأشادت مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس بقرار المالكي دعم العبادي وأشارت إلى تعهد قطاع واسع من الزعماء من مختلف انحاء الطيف السياسي العراقي بمساعدة العبادي في تشكيل حكومة لا تقصي أحدا.
وقالت رايس في بيان “هذه تطورات مشجعة نأمل في ان تضع العراق على مسار جديد وتوحد شعبه ضد التهديد الذي يمثله (تنظيم) الدولة الإسلامية في العراق والشام..ستظل الولايات المتحدة ملتزمة بشراكة قوية مع العراق والشعب العراقي.”
ووصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قرار المالكي بانه “مهم وجدير بالاحترام” وقال إن “الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد للشراكة مع حكومة جديدة لا تقصي أحدا لمواجهة هذا التهديد” من الدولة الإسلامية.
رحب الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون بقرار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التنحي عن منصبه وبتعهده بدعم حيدر العبادي خلفا له.
وقال المكتب الاعلامي لبان في بيان “يتطلع (بان) إلى التشكيل السريع لحكومة موسعة وشاملة.”
وقال مسؤول أمريكي إنه فور أن خلص العراقيون أنفسهم إلى ضرورة رحيل المالكي حثت واشنطن الساسة العراقيين على اتخاذ خطوات مثل التصديق على نتائج الانتخابات واختيار رئيس للوزراء لكنه أضاف انها لم تؤيد ترشيحات معينة.
وينظر إلى العبادي على انه شيعي معتدل ولديه فرصة جيدة لتحسين العلاقات مع السنة. لكنه يواجه تحديا يتمثل في ايقاف تقدم مسلحي الدولة الإسلامية الذين اجتاحوا مناطق كبيرة من العراق.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الخميس إن القوات الأمريكية التي كانت تنوي اجلاء لاجئين من شمال العراق غادرت المكان بعد أن أدت الغارات الجوية الأمريكية واسقاط المساعدات إلى كسر “الحصار على جبل سنجار” الذي لجأ اليه الالاف من افراد الأقلية اليزيدية هربا من المتشددين.
وقال أوباما إن بعض الأمريكيين الذين أرسلوا إلى هناك لاعداد خطط لاجلاء اليزيديين سيغادرون العراق قريبا.
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على اجزاء كبيرة من سوريا واستغل مكاسبه في سوريا والتوتر الطائفي في العراق للسيطرة على الفلوجة والرمادي عاصمة محافظة الانبار في وقت سابق هذا العام.
وعلى عكس تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن الذي وضع عينه على تدمير الغرب فتنظيم الدولة الاسلامية له أهداف تتعلق بالأراضي ويرمي الى اقامة خلافة اسلامية ويستشيط غضبا من اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916 بين بريطانيا وفرنسا التي قسمت الامبراطورية العثمانية ورسمت الحدود الحالية بين الدول العربية.
المصد: رويترز