اختتم المؤتمر العالمي السادس للأمانةِ العامَّةِ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالمِ اليوم الثلاثاء فعالياته تحتَ عُنوانِ “مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون”، بالإعلان عن مجموعةٍ مِنَ التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَ إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ وكما أعلنها البيان الختامي للمؤتمر منها تثمين المُؤتَمَر جهود الأمانةِ العامةِ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ لدعم التعاون والتكامل بين مؤسسات الإفتاء، ويقدِّر سبقها لإبراز أهمية التحول الرقمي في المؤسسات الإفتائية.
وأكد المؤتمر البيان الختامي تدعيم المؤتمر -بقوة- ما صدر عنه من مبادرات فعالة بإصدار وثيقة التعاون والتكامل الإفتائي، وإطلاق مركز سلام لدراسات التطرف وإطلاق التَّطْبِيقِ الإِلِكْتُرُونِـيِّ العَالَـمِيِّ لِلْفَتَاوَى FatwaPro، داعيًا جميع الأطراف المعنية لتفعيل هذه المبادرات على كافة الجهات.
وأشاد البيان الختامي للمؤتمر بالجهود المبذولة من قِبَل الدول والمؤسسات للتعاون والتكامل في مجال الإفتاء باعتباره الأسلوب الأمثل لاستثمار رسالة الفتوى والإفتاء للصالح الإنساني، ويؤكد أنه لا سبيل إلى تطوير الإفتاء ونشر رسالته العالمية الداعية إلى وحدة البشرية في مواجهة الجوائح والأزمات العالمية إلا بالتعاون والتكامل بين جميع الأطياف في ظل المبادئ والقيم والأهداف المشتركة؛ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: 2].
ولفت البيان الختامي للمؤتمر النظر إلى الإشادة بكافة الجهود التي بُذِلَت على مستوى العالم الإسلامي وعلى النطاق الوطني لتطبيق الاجتهاد الجماعي واقعيًّا، ويؤكد أن معرفة وإدراك حكم القضايا الشائكة والنوازل المعقدة التي تكتنف الحياة المعاصرة لا تتأتى إلا بالتحلي بقسط وافر من التأني والتأمل والتشاور الفقهي، وهي أمور لا تتحقق بالشكل المرضي إلا عن طريق هذا النوع من الاجتهاد، ويشير إلى أن ما بُذل من جهود إعمال الاجتهاد الجماعي على مستوى العالم الإسلامي لا يزال يحتاج إلى دعم كبير.
ودعا المؤتمر دور الإفتاء وهيئاته ومؤسساته إلى العناية بلجان الإفتاء الجماعي وإشراك المتخصصين في سائر العلوم كلٍّ في النازلة التي تتعلق بتخصصه، كما دعا جميع الدول الأعضاء بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والمجامع الفقهية والهيئات الدينية إلى تبادل الخبرات في مجال الفتوى والإفتاء، واعتبار وثيقة التعاون والتكامل الإفتائي خارطة طريق لذلك.
وشدد المؤتمر على الحفاظ على مُقدَّرَات الدول وأمنها القومي، واعتبار أن أي تهديد لهذه المقدَّرات يُعدُّ تهديدًا للسلم العالمي، مؤكدًا على أهمية استخدام التقنية الرقمية في مؤسسات الفتوى والإفتاء لما يترتب عليه من تقليل الوقت واختزاله وتقليل مساحات التخزين وضبط الفتوى لدى المؤسسات.
وحثت الأمانة كما جاء في البيان الختامي دُورَ الفتوى وهيئاتِها ومؤسساتِها على الاستفادةِ مِنَ الوسائلِ التكنولوجيةِ الحديثةِ وتطبيقاتها الذكية، سواء في الإفتاء أو في إدارة المؤسسات الإفتائية أو في مواجهة الأفكار المتطرفة.
وأكد المؤتمر على أهمية بناء القدرات العلمية والرقمية للمتصدرين للفتوى وضرورة تعاون المؤسسات المختلفة في هذا الشأن لما له من أهمية في عالم ما بعد كورونا.
وأوصى المؤتمر بإنشاء وحدة مخصَّصَة للتحول الرقمي تابعة للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم يكون دورها تقديم الدعم التكنولوجي والرقمي لمؤسسات الفتوى على جميع المستويات المادية والبشرية والتحسين المستمر للآليات والبرامج الإلكترونية المتعلقة بالفتوى والإفتاء ومتابعة المستجدات العالمية في هذا الشأن والاستفادة بها.
ودعا المؤتمر سائر المستفتين إلى الاستفادة بمنصات الإفتاء الإلكترونية التي توفرها المؤسسات الإفتائية كبديل مناسب في ظل هذه الجائحة.
كما جدد المؤتمر دعوته للجهات والمؤسسات المعنية إلى النظر بشكل جدي لما يحدث في مناطق الصراع في العالم والسعي الجاد إلى اجتثاث جذور التصارع والاحتراب، ووقفها، وبالأخص ما يتذرع بحجج دينية أو مذهبية ليس لها أساس من الصحة.
وقد أوصى المؤتمر الباحثين وطلاب الدراسات العليا في الدراسات الشرعية والاجتماعية والإنسانية بالرجوع إلى الإصدارات النوعية التي أنتجتها الأمانة العامة والتفاعل معها وإثرائها بالنظر والدراسة.
ووجهت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كما أعلنها البيان الختامي توصية لجموع المسلمين؛ بل أوصت كل عاقلٍ؛ أن يلتزم في هذه الفترة العصيبة بالإجراءات الاحترازية التي يقررها وطنه؛ حتى تتجاوز الإنسانية هذه الجائحة بأمن وسلام.
ودعا المؤتمر “منظمة الأمم المتحدة” إلى اعتبار الخامس عشر من أكتوبر يومًا عالميًّا للإفتاء، كما دعت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كافة الدول والمنظمات إلى وضع آليات لإدارة عالم ما بعد كورونا؛ بحيث تشمل تطوير نُظُم العمل التقليدية القائمة على حضور العنصر البشري، وتطوير بيئة العمل المرتبطة بالمكان ما أمكن؛ وذلك بالاستفادة من التطور الرقمي الهائل، وتشمل كذلك استشراف المشكلات العامة التي تهدد الإنسانية والإعداد لمواجهتها، ومراجعة كل دولة ومنظمة ومؤسسة لاحتياجاتها وفائضها من الموارد البشرية والتعاون فيما بين الجميع في سد الاحتياجات الوطنية ودعم الاحتياجات العالمية؛ كل ذلك في إطار من السلم والأمن والمحبة والوئام.
واختتم فضيلة لدكتور شوقي علام البيان الختامي بإعلانه توجَّه المُجْتَمِعينَ بالشكر والتقديرِ إلى فَخَامةِ السيدِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي -رئيسِ جمهوريةِ مصرَ العربيةِ- لِرعَايتِهِ الكريمةِ للمؤتمرِ، وَتَكَرُّمِهِ بِاسْتِقْبَالِ وَفدٍ من أبرزِ المشاركينَ في المؤتمرِ وشْكُرُه على ما أظهَرَهُ من تقديرٍ لجهُودِهم ودعمِه الكاملِ لمسارِ المؤتمرِ مُتمَنِّينَ لِمِصْرَ -كِنَانَةِ اللهِ في أَرْضِهِ- كلَّ التوفيقِ والنجاحِ في أداءِ دَوْرِهَا الرائدِ في كافَّةِ المجالاتِ.
المصدر: بيان من دار الافتاء