أكد الدكتور محمد مصطفى الياقوتي وزير الأوقاف السوداني الأسبق، أهمية العناية بمقاصد الشريعة في الفتوى، لا سيما في الجوائح.
ونبه الياقوتي – في كلمته أمام مؤتمر الإفتاء – إلى ضرورة التنبه إلى الفرق بين ترتيب المقاصد الإجمالي، والمفاضلة بين تفاصيلها، فضلًا عن مراعاة مقصد حفظ النفس الذي هو أحد الضروريات الخمس، لافتا الى أن ذلك يؤدي بنا إلى نتائج فقهية مهمة.
كما أوصى الياقوتي بضرورة استقراء فتاوى المتقدمين في زمن الجوائح التي بنوها بالأساس على المقاصد، وكذلك النظر في تطبيقات المقاصد الأربعة الأخرى في زمن الجوائح.
واستعرض الياقوتي عدة تطبيقات على مراعاة مقصد النفس في الفتوى في الجوائح منها: تعطيل صلاة الجماعة للجائحة، وهذا لا يتعارض مع اتفاق العلماء على القول بمشروعيتها؛ ولهذا فقد رأت عامة دُور الإفتاء القول بجواز غلق المساجد في ظلال جائحة كورونا مراعاةً لمقصد حفظ النفس، وممن أفتى بذلك: هيئة كبار العلماء بمصر، وهيئة كبار العلماء بالسعودية، وغيرها. ومن أهم مستنداتهم التي رُوي فيها هذا المقصد عمومات الأدلة التي تدل على اليسر ورفع المشقة والترخص؛ كقاعدة: “لا ضرر ولا ضرار”، أو: “الضرر يزال”.
من جانبه، قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي – خلال كلمته بالمؤتمر العالمي السادس لدار الإفتاء – إن موضوع الجوائح يعد من مفردات الفقه المهمة التي يتعين أن تكون العناية بها كافية، لما لها من تفصيلات دقيقة، وتحقيقات أنيقة، وتنزيل مسائله على وقائع الجوائح يحتاج دقة في الفهم وعمقًا في التأصيل، وها هي جائحة فيروس كوفيد 19 المشهورة بـ”كورونا” تعد من أكبر الجوائح التي اجتاحت العالم، فأخرت النمو الاقتصادي، وعطلت مصالح البشر، وأثرت في الالتزامات المنعقدة بين الأفراد والشركات والمؤسسات العامة والمختلطة؛ ما استدعى من فقهاء الشريعة إمعان النظر في مستجدات هذه الجائحة المتعلقة بالحقوق والالتزامات، المتأثرة بالجائحة، وقد كانت العقود عند نشأتها خالية من تصور حدوث الجائحة.
ولفت النظر إلى أن وضع معاملات استثنائية للجوائح أمر دعت إليه الشريعة الإسلامية بنصوص شرعية صريحة، واقتضته المقاصد الكلية، والقواعد العامة؛ لأن وضعها يحقق العدالة بين المتعاملين، فضلًا عن أن نظرية الظروف الطارئة مستمدة من الشريعة الإسلامية، ومن اتفاق الفقهاء قديمًا وحديثًا.
وأضاف الحداد أن فيروس كوفيد 19 المشهور بكورونا يُعد جائحة عالمية؛ حيث عمَّ بلدان العالم كلها، واقتضى ذلك أن يطبق عليه مبدأ وضع الجوائح، ونظرية الظروف الطارئة.
وقال الدكتور محمد البشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة – خلال كلمته بالمؤتمر العالمي السادس لدار الإفتاء المصرية – إن الحاجة ملحة لإيجاد التناغم المؤسساتي الإفتائي في عصر الرقمنة، يأتي استجابة لتحديات ومتطلبات عصر الحداثة الرقمية، في زمن كسر الحواجز، وتناغم الأفراد في قلب المجتمعات المترامية الأطراف، وبوجود “غليان فكري” يحمل مع أبخرته السوي والمتطرف، وفي وقت يعاني منه العالم من “عجاج” الدخان المنبعث من عوادم الفكر ونتاجاته من إرهاب وتطرف، أصبح لا يخلو يوم من الحديث عن تداعياته، ومظاهره؛ مما يشير بالإبهام للحاجة الماسة لاتجاه عقلاء هذه الأمة، من خلال علمائها الثقات نحو “غربلة” الجهات، والأصوات، خروجًا بكل نقي خالٍ من الشوائب الفكرية، وساعٍ لاغتنام فرصة التطورات والتحولات في نشر الفكر القويم، وبث شعاع الرسالة الإسلامية الراقية السمحة، وتفويت الفرص على كل خطاب “مستدين”، ينطلق من منابر وهمية، و كفاءات هشة.
المصدر: أ ش أ