كشف معرض الشارقة الدولى للكتاب ، عن 42 مجلداً من مجلدات المصاحف المملوكية النادرة، التى تعرض للمرة الأولى خارج مصر، فى إطار التعاون بين دار الكتب والوثائق القومية بوزارة الثقافة المصرية، واحتفاءاً باختيار الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014.
وشهدت هذه المجموعة النفيسة من المصاحف التى ترجع إلى الفترة الممتدة بين عامى 726 و814 هـ/ 1325-1411م، وتعرض حالياً فى مركز اكسبو الشارقة ضمن فعاليات رمضان الشارقة، والذى افتتحه حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، اهتماماً كبيراً من المؤرخين والباحثين والمثقفين والجمهور لما تحمله من قيمة تاريخية فريدة، ولكونها تعرض للمرة الأولى خارج حدود الدولة المصرية، كما أنها لم تعرض على الجمهور مجتمعة ولو لمرة واحدة حتى فى مصر نفسها، وهو ما دفع منظمة اليونسكو إلى ضمها مؤخراً لقائمة التراث الإنسانى العالمى.
وقال أحمد بن ركاض العامرى، مدير معرض الشارقة الدولى للكتاب، “يقام هذا المعرض الخاص بالمصاحف المملوكية بتوجيهات ورعاية كريمة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ضمن احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية، وبالتوازى مع إقامة معرض الكتاب الإسلامى، لنكشف من خلاله عن أحد الكنوز الإسلامية النادرة التى تعرض للمرة الأولى خارج مصر، ونسهم فى تعريف الجمهور على جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية الغنية بالتفاصيل الفنية والقيم الجمالية”.
وأشار إلى أن المعرض يتضمن مجموعة من مجلدات المصاحف المملوكية النادرة، التى تعكس قسطاً كبيراً من الثراء والعناية الفائقة بالخطوط والتزيين والتذهيب، حيث تتميز هذه المصاحف بتنوع خطوطها بين الثلث والكوفى والريحانى وغير ذلك من أنواع الخطوط العربية الشهيرة، كما كتبت بالمداد الأسود، وبعضها يتضمن كتابات مذهبة، مع العناية بإخراج أوائل السور بالزخارف والألوان، فى الوقت الذى اهتم فيه المشتغلون بإنتاج هذه المصاحف وإبداعها بفواصل الآيات وعلامات الأجزاء والأحزاب والأرباع والأعشار وجعلها محلاة بالذهب واللازورد، كما أن صفحات المصاحف نفسها ظهرت فى الغالب مجدولة بماء الذهب.
من ناحيتها قالت هند عبد الله لينيد، رئيس قسم المعارض فى معرض الشارقة الدولى للكتاب: “نحرص على إقامة المعارض النوعية والتخصصية للنفائس والذخائر الإنسانية العاكسة للموروث الحضارى والإنسانى الغنى، فى بلاد العالم الإسلامى، والتى من شأنها أن تضىء على المناطق المتميزة فى مساحة الحضارة الإسلامية المترامية الأطراف على المستويين المكانى والزمانى، ومعرض المصاحف المملوكية فى مصر هو واحد من بين هذه المعارض الكبرى التى تستضيفها الشارقة إيماناً منها بالمستوى الإبداعى الراقى والمتطور الذى امتازت به نتاجات المماليك فى مصر خلال القرنين الثامن والتاسع الهجريين”.
وأكدت لينيد أن اللافت فى هذه المصاحف النادرة التى تعرض فى الشارقة، أنها ما زالت تحتفظ إلى حد كبير برونقها وجمالها، خاصة تلك الصفحات المذهبة والمزودة باللازورد والألوان المشرقة التى تتجلّى فى كثير من الصفحات والوحدات الزخرفية التى تتصدر المصحف وتتوزع عبر صفحاته وهوامشه مشتملة على أسماء السور وفواصل الأجزاء والأرباع والسجدات. مضيفة أن الأحجام الضخمة التى تتميز بها بعض المصاحف والتى يتجاوز طول صفحات بعضها المتر الواحد، تعكس الجهد الكبير المبذول فى نسخ وإنتاج وتوشية هذه المصاحف بماء الذهب والأحبار والألوان الثرية.
والمصاحف التى يتضمنها المعرض تم وقفها من قبل مجموعة من الأمراء والسلاطين وأكابر القوم فى فترة حكم الدولة المملوكية فى مصر، والذين حرصوا على ترك آثار خالدة تفخر بها الأجيال المتعاقبة على مر الزمان، ومن أبرز هؤلاء السلطان الملك الأشرف أبى المظفر شعبان بن حسين بن الناصر محمد قلاوون، والسلطان برقوق، والسلطان أبى النصر شيخ، والملك الناصر فرج، والأمير صرغتمش، والسيدة خوند بركة والدة السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد قلاوون.
وساهم فى كتابة هذه المصاحف الشريفة ونسخ عدد منها الخطاط المشهور عبدالرحمن بن الصائغ، والخطاط على بن محمد المكتب الأشرفى، والخطاط يعقوب بن خليل بن محمد بن عبدالرحمن الحنفى، كما قام بتذهيب أحدها إبراهيم الآمدى. ويتضح من خلال طريقة كتابتها، وضبط حروفها، وتزيين صفحاتها، الجهد الكبير الذى بذل فيها لتكون نسخاً فريدة فى كل شىء، بما فى ذلك التجليد الفنى الذى برع فيه فنانو تلك الفترة التاريخية المهمة فى الحضارة الإسلامية.
وكان معرض الشارقة الدولى للكتاب قد نظم ثلاث ندوات ثقافية خلال الفترة من 8-10 يوليو الجارى على هامش مشاركته فى معرض رمضان الشارقة، وشارك فى الندوة الأولى التى حملت عنوان “التراث الإسلامى الذى لم يُكتشف”، كلٌ من الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة السابق والدكتور على إبراهيم النملة، وتشارلز بورنيت، وأدارها الدكتور رياض نعسان آغا، فيما شارك فى الندوة الثانية التى تناولت موضوع “المخطوطات تاريخ وحضارة” الدكتور خالد عزب، والدكتور عبد الواحد النبوى، ومايكل هاملتون، وأدارها الدكتور حمد بن صراى، أما الندوة الثالثة فجاءت تحت عنوان “مصادر تسجيل التاريخ”، وشارك فيها الدكتور خالد حربى، والدكتور فالح حنظل، واندرو ريبين، وأدارها أيضاً الدكتور حمد بن صراى.
المصدر : وكالات