القدس من أقدم مدن العالم ، و كانت تسمى ( يبوس ) .. فاليبوسيون هم البناة الأوائل لمدينة القدس ، و هم من بطون العرب الأوائل .
نشأ اليبوسيون في قلب الجزيرة العربية و ترعرعوا في أرجائها و نزحوا مع نزوح القبائل الكنعانية التي ينتمون اليها .
فلسطين أرض كنعان ، والكنعانيون هم أول شعب تاريخي استقر فيها
اليبوسيون العرب هم أول من استوطنوا القدس ٢٥٠٠ قبل الميلاد وقد ورد اسم يبوس في الكتابات الهيروغليفية المصرية باسم ( يابني ) أو ( يابتي ) و هو تصحيف للإسم الكنعاني ( يبوس ) .
ويعد حصن يبوس أقدم بناء في مدينة القدس وأكثر سكان مدينة القدس الى حين عهد داود هم من اليبوسيين و الكنعانيين و العموريين .
كانت القدس من أهم المدن من الناحية الجيوسياسية و التجارية .. تعمها الخيرات الوفيرة ، فكانت مطمعا لبني إسرائيل عندما خرجوا من مصر وأطلوا عليها وراحوا يغيرون عليها .. لم يتمكن اليهود من السيطرة على القدس إلا عام ١٠٤٩ قبل الميلاد ، فدخلوها بغزو و لم يكونوا من أهلها .
بالرغم من سيطرة اليهود على القدس سنة ١٠٤٩ قبل الميلاد ، إلا أنهم لم يتمكنوا من طرد اليبوسيين منها ، فبقوا فيها بالرغم من صعوبة الظروف و قد اعترفت التوراة بذلك صراحة .
استمرت سيطرة اليهود على القدس من عهد داود الى أن دخلها نبوخذ نصر فاتحا سنة ٥٨٦ قبل الميلاد ، فدمرها و نقل اليهود أسرى الى بابل ، و لم يرجع اليهود للقدس إلا بعد استيلاء الفرس على فلسطين حيث سمح كورش الملك الفارسي لليهود بالعودة و أمر ببناء الهيكل في ٥٣٨ قبل الميلاد . ( كورش الكبير الذي حكم فارس من 559 إلى 530 ق م تقريباً)…
بقيت القدس تحت الحكم الفارسي الى أن دخلها الإسكندر المقدوني في ٣٣٢ قبل الميلاد ومن بعدها تنقلت السيطرة على القدس بين البطالمة و السلوقيين .
حوالي سنة ١٦٥ قبل الميلاد قام الملك السلوقي أنطيو خوس الرابع بتدمير الهيكل و إرغام اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية ثم
اندلعت ثورة اليهود و نجحوا في السيطرة على القدس من سنة ١٣٥ قبل الميلاد حتى سنة ٧٦ قبل الميلاد .
بعد فترة استولى الرومان على فلسطين و دخل القائد الروماني بومبي للقدس سنة ٦٣ قبل الميلاد . و قد سمح الرومان لليهود بشيء من الحكم الذاتي و نصبوا سنة ٣٧ قبل الميلاد هيرودس ملكا .
اعتنق هيرودس اليهودية و ظل يحكم باسم الرومان منطقة الجليل و بلاد يهوذا حتى السنة الرابعة للميلاد .
وفي سنة ٧٠ ميلادي قامت ثورة لليهود على الرومان فاحتل الإمبراطور نيرون القدس و حرق الهيكل و فتك باليهود ، و لما قامت ثورة ثانية لليهود في ١٣٢ ميلادي أخمدها الإمبراطور هادريانوس .
بعد قضاء هادريانوس على ثورة اليهود خرب القدس و أسس مكانها مستعمرة رومانية يحرم على اليهود دخولها ولما اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية أعاد الى المدينة اسم أورشليم و قامت والدته ببناء الكنائس فيها وأخذت المدينة الطابع المسيحي وظلت تحت سيطرة الروم لحين الفتح الإسلامي .
دخل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه القدس سنة ١٥هجري ٦٣٦ ميلادي وأعطى الأمان لأهلها و عقد العهدة العمرية الشهيرة، وعاد الى القدس طابعها العربي و أصبحت من حواضر الدولة الإسلامية . و استمر ذلك ما عدا الفترات التي سيطر فيها الفرنجة على القدس في الحروب الصليبية المشهورة .
حرر المسلمون القدس من الصليبيين ، و بقيت القدس تحت الحكم الإسلامي الى قيام الكيان الصهيوني اللقيط بالسيطرة على القدس بالقوة العسكرية الغاشمة .
ومما سبق نرى الحقائق التالية
أولا- القدس مدينة كنعانية عربية أسسها اليبوسيون العرب و سكنوا فيها آلاف الأعوام .
ثانيا – لم يكن لليهود أي وجود في القدس وإنما دخلوها غزاة و سيطروا عليها بالقوة و أقاموا مملكتهم على أرض محتلة .
ثالثا – الفترة الزمنية التي حكم فيها اليهود القدس وأراض فلسطينية كمحتلين ليست سوى فترة زمنية محدودة بالقياس الى عمر المدينة التاريخي .
بعد كل ذلك السرد التاريخي يتضح بما لا يقبل الجدل أن القدس للعرب وللفلسطينيين ، وليس لليهود حق تاريخي فيها حيث لم تكن سيطرة اليهود على القدس قديما و حديثا إلا بوصفهم غزاة محتلين يقيمون حكمهم بالقوة العسكرية .
ومن طرائف الأمور أن القدس تاريخيا مقبرة اليهود ومركز الإجهاز عليهم .