مع فشل الاستراتيجيات التي اتبعها التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش المتطرف في سوريا والعراق طيلة الأشهر الماضية، وطول عمر أمد الصراعات الميدانية بين التنظيم وفصائل المعارضة دون نتيجة تذكر، وجد التحالف في الأكراد ذراع قوة على الأرض، يعتمد عليها في التصدي للتنظيم ميدانيا، الأمر الذي أثار حوله التساؤلات.
وكان للبشمركة الكردية في العراق، دورا كبيرا في إحراز تقدم ميداني واستعادة أراضي من داعش، كما هو الحال في سوريا الآن، حيث تخوض قوات تعرف بـ “سوريا الديمقراطية” معارك ضد التنظيم، وهي ميليشيات كردية مدعومة من قبل أميركا.
وعن السبب الذي دفع الغرب للاعتماد على الأكراد في الحرب ضد داعش، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان إن “القضية” التي يتبناها الأكراد، وسعيهم المستمر لبناء دولة أو إقليم مستقل لأنفسهم، جعل من السهل على أى دولة كبرى أن تقدم وعودا بمساعدتهم على تحقيق طموحاتهم، لتحقق هي الأخرى مساعيها.
وأضاف : “الأكراد لا يمثلون مشروع حكم لسوريا بأكملها، أو بديلا للنظام السوري، وبالتالي فإن هذا يزيل أى اتهام قد تتعرض له الدول الكبرى نتيجة الاعتماد عليهم”.
وأوضح أن عدم وجود قوات برية للولايات المتحدة أو غيرها من دول التحالف، في سوريا، جعل من مصلحتها الاعتماد على الأكراد، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذه “مجرد ذريعة”، لأن هناك فصائل معارضة مسلحة أخرى في سوريا أرادت التعاون مع أميركا، لكن هي الأخرى “كانت تسعى لأجندات معينة أو للتأثير على الحل السياسي في البلاد”.
وأشار بدرخان إلى أن اعتماد الغرب على الأكراد بشكل أساسي في الحرب ضد التنظيم المتطرف، قد يكون له عواقب وخيمة، تتمثل في “التلاعب بالحل السياسي للأزمة وجعل السوريين يتوجسون من هذا التعاون وأهدافه، خاصة وأن ميليشيا سوريا الديمقراطية ليست عربية كردية، وإنما هي كردية بالأساس وتضم أقليات أخرى”.
كما أن مثل هذه الميليشيا الكردية في سوريا، قد تخلق “صراعا كرديا عربيا” في المستقبل، بسبب الممارسات العنصرية التي ترتكبها بحق السكان، كما حدث في تل أبيض على سبيل المثال، وهي انتهاكات وثقتها منظمات حقوقية دولية، بحسب بدرخان.
من جانبه، رأى الأكاديمي والباحث في الشؤون الاستراتيجية، خالد الفرم، أن “إعادة رسم وصياغة المنطقة كان هدفا أساسيا للمشاريع الدولية في الإقليم، التي تعتمد على العرقيات والإثنيات”.
وقال الفرم : “الأكراد في سوريا ليسوا جميعا سواء، فهناك مجموعتين، الأولى هي مع حقوق الشعب السوري المشروعة، وتدعم تطبيق مقررات جنيف وغيرها من القرارات الدولية، أما المجموعة الثانية فهي تلك التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتنفذ استراتيجية إيران وروسيا، وهي التي تحاول أن تلعب دورا لإعادة صياغة المنطقة”.
وتابع: “إن المشروع الروسي السوري، يسعى لإنشاء كيانات جديدة في سوريا، مثل الكيان الكردي، وهو مشروع أصبح يهدد دولا أخرى مثل تركيا”.
واعتبر الفرم أن اعتماد أميركا والتحالف على الأكراد في محاربة داعش، لن ينجح، لأن الحل يكمن في مواجهة الفكر المتطرف الذي ينشره التنظيم بين الأجيال المختلفة، خاصة فئة الشباب، لافتا إلى أنه “يصعب القضاء على التطرف بسوريا دون إعطاء الشعب حقوقه”.